أيام الثورة والخلاص 3.. مجدى أحمد على: الشعب أدرك أن شعارات الإخوان مجرد أوهام و«سكة» لاختطاف البلد.. ودور الجيش فى الأحداث كان شديد الحكمة
قال المخرج الكبير مجدى أحمد على إن ثورة ٣٠ يونيو حدث غير مسبوق فى التاريخ، لأنها لم تقم لأسباب اقتصادية بحتة، ولكن قامت ضد محاولات تغيير هوية ونمط حياة الشعب المصرى.
وأضاف، فى حواره مع برنامج «الشاهد»، مع الإعلامى الدكتور محمد الباز على قناة «إكسترا نيوز»، أن المشهد الذى رآه الناس فيما يسمى بـ«جمعة قندهار» رسخ لديه إيمانًا بأن ثورة ٢٥ يناير قد اختُطفت بالكامل، وأن سقوط الإخوان أصبح حتميًا، خاصة بعد الإعلان الدستورى المخالف الذى أصدره المعزول محمد مرسى. ورأى أن اعتصام المثقفين فى وزارة الثقافة كان شعلة نشاط وبؤرة لمواجهة الجماعة، حيث تم إنشاء مسرح خارج مبنى الوزارة، رقصت عليه فرق الأوبرا وغنى عليه مطربون كثيرون، ومن هذا الاعتصام انطلقت مظاهرة كبرى لميدان التحرير خلال ثورة ٣٠ يونيو.
■ لماذا تعد ٣٠ يونيو ثورة غير مسبوقة على الإطلاق؟
- عادة الثورات التى تقوم بها الشعوب مثل ٢٥ يناير تكون أسبابها الرئيسية الظروف الاقتصادية السيئة جدًا أو الفساد الحكومى، أو أشياء أخرى محسوسة، أما ثورة ٣٠ يونيو فكانت ضد عقيدة الإخوان، فهى لم تقم على ظروف اقتصادية، ولكن ضد تغيير نمط حياة الناس وأفق المواطن ومستقبله الإنسانى والحضارى.
الشعب المصرى خلال سنة واحدة من حكم الإخوان وجد جحيمًا من الأفكار السوداء والظلامية، فقرر أن ينتفض ضد محاولات تغيير نمط حياته، فلم تكن هناك ثورة على مدار التاريخ اعتراضًا على فكرة، فالشعب المصرى له هويته الراسخة عبر طبقات التاريخ المختلفة.
وكان لدىّ يقين بأنه فى حالة نجاح ثورة ٣٠ يونيو فستكون الثورة غير مسبوقة فى التاريخ، وستكون ثورة نهائية تقضى على التنظيمات الظلامية التى تعيدنا إلى مرحلة قمع الأفكار وتغيير نمط الحياة.
والبلد كان مظلمًا دون كهرباء، وكان هناك أيضًا ظلام فكرى، ومحاولات للقضاء على الحضارة الفرعونية ودفن التماثيل، مع نشر أفكار ضد أبسط القيم الإنسانية والحضارية فى التاريخ، لذلك ما حدث فى ٣٠ يونيو هو معجزة بكل المقاييس.
■ ما الصورة التى رسمتها فى مخيلتك لمصر فى لحظة وصول جماعة الإخوان للحكم؟
- الصورة تكونت لدىّ فى «جمعة قندهار» التى حدثت فى ميدان التحرير، شعرت بفجيعة، وشعرت بأن المصريين يدخلون على أيام مظلمة، وفى هذه «الجمعة» نزلت كل التيارات إلى الشارع، وكنت أُشفق على هذه التيارات، لأنها لا تعلم ما ينتظر هذا الشعب، وكنت من المتشائمين عندما قالوا إن الإخوان سيحكمون ٥٠٠ سنة، وكانوا قد اخترقوا مؤسسات تنفيذية وقضائية وشبابية فى وقت قصير، وكان من الغباء ألا ندرك أن ثورة ٢٥ يناير قد اختُطفت بشكل كامل إلا فى «جمعة قندهار»، ورأى الشعب المصرى حكم الإخوان جحيمًا.
