مودى.. واشنطن ثم القاهرة
قادمًا من العاصمة الأمريكية واشنطن، يصل ناريندرا مودى، رئيس وزراء الهند، اليوم السبت، إلى القاهرة، فى زيارة رسمية، نتوقع أن تكون نقطة انطلاق جديدة، قوية، لتوطيد أطر التعاون بين البلدين الصديقين، وتعزيز مختلف جوانب العلاقات المصرية الهندية، التى تم رفعها، أو ترفيعها، فى يناير الماضى، إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى العاصمة الهندية نيودلهى.
وصل «مودى» إلى الولايات المتحدة، الثلاثاء الماضى، وترأس فى اليوم التالى الاحتفالات بالعيد الدولى التاسع لليوجا بمقر الأمم المتحدة فى نيويورك، وأمس الأول الخميس، استقبله الرئيس الأمريكى، جو بايدن، فى البيت الأبيض، بحفاوة بالغة، وتناولت محادثاتهما سبل التعاون بين البلدين فى مجالات الدفاع والتكنولوجيا والطاقة والفضاء، و... و... والأزمة الأوكرانية، التى لا تزال الهند تتخذ موقفًا محايدًا منها.
تتولى الهند الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين، منذ ديسمبر الماضى، وستستضيف قمتها فى وقت لاحق من السنة الجارية. وتلبية لدعوة كريمة من الدولة الصديقة، شاركت مصر، ولا تزال، فى اجتماعات المجموعة، وطرحت، وتطرح، رؤيتها بشأن القضايا المدرجة على أجندة الدورة الحالية، خاصة فى الملفات ذات الأولوية لإفريقيا والدول النامية، مثل الغذاء والطاقة والمناخ وتمويل التنمية وإصلاح النظام الاقتصادى العالمى.
ثلاثة أيام فقط فصلت بين استقلال الهند، فى ١٥ أغسطس ١٩٤٧، وبداية العلاقات الدبلوماسية المصرية الهندية، التى احتفلنا فى أغسطس الماضى بيوبيلها الماسى. وفى تصريحات نقلتها السفارة الهندية بالقاهرة، الثلاثاء الماضى، أكد «مودى» أنه متحمس لزيارة مصر، للمرة الأولى، ويتطلع إلى أن تعطى محادثاته مع الرئيس السيسى وكبار المسئولين بالحكومة المصرية، المزيد من الزخم لشراكتنا الحضارية، متعددة الأوجه. كما أبدى سعادته باستقباله الرئيس السيسى كضيف رئيسى فى احتفالات الهند بـ«عيد الجمهورية»، هذا العام، لافتًا إلى أن هاتين الزيارتين، اللتين لا يفصل بينهما سوى بضعة أشهر، تعكسان عمق الشراكة بين البلدين.
الروابط الحضارية والتاريخية المشتركة بين البلدين، والعلاقات الأخوية الممتدة والحافلة بين الشعبين، أكدتها جلسة مباحثات مغلقة، فى قصر حيدر آباد بالعاصمة نيودلهى، بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء الهندى، الذى أعرب عن تقدير بلاده الكبير للرئيس ولقيادته الحكيمة، التى حافظت على الأمن والاستقرار فى مصر عقب ما شهدته المنطقة من أحداث فوضى وعنف خلال ما يوصف بالربيع العربى، وكذلك للنهضة التنموية غير المسبوقة التى تشهدها مصر حاليًا، وأشار إلى أن بلاده تتطلع إلى تعزيز الاستثمارات المتبادلة وتعظيم حجم التبادل التجارى، من خلال مشاركة الشركات الهندية فى تنفيذ المشروعات القومية العملاقة فى مصر.
للهند «وحدة خاصة» بمجلس الوزراء، تم تشكيلها منذ فترة، بهدف تفعيل وتعزيز مجالات التعاون بين البلدين. وفى اجتماع عقدته هذه الوحدة، أمس الأول الخميس، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، جرى استعراض مختلف جوانب العلاقات ومناقشة ملف تفصيلى، أعدته وزارة التعاون الدولى، يتضمن مقترحات مختلف الوزارات والجهات المعنية، للتعاون فى مجالات بناء القدرات والمشروعات الإنمائية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبتروكيماويات والتحول الرقمى وريادة الأعمال، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تشجيع الشركات الناشئة الهندية على التوسع فى مصر، والتعاون مع نظيراتها المصرية، وتعزيز حركة السياحة الوافدة، وتشغيل خطوط طيران مباشر بين القاهرة ونيودلهى.
مجالات التعاون، التى ستتم مناقشتها خلال زيارة رئيس الوزراء الهندى، تتضمن، أيضًا، تبادل الخبرات فى مجال الطاقة الكهربائية، واختيار أفضل البدائل لتوليدها وتخزينها، وتوطين صناعة مكونات تكنولوجيا الطاقة الشمسية، وكذا التعاون فى مجال الهيدروجين الأخضر، إضافة إلى التعاون الزراعى والتجارى، ومناقشة عقد منتدى للاستثمار فى مصر، بالتنسيق مع إحدى الوكالات الهندية المتخصصة فى هذا المجال.
.. وتبقى الإشارة إلى أن «مجموعة العمل المصرية الهندية المشتركة لمكافحة الإرهاب»، عقدت اجتماعها الثالث، فى فبراير الماضى، وجدّد فيه البلدان مطالبتهما المجتمع الدولى بالامتناع عن توفير المأوى، أو السلاح، أو تيسير الانتقال عبر الحدود، أو تقديم أى نوع من الدعم أو المساعدة للجماعات والعناصر الإرهابية.