بعد نشرها "غادتى الحبيبة".. هل تكشف غادة السمان عن رسائل نزار قبانى؟
منذ سنوات، أثارت الأديبة السورية البارزة غادة السمان عاصفة من الجدل في الأوساط الثقافية بعد أن نشرت رسائل خاصة وحميمة كان قد أرسلها إليها اثنان من كبار الكتاب والأدباء الراحلين، وهما: غسان كنفاني وأنسي الحاج، والتي عبر فيها الاثنان عن مشاعر حبهما وتعلقهما بغادة السمان.
كان مبعث الجدل كامنًا في أن الكتابين ضما فقط الرسائل إلى غادة ولم يتضمنا أية رسالة أرسلتها هى ردًا على الكاتبين، وهو ما عدّه كثير من القراء انتهاكًا لخصوصية الراحلين فيما اعتبرته الكاتبة حفاظًا على الإبداع قائلة: "لن أحرق يومًا سطرًا مبدعًا، حتى لو كان ذلك غير مستحبّ في أدبنا العربي".
رسائل الشاعر السوري نزار القباني
منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، أعلنت السمان عن عزمها على نشر رسائل الشاعر السوري نزار القباني إليها، إذ قالت، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "سأنشر رسائل نزار قباني لي، فقد قررت منذ أعوام نشر رسائله، وسأفعل".
وتابعت: "طلبت من الشاعر حافظ محفوظ رئيس تحرير مجلة "الحصاد" اللندنية، والصديق المشترك لي ولابنة نزار الكبرى الراحلة هدباء، التوسّط لأحصل على رسائلي إليه لنشرها معًا، ولم أطلب ذلك من هدباء مباشرة كي لا أحرجها لما بيننا من صداقة طويلة، لكنها ردّت على حافظ يومها، بأنها لم تجد رسائلي بين أوراق نزار، وبالتالي سأنشر رسائله لي من دون رسائلي إليه".
قصيدة نزار قباني
وعاودت السمان الحديث أمس عن قضية نشر الرسائل، فكتبت إلى متابعيها: هل أنشر لكم رسائل نزار قباني لي؟ لم أقرر بعد!
وأضافت: "كنت أتمنى نشر قصيدة نزار قباني في رثاء أمي كمقدمة لكتاب الرسائل، وبالذات لأنها غير منشورة من قبل؛ أي أنها قصيدة نادرة، كما كنت أنوي نشرها بخط يده، وسبق عام 2010 نشرها في مجلة "الحوادث" المتوقفة عن الصدور، لكنني لا أظن أنني سأنشر رسائله لي دون رسائلي إليه، والإغراء الوحيد هو نشر هذه القصيدة الرائعة كمقدمة للكتاب، إذ لا يجوز أن تضيع مع الزمن. وحتى الآن لم أقرر ما الذي سأفعله. هل أنشر قصيدة نزار في رثاء أمي ثم رسائله لي؟ لا أدري بعد".
نزار قباني في رثاء والدة غادة السمان
وفي منشور تال نشرت السمان مقاطع من قصيدة نزار قباني كتبها في رثاء والدتها في حفلها التأبيني، وهى غير منشورة في كتبها أو كتبه:
وجاءت القصيدة كالتالي: بعد عينيك مات حلو رنيني/ والغنوج الممراح من تلحيني/ إيه سمرائي الشهيدة، لم أخلفت وعدي/ والعهد أن تصدقيني/ وعدنا كان أن ألاقيك في البشر/ فكان اللقاء في التأبين/ في الثلاثين، يوم لفلفك الموت/ عروسًا لم تفرحي بالسنين/ الثلاثون تلك عز الصبيات/ وعز الصبيات وسن الورود/ والياسمين/ مصرع الشيخ يستهان ولكن، لم تهن قط ابنة العشرين/ لي في المخدع الأنيق ليال، ولياليك تشترى بالقرون/ أنت لي تنصتين والناي رجاف/ فندمي بالشعر صدر السكون/ إن للشعر أهله.. كم غبي، كلما قمت منشدًا لا يعيني/ أنا نهر من الحكايا من الرمز وأنت استطعت أن تفهميني.. أنا ابن العشرين، تحت قميصي جسم شيخ مخلع مرصون/ لي وجود من الدخان ووجه، أنت من وهم صورتي لن تريني/ في ثيابي شيخ وما أنا بالشيخ، ولكن تجنى على شجوني/ يأكل الحب صمتي والعذابات/ كذا قد خلقت منذ تكويني/ حفر الدمع في خدودي دروبًا/ وغضون الهوى أشد غضون/ كم حبيب حرسته يسكن الريش المندس على ضفاف جنوني/ لم أزل أصنع المراثي حتى/ صار بي حاجة لمن يرثيني/ يا لياليك في السرير تنوين/ بطعنات مبضع مجنون/ كبر الله، ما تحديته قط/ ففي راحتيه أمر المنون/ غير أن الأعمار ليست ألاعيب على كف أحمق مأفون.
قصيدة غير منشورة لنزار قباني
وفي منشور لاحق، أشارت السمان إلى أن هذه القصيدة غير المنشورة ألقاها نزار قباني في حفل تأبين أمها في مدرج جامعة دمشق، وكانت هي في الرابعة من عمرها آنذاك، وأعطاها والدها لها بخط يد نزار حين كبرت.
واستطردت: فكرت في نشرها كمقدمة لكتاب يضم مراسلاتي مع نزار قباني على مر الزمان.. ولما كانت ابنة نزار "هدباء" صديقتي، شعرت بالحرج من طلب رسائلي إلى نزار لنشرها مع رسائله في كتاب يضم مراسلاتنا. ولذا، كلفت صديقنا المشترك حافظ محفوظ بأن يفاتحها بذلك.. وقالت له إنها لم تجد رسائلي بين أوراق نزار.. ولم ألح عليها أو على حافظ محفوظ.. ورحلا (رحمهما الله) ورسائل نزار ما زالت عندي، لكن رسائلي له لا أدري أين هي.
ونشرت السمان مقاطع أخرى من القصيدة جاء فيها: إيه.. يا غادتي الحبيبة أنت العمر/ أنت الأضواء تهدي عيوني/ غادتي، إن تلك الأمومة دين، بدم الأم، أنت ديري ودَيني/ انشري لي ضفيرتين تنوسان/ أداعبهما فقد حان حنيني/ لن تريني غدًا لأضفر هذي الخصل السمر في يدي.. لن تريني/ من يلف الحرير في شعرك الطفل/ ويطليه بالشذى والدهون/ قربي من فمي.. فما يخجل الورد/ صغير التدوير والتكوين/ والثمي أمك الجريحة بنيتي/ فغدًا لن أعيش كي تلثميني.