"الفتنة الكبرى".. أسباب اغتيال عثمان بن عفان
يتزامن اليوم مع ذكرى اغتيال ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان، في مثل هذا اليوم من العام 656 ميلادية، لقب بذي النورين لزواجه من اثنتين من بنات النبي، رقية، وأم كلثوم.
وفي كتابه "الفتنة الكبري" .. "عثمان"، يرصد عميد الأدب العربي دكتور طه حسين ويحلل للأسباب التي أدت إلى اغتيال عثمان بن عفان، بعد حصار داره لمدة أربعين يوم من قبل الثوار من عدة بلدان كانت تحت الخلافة في ذلك الوقت.
قضى "بن عفان" في خلافته 12 عامًا في منتصفها اندلعت الفتنة بين المسلمين، والتي أدت في نهاية المطاف إلى اغتياله وهو محاصر في داره.
ويوثق طه حسين في كتابه "الفتنة الكبري"، تفاصيل الليلة الأخيرة في حياة عثمان بن عفان، لافتًا إلى أنه: أصبح عثمان غداة الليلة التي أرسل فيها سهم أو ألقي فيها حجر من داره فقتل نيار بن عياض الأسلمي، أصبح عثمان غداة تلك الليلة صائمًا، وتحدث إلى أصحابه بأنه مقتول من ذلك اليوم، فلما قال له أصحابه: يكفيك الله عدوك يا أمير المؤمنين، قال: لولا أن تقولوا تمنى عثمان لحدثتكم حديثًا عجبًا، فقالوا: فإذا لا نقول ذلك، قال: إني رأيت رسول الله ومعه أبو بكر وعمر، فقال لي: أفطر عندنا الليلة يا عثمان.
ويضيف "حسين": ومضى عثمان بعد ذلك في حديثه مع أصحابه فقال لهم فيما قال: لم يقتلونني، وقد سمعت رسول الله، يقول: "لا يحل دم أمرئ مسلم إلا في إحدي ثلاث: رجل كفر بعد إيمانه، أو زنا بعد إحصانه، أو قتل نفسًا بغير نفس"، فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام قط، ولا تمنيت أن لي بديني بدلًا منذ هداني الله، ولا قتلت نفسًا، ففيم يقتلونني؟ ثم مضى في الحديث مع أصحابه فقال: لئن قتلوني لم يصلوا بعدي جميعًا أبدًا، ولم يقاتلوا عدوًا جميعًا أبدًا، ثم مضى بعد ذلك في حديثه مع أصحابه ينهاهم عن القتل والقتال وهم يلحون عليه في قتالهم، فقال: إن رسول الله، قد عهد إلى عهدًا فأنا صابر على العهد الذي عهده إلي حتى أصرع في المصرع الذي كتب علي أن أصرع فيه، وظل كذلك يتنقل مع أصحابه بين هذه الأحاديث حتى أقبلوا عليه فقتلوه.
الله لم يحل دم عثمان بن عفان
ويمضي طه حسين في حديثه عن مصرع عثمان بن عفان، مشددًا على أنه: الناس يختلفون فيه ــعثمان بن عفانــ ولكن الذي لا يقبل الشئ الذي لا يقبل شكًا ولا نزاعًا أن الله لم يحل دم عثمان لقاتليه، فقد يكون مخطئًا في سياسته وقد يكون مصيبًا، وقد يكون أصحابه قد جاروا عن علم أو عن غير علم، فأقصى ما يباح للمنكرين عليه والمخاصمين له أن يثوروا به ويحملوا الأمة على هذه الثورة، فإن ظفروا بإجماع الكلمة على خصومته اختاروا من المسلمين ممثلين والأمصار والأقاليم، وكان على هؤلاء الممثلين أن يحاوروا عثمان ويناظروه، وأن يقولوا له ويسمعوا منه، فإن رأو إقراره أقروه، وإن رأوا خلعه خلعوه ثم اختاروا للمسلمين إمامًا مكانه، ثم تركوا للإمام محاسبة عثمان على ما يمكن أن يكون لهم قبله من الأموال والدماء، فأما أن ينتدب الثائرون ولم يوكلهم المسلمون عنهم فيخلعوا الإمام، فلم يكن ذلك لهم، فكيف وهم لم يخلعوه، وإنما سفكوا دمه، وكان دمه حرامًا كدم المؤمنين جميعًا، وكان لدمه بعد ذلك حرمة أخرى هي حرمة الخلافة.