■ كيف رأيت بعين المخرج اللحظة التى أُعلن فيها «مرسى» رئيسًا لمصر؟
- كنت فى المركز القومى للسينما فى مهرجان بمحافظة الإسماعيلية، وكانت هناك حالة من التربص الشديد لدى الجميع، نتيجة تخوفات من تصريحات الإخوان بأنه فى حالة عدم إعلان فوز «مرسى» سيتم إحراق البلد.
وفى لحظة، شعرت ببعض الارتياح لنجاح «مرسى» خوفًا على الوطن من الفوضى، لأن الإخوان ليس لديهم تصور لفكرة الديمقراطية والفوز والخسارة، وكانت هناك حالة من التربص من أنصار الجماعة قبل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة.
■ ما اللحظة التى أدركت فيها أن رحيل جماعة الإخوان أصبح حتميًا؟
- خلال اعتصام الفنانين، وعندما أصدر «مرسى» الإعلان الدستورى الذى كان إعلانًا فوق القانون فى نوفمبر ٢٠١٢، حينها قلت: «دى نهايته، الإعلان الدستورى كان بداية نهاية مرسى، ده واحد وصل لدرجة من الحماقة إنه يتحدى كل أنواع القيم والأفكار وكل ما اعتاد الشعب المصرى على أن يعيش عليه»، أدركت فى هذه اللحظة قرب سقوطه ولم أكن أعلم كيف ستكون النهاية.
■ كيف رصدت محاولات الإخوان التقارب مع الفنانين؟
- رصدت ذلك بغضب شديد، لأنه كان هناك بعض الفنانين يتعاملون مع «مرسى» على أنه جاء بشكل ديمقراطى، وكنت أعرف تحركات الإخوان منذ البدايات من واقع خبرتى، وأعرف موقفهم من الفن، وعندما بدأت «تمرد» فى الشارع- وكنت أرى أنه من المستحيل فى دولة مثل مصر أن تنهزم فيها قوتان رئيسيتان هما الجيش والشرطة، «مش ممكن تبقى ضد الجيش والشرطة وتنجح»- فكان لدىّ اطمئنان أن الإخوان لن يستمروا، ولكن لم أتخيل أن يكون هذا السقوط خلال سنة.
■ ما المعانى التى تجسدت فى اعتصام المثقفين؟
- كنت فى هذه الأثناء فى مهرجان الإسماعيلية، ولم أحضر الاعتصام فى أول أيامه، وكان من المقرر أن يفتتح علاء عبدالعزيز، وزير ثقافة الإخوان، المهرجان، وتصديت ورفضت بشدة افتتاحه، وعندما تشددت فى الرفض الأمن أبلغه بعدم الحضور، وألقيت خطبة على مسرح مهرجان الإسماعيلية وهتفت: «يسقط حكم المرشد»، وردد كل الحاضرين الهتاف خلفى.
■ المطالبة بسقوط النظام لحظة يأس أم أمل؟
- أحد الإخوان جاء للتفاوض معنا فى وزارة الثقافة، وحضر الاجتماع بهاء طاهر والفنان سامح الصريطى، وعرض علينا وقتها عودة الدكتورة إيناس عبدالدايم، وأحمد مجاهد، بعد طردهما من الوزارة، على أن يتم فض الاعتصام، وأن يتم عمل مهرجان للسينما، ولكن رفضنا عرضه.
وقلنا إنه لا بد من رحيل النظام، وكان هذا بعد ١٠ أيام من الاعتصام، وأدركنا فى هذه اللحظة أن الإخوان بدأوا يضعفون، وبعد ١٥ يومًا جاء الإخوان بعدد كبير لمهاجمة الاعتصام، وعلى رأسهم الإخوانى أحمد المغير، والشباب خرجوا لخارج الوزارة وظلت السيدات فى الداخل، وخرجنا نهتف وهم يهتفون، والشرطة كانت بيننا وبينهم ومنعت العنف لأنهم كانوا مسلحين.
أدركنا أن فض الاعتصام مستحيل، ومن اللحظات الفارقة أننا كنا نقول لهم حين انسحب الإخوان من الوزارة: «مع السلامة يا بو عِمّة مايلة»، وقصة ضرب الإخوانى أحمد المغير أمر لن ينساه.
■ كيف كنتم تتابعون حراككم من داخل الاعتصام؟
- بعد هجوم الإخوان على الاعتصام، خرج الفنانون والمثقفون خارج الوزارة، ونفذوا خشبة مسرح، وكانت فرق الأوبرا تعرض عليه، وفرق الرقص الشعبى، وغنى عليه على الحجار.
