الإمارات فى مدينة الشمس
مدينة الشمس، Sun City، هو الاسم الذى اختارته روسيا لمدينتها الصناعية، بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتى كانت محل نقاش بين الرئيسين الروسى والإماراتى، فلاديمير بوتين ومحمد بن زايد، على هامش فعاليات الدورة السادسة والعشرين لـ«منتدى سانت بطرسبرج الاقتصادى الدولى»، التى لم يشارك فيها أى ممثلين رسميين لـ«الدول غير الصديقة لروسيا»، بتعبير يورى أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسى للشئون الدولية.
بالميزات التى تتمتع بها، والفرص التى توفرها، صارت دولة الإمارات وجهة مهمة للاستثمارات الروسية، خاصة بعد التحديثات التشريعية الاقتصادية الأخيرة والسماح بتملك الأجانب الشركات بنسبة ١٠٠٪، والانفتاح والمرونة فى سياسات التجارة والاستثمار وتأسيس ومزاولة الأعمال، وإطلاق حكومة دولة الإمارات للمشاريع الخمسين التى تمثل خريطة طريق استباقية لاقتصاد المستقبل. كما أن روسيا فى طليعة الدول التى حددتها الدولة الشقيقة لتكون شريكًا لها فى التجارة والصادرات، إلى جانب ٩ دول حيوية أخرى فى آسيا وأوروبا.
تأسيسًا على ذلك، أشار بوتين، خلال زيارته الجناح الإماراتى فى المنتدى، إلى أن بلاده تقيم مشروعًا واعدًا فى مصر، هو المنطقة الصناعية الروسية بقناة السويس، واقترح على محمد بن زايد إقامة مشروع شبيه بدولة الإمارات، فكان ردّ الأخير: ولماذا لا يكون التعاون إماراتيًا روسيًا مصريًا مشتركًا؟، لافتًا إلى أن بلاده لديها استثمارات كثيرة فى مصر. وعليه، أعلن بوتين عن اعتزامه مناقشة هذا الموضوع مع الرئيس السيسى.
انطلاقًا من إيمانه بدور مصر المحورى ومكانتها فى المنطقة العربية، أرسى الشيخ زايد بن سلطان، مؤسس دولة الإمارات ورئيسها الأسبق، دعائم العلاقات بين البلدين الشقيقين، التى ازدادت عمقًا ورسوخًا فى عهد ولديه، خليفة ومحمد، وصارت خلال السنوات التسع الماضية نموذجًا مثاليًا ومبهرًا للعلاقات العربية القوية، والقادرة على مواجهة التحديات بالعمل المشترك والدعم المتبادل، وصولًا إلى الإعلان، فى مايو ٢٠٢٢، عن مبادرة «الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة»، التى جمعت بين الدولتين والأردن، قبل انضمام البحرين. أما روسيا، فأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى سياقات ومناسبات مختلفة، اعتزازه بعلاقاتنا الوثيقة معها، وبالتطور الملموس الذى شهدته خلال السنوات الأخيرة، فى العديد من القطاعات الحيوية.
المهم هو أن المفاوضات المصرية الروسية بشأن إنشاء «مدينة الشمس»، أو «المنطقة الصناعية الروسية»، بدأت بعد اجتماع الرئيسين فلاديمير بوتين وعبدالفتاح السيسى فى سوتشى، سنة ٢٠١٤، وفى ٢٣ مايو ٢٠١٨ تم توقيع اتفاقية إنشاء المنطقة على مساحة ٥.٢٥ مليون متر مربع فى منطقة شرق بورسعيد، ثم جرى توسيع نطاقها لتشمل مناطق فى العين السخنة. وفى ٢٠ مارس الماضى تم توقيع بروتوكول لتعديل الاتفاقية، عقب اجتماع اللجنة الروسية المصرية للتعاون التجارى والاقتصادى والعلمى والفنى، فى القاهرة. وتضمن التعديل زيادة أراضى المنطقة. ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، على مساحة مليون متر مربع بشرق بورسعيد، و٥٠٠ ألف متر مربع بالعين السخنة.
إلى جانب موقعها الاستراتيجى، على جانبى الممر الملاحى الأهم فى العالم، انتقلت إلى «المنطقة الاقتصادية لقناة السويس»، بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٣٠ لسنة ٢٠١٥، ستة موانئ مطلة على البحرين الأحمر والمتوسط: شرق وغرب بورسعيد، العريش السخنة الأدبية، الطور. ثم ربطتها شبكة طرق وأنفاق عملاقة بمدن الدلتا والعاصمة الإدارية الجديدة وشبه جزيرة سيناء: ١٣٩٧ كم شرق وغرب القناة، و٤٣٥ كم بسيناء وطريق تحيا مصر الرابط بين الأنفاق وطريق الإسماعيلية بورسعيد، وطريق هضبة الجلالة بطول ١١٤ كم. وبالتالى، صارت مناطق الهيئة الصناعية الأربع الوجهة المفضلة للاستثمارات الأجنبية.
.. وتبقى الإشارة إلى القرار الجمهورى بإنشاء «الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس»، الذى صدر فى ٩ أغسطس ٢٠١٥، ومنذ ذلك الوقت جرى، ويجرى، تطوير البنية التحتية فى المنطقة لتنافس مثيلاتها، دوليًا وإقليميًا، ولتكون حجر الزاوية لخطط التنمية الوطنية، خاصة بعد التيسيرات القانونية والإجراءات التحفيزية التى جذبت، وستجذب، استثمارات متنوعة، تخدم الأسواق المحلية، العربية، الإفريقية والدولية.