تحيا مصر وتجارة الترانزيت
محطة «تحيا مصر» متعددة الأغراض، بميناء الإسكندرية، التى افتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح أمس الخميس، هى محطة ذكية، خضراء، تعمل بأفضل الوسائل الحديثة فى شحن وتفريغ وتداول الحاويات والبضائع والسيارات، بدأ تشغيلها التجريبى فى فبراير الماضى، وخلقت ١٥٠٠ وظيفة مباشرة و٢٠٠٠ فرصة عمل غير مباشرة، وصارت أحد الروافد الرئيسية للمحطة اللوجستية، التى تم إنشاؤها خلف الميناء.
ساحات مساحتها نصف مليون متر مربع، مقسمة إلى ثلاث محطات تداول: حاويات، بضائع عامة، سيارات، قادرة على تداول حوالى ١٥ مليون طن بضائع سنويًّا، واستقبال ٧ سفن ذات حمولات كبيرة، فى وقت واحد، سواء بسبب أطوال أرصفة المحطة، التى تقدر بـ٢٤٥٠ مترًا طوليًا، أو لعمقها الذى يصل إلى ١٧.٥ متر، ما سيرفع قدرة ميناء الإسكندرية التنافسية، خاصة فى تجارة الترانزيت، التى لا يزال نصيب الموانئ المصرية منها ٤ ملايين حاوية فقط، من إجمالى ١٥٠ مليون حاوية تستقبلها موانئ حوض البحر المتوسط، سنويًا، فى حين أن الحصة العادلة التى يجب أن تحصل عليها مصر هى ١٠٪ على الأقل، أى ١٥ مليون حاوية سنويًا.
دراسة مهمة، أصدرها مركز البحوث والاستشارات، التابع لقطاع النقل البحرى، فى ديسمبر ٢٠١١، عن «تجارة حاويات الترانزيت فى مصر»، أوصت بإقامة مراكز لوجستية، وتطوير النظم التسويقية المطبقة بالموانئ المصرية، ووضع توصيف قانونى واضح لكل من «المستودعات العامة، الموانئ البرية، الموانئ الجافة، والمراكز اللوجستية». كما انتهت دراسة أخرى أعدها المركز نفسه، فى ١ سبتمبر ٢٠١٧، إلى أن الموانئ المصرية لديها مزايا تنافسية عديدة مقارنة بموانئ المنطقة، لكن إيراداتها لا تتناسب مع تلك المزايا، أو مع ما تتمتع به من إمكانات، وأوصت باتخاذ خطوات إيجابية نحو تطوير الموانئ المصرية وتحويلها إلى موانئ لوجستية، واستصدار قوانين جديدة وتوفير إطار تشريعى يكفل الاستثمار فيها وتمويلها وإداراتها.
موانئ مصرية عديدة جرى، ويجرى، تطويرها، منذ منتصف ٢٠١٤، إلى جانب إنشاء ومد وإطالة أرصفتها، لكى تصبح مصر مركزًا لوجستيًا فى البحر المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط. ولأن حجم التجارة المتداولة، عبر ميناء الإسكندرية، يزيد على ٦٠٪ من إجمالى حجم ما يتم تداوله فى باقى الموانئ، كان ضروريًا أن يكون له النصيب الأكبر من مشروعات التطوير مع ميناء الدخيلة، وميناء الماكس، الذى سيربط بينهما، لتُشكل الموانئ الثلاثة منظومة متكاملة، هى الأكبر على مستوى حوض البحر المتوسط. والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن حجم الأعمال، التى تم تنفيذها فى الموانئ الثلاثة، كان من المفترض أن يستغرق من ١٠ إلى ١٥ سنة، لكن تم إنجازه، خلال أقل من ٤ سنوات، كما جرت العادة، لتعويض مصر عن فترة طويلة، طويلة جدًا، لم تشهد فيها مثل هذه النوعية من المشروعات، التى تسهم فى تفعيل التجارة البينية وتعظيم قدرات الدولة.
يجرى، أيضًا، ربط الموانئ الثلاثة، وكل الموانئ المصرية، بالموانئ الجافة والمناطق اللوجستية ومناطق التخزين فى مختلف أنحاء الجمهورية، من خلال شبكة قطارات سريعة، كذلك القطار السريع، الذى يربط بين السخنة والعلمين ومطروح، مرورًا بالإسكندرية، والتى ستكون «محطة مصر» إحدى النقاط التى سيتوقف عندها. ويمكنك أن تضيف إلى ذلك أن مؤشر الأداء اللوجستى لمصر تحسن كثيرًا، بعد تطوير منظومة عمل الجمارك، وتحسن مؤشر البنية التحتية، ومؤشر سهولة النقل، كما أن التحسن فى خدمات اللوجستيات ومؤشر إمكانات التتبع، أتاح للموانئ المصرية تحقيق تقدم كبير فى مؤشر الأداء اللوجستى.
.. أخيرًا، ولأن تجارة الترانزيت، ستشكل مستقبل التجارة العالمية، وجّه الرئيس السيسى، فى ١٣ مايو الماضى، خلال اجتماع عقده مع رئيس الوزراء ووزير النقل، بإعداد حزمة متكاملة من الحوافز والإعفاءات والتسهيلات، لتشجيع تجارة الترانزيت. غير أن هناك تحديات عديدة لا تزال تواجهها الخطوط الملاحية، من بينها، أو أهمها، تفتيش الحاويات، مع أن ذلك يخالف اتفاقية «كيوتو»، التى وقعت عليها مصر، والتى تنص على عدم نزع «السيل الجمركى» للحاويات الترانزيت قبل وصولها إلى وجهتها النهائية!.