وكان شيئًا عظيمًا أن تجد الناس ترمى البونبون من البلكونات على المعتصمين، والاعتصام تحوّل لبؤرة وأصبح رمزًا للتحدى، والوكالات كان تنشر من هناك.
■ ماذا عن اجتماع ٢٣ يونيو للتوافق على قرار؟
- اجتماع يوم ٢٣ يونيو تم للتوافق وإمهال الإخوان أسبوعًا، وطالبنا فيه بانتخابات رئاسية مبكرة، وكانت مطالبات «تمرد» قد بدأت تعلن، وتكوّن اتجاه للدولة، وبدأت تحركات الدولة وشعرنا بالأمان، والشرطة أعلنت عن أنها لن تحمى مقرات الإخوان.
■ كيف تم تنسيق يوم ٣٠ يونيو؟
- فى يوم ٣٠ يونيو استقبلت وزارة الثقافة عددًا كبيرًا من الفنانين للمشاركة فى المظاهرة، وخرجوا جميعًا باللافتات وساروا فى الزمالك، والمئات أصبحوا آلافًا حتى وصلوا لكوبرى قصر النيل.
وخرجنا من وزارة الثقافة مبكرًا، وكان وقتها بعض الطائرات التى صورت ٣٠ يونيو تحلّق فوقنا.
والفنان خالد الصاوى كان يدعو الفنانين للنزول، ولكن لم نكن مضطرين لدعوة الناس، فوجود الفنانين على رأس مظاهرات لم يحدث من قبل، ومن أول كوبرى قصر النيل وحتى التحرير شعرنا بالانفجار، وقتها أخذنا ساعة لا نستطيع فيها التحرك من الزحام.
والجماعة كانت تتوقع أن الناس ستنزل من ٤٠ لـ٥٠ ألفًا فقط، وحمدت الله أنه منحهم فكرة عدم الإدراك وإنكار الواقع، لكنهم ذُهلوا من الأعداد فى ٣٠ يونيو، و«جوجل» قدره بنحو ٣٠ مليونًا، وكان عددًا غير مسبوق فى التاريخ.
■ الرهان وقتها كان على صمود الشعب.. فكيف توثّق الأمر خلال رؤيتك للميدان؟
- البعض فى ٣٠ يونيو كان يقول إن لدينا معلومات عن ميعاد سقوط النظام، وخطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى جعل الناس تصمد، ورأينا أن كل شىء سينتهى فى ٤٨ ساعة، وأن الموضوع انتهى، وهذا ما جعل الناس تصمد فى الميدان. التمرد بهذا الشكل لم يتم من قبل، وأمل الشعب المصرى فى أن تكون لديه رغبة التغيير، ومجرد صموده كافٍ لأن يزول هذا النظام غير المسبوق.
■ ماذا عن مشهد ٣ يوليو بالنسبة لك.. وأين كنت؟
- كنت فى التحرير، وفكرت فى تصوير فيلم وأحضرت فتحى عبدالوهاب وبعض الممثلين وصورت مشاهد كثيرة، وقبلها بفترة صورت تنحى «مبارك»، وقلت إنها النهاية، وعندما حدث اكتشفت أن هذه البداية، وكانت بداية مظلمة، وتم اختطاف الثورة بالكامل من الإخوان، وبعض زملائنا كان يتم اختطافهم، وكانت هناك اعتقالات فى نفق المترو، وأدركت أننا مقبلون على كارثة، وتصورنا أن الإخوانى محمد البلتاجى هو مَن يحكم، والبداية كانت شبه كارثية.
■ لماذا لم تكمل فيلمك الذى قررت أن تصوره وأنت فى الميدان؟
- صورت هذه المشاهد كنواة أو بذرة لفيلم، لكننى لم أكمله، لأن الأحداث قد سبقتنى، وكنت أسأل نفسى كثيرًا: «هل أنا مصوراتى؟»، لأننى كنت داخل القصة ولست خارجها، وكنا ننشئ منصة داخل ميدان التحرير ونأتى بعلى الحجار ونعرض أشعار صلاح جاهين وغناء عزة بلبع، وكنا نغنى فى الميدان على ناصية قصر النيل.
