.. وأول زيارة رئاسية لموزمبيق!
بعد أنجولا، ومشاركته فى قمة «السوق المشتركة لدول شرق وجنوب إفريقيا»، الكوميسا، بزامبيا، وصل الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح الجمعة، إلى مابوتو، عاصمة موزمبيق، آخر محطات جولته الإفريقية، التى لم يزرها رئيس مصرى من قبل، ما جعل الرئيس الموزمبيقى فيليبى نيوسى، يصف هذه الزيارة بأنها «تاريخية»، ويعرب عن اعتزاز بلاده البالغ بها، ويثمن جولة الرئيس الإفريقية، إجمالًا، ويؤكد أنها تعكس اهتمام مصر العميق بإفريقيا وحرصها على دعم أشقائها فى القارة.
متانة العلاقات الثنائية والروابط الممتدة بين مصر وموزمبيق، أكدها الرئيس نيوسى، فى مؤتمر صحفى مشترك عقده مع الرئيس السيسى، أعرب خلاله عن تطلع بلاده إلى تدعيم تلك العلاقات فى مختلف المجالات، خاصة على الصعيد الاقتصادى، لافتًا إلى حرص موزمبيق على تشجيع الاستثمارات المصرية بها، وحرص حكومته على توفير كل التسهيلات اللازمة للشركات المصرية، وتذليل أى عقبات قد تواجهها.
المباحثات بين الرئيسين السيسى ونيوسى، شهدت توافقًا فى وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها الأزمة السودانية. كما اتفق الرئيسان على تكثيف التشاور السياسى والتنسيق بين البلدين، خلال الفترة المقبلة، بشأن الملفات الملحة على الساحة الإفريقية، من بينها تطورات الأوضاع فى بؤر النزاعات المختلفة بالقارة، والتداعيات السلبية لمختلف الأزمات العالمية القائمة على جهود دفع عملية التنمية فى الدول الإفريقية، خاصة فى ظل عضوية موزمبيق بمجلس الأمن.
بدأت عضوية موزمبيق، غير الدائمة، بمجلس الأمن، فى أول يناير الماضى، وستنتهى فى آخر ديسمبر ٢٠٢٤، وجرى انتخاب الدولة الشقيقة، لتمثل القارة السمراء فى المجلس، بعد حملة ناجحة أبرزت فيها «تاريخها فى النضال ضد الفصل العنصرى بجنوب إفريقيا»، وأكدت أنها «ستدفع من أجل إجراء إصلاحات فى مجلس الأمن لمعالجة المخاوف الإفريقية»، وستولى اهتمامًا كبيرًا بمكافحة الإرهاب.
الدولة الواقعة فى جنوب شرق إفريقيا، تحارب منذ ست سنوات تقريبًا جماعات إرهابية مسلحة فى مقاطعة «كابو ديلجادو»، راح ضحيتها أكثر من أربعة آلاف. ونهاية ديسمبر الماضى، تبنى تنظيم «داعش» هجومًا على قرية ناماندى، و... و... وتأسيسًا على ذلك، تناول الرئيسان سبل تعزيز التعاون بين البلدين فى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، عبر تبادل الخبرات والمعلومات، والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار، فى منطقتى شرق وجنوب إفريقيا. وكانت لفتة طيبة أن يشيد الرئيس نيوسى بدور المؤسسات الدينية المصرية العريقة فى محاربة الفكر المتطرف ونشر النهج الوسطى للإسلام فى موزمبيق وسائر دول العالم. وعليه أبدى الرئيس السيسى استعداد مصر، ومؤسسة الأزهر الشريف، لتدريب أئمة وعلماء الدولة الشقيقة.
إلى جانب التعاون فى هذا الملف، الذى يعد من أبرز التهديدات للسلم والأمن، على المستويين الإفريقى والدولى، أكد الرئيس السيسى وجود آفاق واسعة لتطوير مستوى التعاون الاقتصادى، وأوضح أن تفعيل عمل اللجنة المشتركة بين البلدين شكل قوة دفع كبيرة للتعاون بين البلدين فى مختلف المجالات، مشيرًا إلى أهمية العمل على الارتقاء بمعدلات التبادل التجارى، لتتسق مع مستوى العلاقات الثنائية المتميزة، إضافة إلى الحرص المتبادل على تعزيز وجود الشركات المصرية العاملة فى موزمبيق وتشجيع شركات جديدة على الاستثمار هناك، خاصة فى مجالات تطوير البنية التحتية والزراعة والاستزراع السمكى والصحة، مع مواصلة تقديم مختلف أوجه الدعم وبناء القدرات للأشقاء فى مختلف المجالات المدنية والعسكرية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى أكد أن حرصه على زيارة موزمبيق، فى هذه الجولة الإفريقية، جاء انطلاقًا من تقديرنا لعلاقات الأخوة التاريخية التى تربطها بمصر، وكذا، لدورها المهم فى إقليم جنوب إفريقيا. وهنا، نرى أن الإشارة مهمة، أيضًا، إلى أن دولة «٢٣ يوليو»، كانت قد ساندت موزمبيق فى ستينيات القرن الماضى، وفتحت لحركة تحررها الوطنى مكتبًا فى القاهرة، حتى تخلصت من الاستعمار البرتغالى، الذى استمر لنحو ٤٥٠ سنة، ثم كانت مصر من أولى الدول التى اعترفت بجمهورية موزمبيق المستقلة، سنة ١٩٧٥، وفى سبتمبر من السنة نفسها، افتتحت أول سفارة عربية، وسادس سفارة دولية، فى مابوتو.