"الساعات الحاسمة".. تقارير: رفع سقف الدين الأمريكى ينذر بانكماش أكبر اقتصاد فى العالم
تستعد الولايات المتحدة لأسبوع عاصف من أجل الوصول لاتفاق رفع سقف الديون، بعد أن توصل المشرعون الأمريكيون والبيت الأبيض إلى اتفاق اللحظة الأخيرة فى عطلة نهاية الأسبوع، لتجنب احتمال التخلف عن السداد.
وحسب صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، فإن لجنة القواعد فى مجلس النواب الأمريكى قد بحثت مشروع قانون الاتفاق المبدئى بشأن سقف الدين، لتحديد إطار العمل للنظر فى التشريع وعرضه على مجلس النواب، الذى سيصوت عليه اليوم، وبعد ذلك يُحال إلى مجلس الشيوخ لإقراره، ثم تجرى الموافقة على الصفقة بشكل نهائى فى عطلة نهاية الأسبوع الحالى.
وقالت الصحيفة البريطانية: «ليس لدى المشرعين مجال لرفض الصفقة، لأنه إذا لم يتم سن التشريع بحلول الخامس من يونيو المقبل فسوف تنفد أموال الولايات المتحدة المخصصة لسداد الالتزامات، ما يمثل كارثة على الأسواق المالية ويهز الاقتصاد الأمريكى والاقتصاد العالمى، ما قد يدفعهما إلى الركود».
وأوضحت أن الصفقة ترفع سقف ديون الولايات المتحدة، البالغة ٣١.٤ تريليون دولار، لمدة عامين، ويظل الإنفاق غير الدفاعى ثابتًا فى السنة المالية ٢٠٢٤، وقد يزيد بنسبة ١٪ فقط فى العام التالى، بينما تظل ميزانية الدفاع، كما هى دون تغيير.
فيما قالت وكالة بلومبرج الأمريكية إن اتفاق سقف الدين المبدئى، المبرم بين الديمقراطيين والجمهوريين، ضربة جديدة للاقتصاد الأمريكى الذى يواجه بالفعل مخاطر الركود، موضحة أن الصفقة من شأنها أن تزيد من مخاطر حدوث انكماش فى أكبر اقتصاد فى العالم.
وذكرت الوكالة، فى تقرير لها، أن الصفقة المبدئية التى أبرمها الرئيس جو بايدن ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثى خلال عطلة نهاية الأسبوع، إذا وافق عليها الكونجرس ورغم أنها تدفع إلى تجنب البلاد أسوأ سيناريو للتخلف عن السداد الذى يؤدى إلى الانهيار المالى- فإنها قد تزيد أيضًا من مخاطر حدوث انكماش.
وأضافت الوكالة أن الحد الأقصى للإنفاق الحكومى فى صفقة رفع سقف الدين الحكومى «يضيف رياحًا معاكسة جديدة للاقتصاد الأمريكى المثقل بالفعل بأعباء أعلى معدلات الفائدة منذ عقود ويقلل من الوصول إلى الائتمان». ونقلت نصيحة توبين ماركوس، كبير محللى السياسة والسياسات الأمريكية، التى قال فيها إنه سيكون من المهم تقييم الدرجة التى تكون فيها حدود الإنفاق «حيلة»، حيث سعى المفاوضون إلى سد الخلافات من خلال المناورات المحاسبية.
وأضاف أنه مع توقع بقاء الإنفاق للسنة المالية المقبلة حول مستويات ٢٠٢٣ فإن ما تفرضه الصفقة من قيود سيبدأ فى وقت قد يكون فيه الاقتصاد فى حالة انكماش.
وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «بلومبرج» آراءهم سابقًا قد أشاروا إلى انخفاض بنسبة ٠.٥٪ سنويًا فى الناتج المحلى الإجمالى للولايات المتحدة للربعين الثالث والرابع.
وقال مايكل فيرولى، كبير الاقتصاديين الأمريكيين فى «جيه بى مورجان تشيس»، إن «المضاعفات المالية تميل إلى أن تكون أعلى فى فترات الركود، لذا إذا دخلنا فى حالة ركود فإن الإنفاق المالى المنخفض قد يكون له تأثير أكبر على الناتج المحلى الإجمالى والتوظيف».