أتذكر عندما هزمنا الإخوان، فى البداية أغلقت الجماعة قصر النيل، وصنعت أسلحة عبارة عن منجنيق، وكانت تنظر إلينا بغرابة شديدة جدًا، كانت منزعجة ومندهشة بأن يكون هناك مَن هو ضد النظام وضد الإخوان فى نفس الوقت، وقد كان الفرز صعبًا فى هذا التوقيت.
■ كيف رأيت وجود القوات المسلحة فى مشهد ٣٠ يونيو؟
- دور القوات المسلحة فى ٣٠ يونيو كان شديد الحكمة، بمعنى أن الجيش احترم الانتخابات ونتيجتها، لكن الدولة كانت تسير فى طريق مظلم، ومجلس الشعب أصبح يضم مجموعة غريبة من الأعضاء إثر انتخابات غريبة، وسيطرت كل الجماعات الإسلامية عليه، وأصبحت اللغة المستخدمة لغة غريبة، وأصبح هناك تواطؤ ضد الشعب، وأصبح واضحًا لكل ذى بصيرة أن محمد مرسى هذا لا يحكم، وأن هناك جماعة هى التى تُملى عليه قراراتها، وأناسًا يدعون أنهم مستشارون قضائيون، ويؤلفون دستورًا على مقاسهم.
هناك بعض الكوارث التى ارتكبها الإخوان، مثل كارثة استضافة كل قتلة «السادات» فى الاستاد أثناء الاحتفال بـ٦ أكتوبر، إضافة إلى قطع العلاقات مع سوريا وإرسال متطوعين إليها، شعرنا وقتها بأن البلد ينتهى.
عندما تضع كل هذه الأحداث جنب بعضها، تدرك أن ٣٠ يونيو لحظة غير مسبوقة فى التاريخ الإنسانى كله، وليس التاريخ المصرى فقط.
كنت مرعوبًا جدًا أن يكون الإخوان أذكياء، وكنت دائمًا أدعو الله بأن يكمل عليهم غباءهم ويكمل «عماهم الإنكارى»، بحيث لا يرون أن الشعب المصرى ضدهم، حيث يُهيأ إليهم بأن لديهم شعبية هائلة وبأنهم مستمرون.
حينما عرضت فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة ورفضها الإخوان، كنت أقول حيالها: «يا رب يرفضوا» لأنه لم نكن نعلم ماذا سيحدث لو أنهم قبلوا الانتخابات الرئاسية المبكرة.
■ لماذا لم يخرج من جماعة الإخوان وغيرها من هذه الجماعات مخرج سينمائى مثلًا أو سيناريست أو مصور؟
- الإخوان كانوا ضد الفن كله، فى البداية يقولون بأنهم ضد الفن السيئ، الملىء بـ«الستات»، وأمتلك الكثير من الحكايات عنهم، وكانت توجد جلسة مع مشايخ، من بينهم مشايخ فى مؤسسات دينية، بشأن موضوع تجسيد الأنبياء، وأتذكر وقتها أننى تساءلت: هل يوجد فى القرآن والسنة ما يمنع تجسيد الأنبياء؟ فرد أحدهم وقال لى: لنفترض أن ممثلًا ما جسد شخصية من شخصيات الأنبياء، ثم بعد ذلك جسد دورًا لشخصية سيئة!، قلت له الفنان: محمود المليجى جسد دور الطيب والشرير والناس صدقته، فهذا تمثيل وليس الحقيقة.. أقترح بأن نأتى بشخص يجسد هذا الدور ومن ثم يعتزل، فرفض ذلك أيضًا.
■ هل افتقار الجماعة الإرهابية الخيال هو ما جعل أداءها بهذا الشكل فى تعاطيها السياسى والاجتماعى وأدى فى النهاية إلى فشلها؟
- الإخوان يعتقدون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، فى حين أن الحقائق نسبية فى العالم كله، إذا سمعوك فإنهم يسمعونك لسبب واحد، وهو أنك سوف تقتنع بما يقولونه، لكن إذا لم تقتنع تُستتاب، وإذا لم تقتنع بعد الاستتابة تُقتل، وهذا الترتيب واضح، وهم لا ينكرونه.
