شفرة 30 يونيو
العنوان لكتاب زميلنا وصديقنا العزيز الدكتور محمد الباز، الذى يمكنك الحصول على نسخة إلكترونية مجانية منه، لو دخلت الآن على موقع جريدة الدستور، وستجد فيه مائة حكاية من قلب ثورة ٣٠ يونيو، أو ترقد تحت جلد هذه الثورة المجيدة، التى خرج فيها أكثر من ٣٥ مليون مواطن مصرى إلى الشوارع والميادين، منذ ١٠ سنوات، ليكنسوا جماعة الإخوان الإرهابية، بمساعدة قواتنا المسلحة، درعنا وسيفنا ونواة دولتنا الصلبة، التى قامت بواجبها الوطنى والدستورى، وأعادت السلطة إلى الشعب، الذى هو مصدر السلطات.
كل شىء، صباح ٣٠ يونيو ٢٠١٣، كان يقول إن الشعب يقوم بثورة حقيقية، بينما كانت جريدة الـ«جارديان» تنقل عن محمد مرسى العياط أنه يرفض أى مطالب أو مقترحات تتضمن إجراء انتخابات رئاسية جديدة، أو مبكرة، ويتعهد بعدم التسامح مع من طالبوا أو اقترحوا ذلك. الأمر الذى دفع الجريدة البريطانية إلى استنتاج حدوث «صراع قوة فى شوارع القاهرة بين المؤيدين والمعارضين»، بعد أن أشارت إلى أن «العياط» بدا «واثقًا من نفسه وبقائه فى السلطة بشكل كبير». وعند سؤاله عما إذا كان واثقًا من أن الجيش لن يضطر إلى التقدم خطوة للأمام والإمساك بزمام الأمور والتحكم فى دولة أصبحت خارج السيطرة، قال إنه واثق للغاية!.
لن تجد تلك الحكاية فى كتاب محمد الباز، لكنك ستجد فى عدد من حكاياته ما يشير إلى أن جماعة الإخوان، كانت تريد منع المظاهرات بالقوة، وهو ما كان مصدر قلق للجميع، وليس فقط لـ«الفريق» عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع وقتها، الذى وضع رأسه على كفيه، وقرر أن يؤدى واجبه تجاه وطنه وشعبه، وقال بمنتهى الوضوح: «الموت أشرف لنا من أن يمس أحد من شعب مصر فى وجود جيشه»، وفى البيان نفسه، الذى ألقاه خلال الندوة التثقيفية الخامسة لقواتنا المسلحة، صباح ٢٣ يونيو ٢٠١٣، أكد أن الجيش المصرى كتلة واحدة صلبة ومتماسكة وعلى قلب رجل واحد، يثق فى قيادته وقدرتها، وأنه تجنب خلال الفترة السابقة الدخول فى المعترك السياسى، إلا أن مسئوليته الوطنية والأخلاقية تحتم عليه التدخل لمنع انزلاق مصر فى نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلى أو التجريم أو التخوين أو الفتنة الطائفية أو انهيار مؤسسات الدولة.
أعصاب المصريين كلهم، باستثناءات قليلة، كانت مشدودة، ليلة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، حين انتشرت شائعة عن مشاجرة عنيفة جرت فى قصر الاتحادية بين محمد مرسى العياط واللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية وقتها. وقيل إن العياط كان عنيفًا وهو يصدر أوامره لإبراهيم بأن يحمى مقرات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، لأن المظاهرات التى ستخرج تستهدف بالأساس هذه المقرات، إلا أن وزير الداخلية رفض وقال له إنه لو وفر الحماية لمقرات حزب الحرية والعدالة، فسيكون عليه أن يوفر الحماية نفسها للأحزاب الأخرى، ثم إنه سيكون عليه عبء تأمين المظاهرات، ولن تكون هناك فرصة لتأمين كل مقرات الإخوان فى الجماعة والحزب. ويومها تردد أن وزير الداخلية تقدم باستقالته بعد أن تجاوز محمد مرسى فى الحديث معه.
لم يؤكد أحد هذه الشائعة ولم ينفها، ما أتاح لإضافات أو تفاصيل أخرى أن تلحق بها، لكن المؤكد هو أن اللواء محمد إبراهيم لم يكن يستطيع أن يخرج عن حالة الإجماع التى بدت عليها الداخلية. كما لم يكن ممكنًا لوزير الداخلية، وهذا هو المهم، أن يخرج من التحالف مع وزير الدفاع، الذى أعلن مبكرًا جدًا عن أنه سيحمى الشعب، مع أنه ظل حتى اللحظة الأخيرة يمد يده بالخير لمن كان يوصف بأنه الرئيس، وصولًا إلى مهلة الثمانى والأربعين ساعة التى أضاعها الأخير، وجعلنا نعيش واحدة من أكثر ليالينا سوادًا، بخطاب ٢ يوليو، الذى كان فى حد ذاته كافيًا للإطاحة به. إذ كان فاقدًا أى اتزان من أى نوع، وبدا كمجنون يوشك على الغرق، ولا يملك غير التهديد والوعيد، وتحريض أنصاره، أو إرهابيى جماعته، على العنف، بشكل رآه البعض ضمنيًا، ورأيناه صريحًا وواضحًا. وعليه، كان طبيعيًا أن يصدر فى اليوم التالى، ٣ يوليو ٢٠١٣، بيان القيادة العامة لقواتنا المسلحة، الذى بدأت به مرحلة انتقالية، امتدت حتى ٨ يونيو ٢٠١٤، جرى خلالها التحضير للانتخابات الرئاسية، التى أوصل بها المصريون الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الحكم، ليبدأ تأسيس الجمهورية الثانية.
.. ولا يبقى غير تذكيرك بالدخول على موقع «الدستور» والحصول على نسختك المجانية من كتاب «شفرة ٣٠ يونيو»، الذى ستجد فى حكاياته المائة ما يجعلك تحمد الله، وتدرك أننا، لولا خروج عشرات الملايين منا، فى مثل هذا اليوم، منذ عشر سنوات، ولولا قواتنا المسلحة، درعنا وسيفنا، كنا سنقضى باقى عمرنا تحت الاحتلال، أو فوق طاولة قمار، يجلس عليها مقامرون، كهؤلاء الذين يلعبون، الآن، بمقدرات دول عربية، إفريقية، آسيوية، بل أوروبية، غير عابئين بمصائر أو أرواح شعوبها. وفى أفضل السيناريوهات تفاؤلًا، كانت مصر ستتحول إلى دولة مارقة يحكمها «المرشد» بقبضة حديدية وصلاحيات مطلقة.
بالتزامن مع جريدة الأهرام