يوم عالمى مختلف للاجئين
بقرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، فى ٤ ديسمبر ٢٠٠٠، قبل أسابيع من الذكرى الخمسين لإعلان اتفاقية جنيف المتعلقة بأوضاع اللاجئين، جرى اختيار يوم ٢٠ يونيو ليكون «يوم اللاجئ العالمى»، أو «اليوم العالمى للاجئين»، لتزامنه مع يوم اللاجئ الإفريقى، الذى تحتفل به عدة دول إفريقية منذ سنة ١٩٦٩، بينما كانت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية تحتفل فى يناير، منذ سنة ١٩١٤، باليوم العالمى للمهاجرين واللاجئين.
كان الشعار، الذى اختارته «مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين» لهذا اليوم، فى السنة الماضية، هو «أى شخص كان، أينما كان، وفى أى زمان، له الحق فى التماس الأمان»، أما هذه السنة فوضعت شعار «الأمل بعيدًا عن الديار.. من أجل عالم أكثر شمولًا للاجئين»، وهو الشعار الذى أعلنت مصر، فى بيان أصدرته وزارة الخارجية، عن تثمينها له، ورأته بمثابة دعوة عامة لدعم اللاجئين ومساعدتهم، والدول المستضيفة لهم، لإعادة بناء حياتهم، حتى يتسنى لهم العودة بشكل طوعى وآمن إلى أوطانهم عندما تسمح الظروف بذلك.
وسط سياق عالمى تتفاقم فيه الأزمات والكوارث، لا تزال مصر تفتح أبوابها وتوفر الملاذ الآمن لأولئك الذين اضطرتهم الظروف إلى مغادرة بلادهم، وتتعامل معهم من منظور إنسانى يكفل لهم العيش بكرامة على أراضيها. وفى هذه المناسبة، جدّدت الدولة المصرية التأكيد على أهمية تضافر الجهود الدولية لإيجاد حلول مستدامة لقضايا اللجوء من خلال منظور شامل يراعى التكامل بين البعدين الإنسانى والتنموى، وشدّدت على ضرورة تعبئة الموارد اللازمة من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية للاجئين، ودعم الدول المضيفة لهم انطلاقًا من مبدأ التقاسم المنصف للأعباء والمسئوليات. وبعد أن أشادت بالدور المهم الذى تضطلع به المنظمات الدولية المعنية بقضايا اللجوء والهجرة، جددت مصر التزامها بمواصلة التعاون والتنسيق مع تلك المنظمات، وتعزيز جهودها فى بناء السلم وتحقيق التنمية المستدامة، سعيًا إلى معالجة الأسباب الجذرية لظاهرة اللجوء.
الأوضاع الأمنية والاقتصادية والإنسانية فى دولة السودان الشقيقة، مثلًا، أجبرت أكثر من ٣٥٠ ألفًا على الفرار إلى دول الجوار بحثًا عن ملاذ آمن، ما مثّل ضغطًا إضافيًا عليها يتجاوز قدرتها على التحمل والاستيعاب. وكدولة جوار، حرصت مصر، منذ اللحظة الأولى للصراع السودانى السودانى، على فتح أبوابها أمام الفارين من ويلاته، ووفرت لهم كل الإمكانات وبذلت جهودًا مضنية لتسهيل عبورهم وتوفير المساعدات الإنسانية لهم وتلبية الاحتياجات الغذائية والصحية والنفسية لحوالى ربع مليون سودانى، أى ما يعادل ٦٠٪ من إجمالى الفارين من أعمال العنف، بالإضافة إلى ٥ ملايين سودانى تستضيفهم مصر منذ عقود طويلة، وتوفر لهم معاملة كريمة، فى ظل الروابط الأسرية والاجتماعية التى تجمع بين شعبى البلدين.
تصادف أن يحل يوم اللاجئين العالمى، هذا العام، فى اليوم التالى مباشرة لعقد «المؤتمر رفيع المستوى لدعم الاستجابة الإنسانية فى السودان والمنطقة»، الذى نظمته مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحادين الإفريقى والأوروبى والسعودية وألمانيا. وفيه حث سامح شكرى، وزير الخارجية، المجتمع الدولى على ضرورة تنفيذ تعهداته السابقة للسودان وتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة له، وكذا توفير التمويل اللازم لتنفيذ مشروعات تنموية لدعم صمود المجتمعات المضيفة فى دول الجوار لحمايتها من مخاطر الهجرة غير الشرعية، ومن استغلال شبكات التهريب والاتجار بالبشر، والوقوع فى أيدى الجماعات الإرهابية، إعمالًا لمبدأ التقاسم المنصف للأعباء والمسئوليات. كما أشار وزير الخارجية، أيضًا، إلى أن استمرار أمد الصراع سيدفع المزيد من السودانيين للفرار إلى دول الجوار، ما سيزيد من الضغوط والأعباء المفروضة عليها، خاصة على ضوء استضافتها بالفعل أعدادًا كبيرة من الجنسيات الأخرى على أراضيها، وما تعانيه بسبب نقص التمويل الإنسانى الدولى، وتداعيات الأزمات العالمية المتتالية وتعطل سلاسل الإمداد وارتفاع معدلات التضخم العالمية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن المهاجرين لهم يوم عالمى آخر يحل فى ١٤ ديسمبر من كل عام، ومن المفترض أن تقوم فيه الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، الحكومية وغير الحكومية، بتبادل الخبرات ووضع الإجراءات التى تكفل حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للمهاجرين.