المثقفون من الشعب المصرى كانوا يدركون هذا «الميكانيزم»، لكن الكثير من الشعب المصرى العادى قد بدأ يصدقه، وبالتالى فإن عام حكم الإخوان كان فى غاية الأهمية، حيث أدرك الشعب البسيط والعادى أن كل شعارات الإخوان أوهام، وأنها مجرد «سكة» حتى يتمكنوا وتنتهى البلد.
■ ما دور المثقفين فى معركة مواجهة فكر الإخوان حاليًا؟
- لا بد للمثقفين أن يكون لهم دور، كما يجب للرقابة أن تكون منفتحة بعض الشىء على الأفكار، ويجب أن تدرك الدولة أن مواجهة فكر الإخوان المتطرف والأفكار الإرهابية تبدأ من التعليم، وقد بدأ تنقيح المواد التعليمية سواء كانت مناهج التعليم العام أو الأزهرى، وبالتالى نحن مطالبون كمثقفين وكمجتمع وكدولة بأن ننتبه بأن الخطر لا ينتهى بالقضاء على الإرهابيين، وإنما على الإرهاب من حيث كونه فكرة، والفكرة تبدأ من الأسرة والتعليم والثقافة العامة والفن والتوجه العام للدولة، كما يجب ألا نخشى الإخوان حاليًا، رغم أنهم كالأسد الجريح يحاولون لملمة أنفسهم ويرغبون فى الانتقام بشراسة والوجود مرة أخرى، وبالتالى يجب ألا نسمح بذيول الأفكار أن تنتشر.
■ ما الرؤية التى تحب أن تضمنها فى عمل فنى عن ثورة ٣٠ يونيو؟
- يوجد لدىّ الكثير من الأفكار، لكن ما زالت تتجسد العملية فى ذهنى، وحتى الآن مؤسسات الدولة التى تخصنا تتعامل بحرص وحساسية شديدين فى هذه المسألة، بمعنى أنه ما زلنا نعمل حسابًا لما يسمونه بـ«التماسك الاجتماعى»، لكن أنا أرى أنه لا يجب تسميته بذلك، حيث لا بد من مواجهة صريحة جدًا مع كل الأفكار السلفية، والانتصار للأفكار التقدمية والحديث عن رموز التنوير الحقيقى أمثال ابن خلدون، والشيخ شلتوت، وبالتالى نحن لا نريد استعادة من كرسوا للتخلف وكراهية الفن والثقافة والآخر؛ سواء كان الآخر مصريًا أو أجنبيًا، ونحن جزء من مجتمع إنسانى كامل والأفكار تتجدد باستمرار دون أن نفقد الأساس الذى نعيش عليه فى شخصيتنا.
ويجب علينا أن ننتصر لهذه الفكرة، حتى تنطلق وتقفز الدولة المصرية نحو الأمام بشكل كبير، حيث تستحق مصر أن تكون فى مكان أفضل بكثير مما هى عليه الآن، وأنا على ثقة بأن ذلك سيحدث.
كيف أُدير اعتصام المثقفين والفنانين؟
- لا نستطيع أن نقول إنه كان هناك تنظيم فى اعتصام الفنانين والمثقفين، ولكنه بدأ بمجموعة من الرواد والشباب، وكان منهم بهاء طاهر وفتحية العسال، ووقتها شعرنا بأننا «صح»، وكانت هناك أسماء كثيرة وأخرى غير معروفة، وموظفو وزارة الثقافة لم يستطيعوا منع المعتصمين.
فى البداية، دخلنا الوزارة ولم يمنعنا أحد وتجمعنا وأصبحنا عددًا، وبعدها أعلنا عن الاعتصام.
وكان هناك اعتصام للفنانين فى الثمانينيات، وتعلمنا من تجربته وأخفينا الحقائب، وخبرة الاعتصام الأول ظهرت فى الاعتصام الثانى. الشرطة التى كانت موجودة حمتنا، وقالت: «يبقى الوضع على ما هو عليه، وهؤلاء مثقفون كيف سنطردهم؟»، ووقتها بدأ الاعتصام يزيد، والاعتصام بدأ بالاحتجاج على وزير الثقافة الإخوانى وتطور بالمطالبة بزوال النظام، وبدأ يوم ٥ يونيو وتنبأنا بأنه فى يوم ٣٠ يونيو سيغادر النظام، و ٢٥ يناير و٣٠ يونيو هما الثورتان اللتان تم تحديد وقتهما قبل وقوعهما.