أسبوع الخسائر السويدية
خسائر متتالية، وبالجملة، تنتظر مملكة السويد هذا الأسبوع، سيكون أبرزها إرجاء انضمامها إلى حلف شمال الأطلسى، و«ما زال من المبكر جدًا تحديد التداعيات وما ستكون عليه العواقب، بحسب أولف كريسترسون، رئيس الوزراء السويدى، الذى بدا مرتبكًا فى المؤتمر الصحفى، الذى عقده أمس الأول الجمعة، وهو يعرب عن اعتقاده بأن «كون بعض الأمور قانونية، لا يعنى بالضرورة أنها مناسبة»، أو خلال حديثه عن عدم وجود سبب يدفع «إلى إهانة أشخاص آخرين»، فى إشارة إلى جريمة حرق المصحف الشريف!
حكومة «كريسترسون» اليمينية، سيكون لها نصيب من الخسائر، وستصب العواقب المرتقبة فى مصلحة اليسار، الذى لم يفقد الأمل فى العودة إلى السلطة، قبل الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها فى ٢٠٢٦، بسبب هشاشة الائتلاف الحاكم. وكنا قد أن أشرنا، أمس، إلى أن السويد مفعول بها، أو فيها، وأنها أكثر المتضررين من هذه الجريمة، التى لم تدنها دول العالمين العربى والإسلامى فقط، بل أدانتها دول أخرى عديدة. وأمس السبت، عبر الاتحاد الأوروبى عن رفضه حرق القرآن أو أى كتاب سماوى، مشددًا على رفض أى ممارسات عنصرية أو الممارسات التى تنم عن كراهية الأجانب على أراض أوروبية. غير أن الاتحاد أكد، فى البيان نفسه، دعمه «لمظاهر حرية الاعتقاد والتعبير»، ونادى بالتوقف عن أى تصعيد وبأن تسود لغة التفاهم المشترك!
الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامى، كانت قد أعربت عن «استنكارها تكرار هذه الاعتداءات الدنيئة». واليوم الأحد، تعقد المنظمة اجتماعًا طارئًا على مستوى اللجنة التنفيذية، لبحث «التدابير التى يجب اتخاذها ضد هذه الأعمال الدنيئة، واتخاذ موقف موحد إزاء حوادث تدنيس المصحف بشكل متكرر». والمنظمة، التى تأسست سنة ١٩٦٩، باسم «منظمة المؤتمر الإسلامى»، والتى تصف نفسها بأنها «الصوت الجماعى للعالم الإسلامى»، تُعد ثانى أكبر منظمة دولية فى العالم بعد الأمم المتحدة. ونعتقد أنها يمكنها، بقليل من الحكمة، تسريع إسقاط الائتلاف السويدى الحاكم، لو تمكنت من دفع حكومات الدول السبع والخمسين الأعضاء، إلى اتخاذ مواقف فعلية، جادة وموحدة، تؤثر، فعلًا وليس قولًا، على المصالح السويدية.
بـ١٧٦ صوتًا، مقابل ١٧٣ حصل عليها منافسه، قام «كريسترسون»، فى أكتوبر الماضى، بعد أسابيع من المفاوضات، بتشكيل حكومة ائتلافية تضم ثلاثة أحزاب، هى حزبه «المعتدل»، «المعتدلون الجدد»، Nya Moderaterna، و«الحزب المسيحى الديمقراطى» والليبراليين، بدعم برلمانى من «ديمقراطيى السويد»، وفى خريطة طريق لتعاونها، تقع فى ٦٢ صفحة، عرضت الأحزاب الأربعة إجراءات تهدف إلى تنفيذ حملات أمنية تستهدف اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين و«ترحيل الأجانب بسبب سوء السلوك». وفى ظل المشكلات الخطيرة المرتبطة بالعصابات الإجرامية، والتصفيات الدموية للعشرات، كان الأمن على رأس أولويات برنامج «كريسترسون» الانتخابى، إلى جانب الوعود بكبح جماح الأسعار الناتجة عن الأزمة الأوكرانية.
تخلّت السويد، عن سياسة الحياد العسكرى، وتسعى إلى أن تكون العضو رقم ٣٢ فى حلف شمال الأطلسى، الناتو، بعد أن سبقتها فنلندا فى أبريل الماضى. وتقريبًا، لم يعد يعرقل انضمامها غير مفاوضات، مساومات أو مقايضات، مع تركيا. وكان ينس ستولتنبرج، الأمين العام للحلف، قد أعلن عن اتفاقه مع الرئيس التركى على عقد اجتماع فى بروكسل، الخميس المقبل، بين وزيرى الخارجية السويدى والتركى، ورئيسى مخابرات البلدين. والأرجح هو أن تركيا ستضطر إلى عدم التعهد بالمصادقة القريبة على طلب السويد الانضمام إلى الحلف، بعد أن كان مسئولون غربيون يعولون على تليين الموقف التركى حيال هذا الملف.
.. وأخيرًا، نرى أن الخسائر المتتالية، التى تنتظر مملكة السويد هذا الأسبوع، قد لا تكون هى كل الخسائر، وقد تتبعها خسائر أخرى فى الأسابيع التالية، لو لم يتمكن اليسار من إسقاط الائتلاف اليمينى الهش الحاكم، الذى أضاف مشكلات جديدة إلى المشكلات الخطيرة، السابقة والمستمرة، المرتبطة بالعصابات الإجرامية.