فيما قال جاك أبلين، كبير مسئولى الاستثمار فى أمريكا، إن ما حدث هو تطور مهم، فلقد مر أكثر من عقد منذ أن كان صناع السياسة النقدية والمالية يجدفون فى نفس الاتجاه، وربما تكون القيود المالية عنصرًا آخر يثقل كاهل التضخم.
فيما أكد عدد من الخبراء أن ملايين الأمريكيين قد يفقدون وظائفهم إذا لم يرفع الكونجرس سقف الديون، وفقًا لموقع «إنسايدر» الأمريكى.
وقال التقرير إن المشرعين إذا فشلوا فى رفع سقف الديون قبل الموعد النهائى «المحدد فى الخامس من يونيو» أو حتى التخلف عن السداد على المدى القصير فقد يكلف هذا الأمريكيين أكثر من مليون وظيفة، ويمثل تهديدًا خطيرًا للانتعاش الاقتصادى الذى حققته البلاد منذ وباء كورونا.
ونقل «إنسايدر» عن جوش بيفنز، كبير الاقتصاديين فى معهد السياسة الاقتصادية، وهو مركز أبحاث تقدمى، قوله إن «التخلف عن السداد الفعلى سيؤثر على كل قطاع على حدة فى اقتصاد الولايات المتحدة»، مضيفًا أن النقاش الدائر حول التخلف عن السداد المحتمل يمكن أن يؤدى إلى اضطراب اقتصادى.
من جانبه، قال مايك كونزال، مدير تحليل الاقتصاد الكلى فى معهد روزفلت للأبحاث، إن «الوصول إلى سقف الديون، أو حتى مجرد توقعه، يمثل تهديدًا خطيرًا للانتعاش الاقتصادى للبلاد».
وأضاف: «ليست الأسواق المالية وحدها هى التى ستعانى، وأى نوع من التخلف عن السداد سيضع ضغوطًا كبيرة على بقية الاقتصاد الحقيقى، فمدفوعات الضمان الاجتماعى ستتأخر على الفور، وهذا من شأنه أن يسبب مشقة للكثيرين ويسبب على الفور ذعر المستهلكين، ووقف الإنفاق، وإبطاء الاقتصاد، مما يهدد بركود كبير».
ويحذر الخبراء من الانتظار حتى اللحظة الأخيرة فيما يخص أزمة سقف الدين الأمريكى، ما قد يؤدى إلى حدوث انكماش اقتصادى.
وتابع «بيفينز»: «إذا تخلفنا عن السداد واستمر ذلك لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، أعتقد أنك يمكن أن تتحدث عن زيادات فى معدل البطالة، كما رأينا فى الأزمة المالية لعام ٢٠٠٨».
وأشار الموقع الأمريكى إلى أنه، وبالإضافة إلى التخفيضات المحتملة للوظائف، فإن التخلف عن السداد يهدد بعرقلة تمويل البرامج الفيدرالية التى يعتمد عليها ملايين الأمريكيين.
وقال برنارد ياروس، الخبير الاقتصادى: «ليس هناك ركن من الاقتصاد الأمريكى يمكنه تجنب تداعيات سماح المشرعين للخزانة باختراق سقف الديون وعدم القدرة على الوفاء بجميع التزاماتها المالية بالكامل وفى الوقت المحدد».
فيما نقلت وكالة «شينخوا» الصينية تصريحات عن ديفيد روزنبرج، الاقتصادى الأمريكى البارز، وكبير الاقتصاديين والمحلل الاستراتيجى لدى «روزنبرج» للأبحاث، أكد فيها أن الولايات المتحدة تشهد بالفعل ركودًا اقتصاديًا، مستشهدًا ببيانات تظهر انخفاضات متتالية فى الدخل المحلى الإجمالى، وهو مقياس رئيسى للنشاط الاقتصادى فى البلاد.
وأوضح أن مخاوف الركود تزعج المستثمرين منذ أشهر، بعد أن رفع مجلس الاحتياطى الفيدرالى أسعار الفائدة من مستويات قريبة من الصفر إلى أكثر من ٥٪ خلال الـ١٤ شهرًا الماضية فى محاولة لتهدئة التضخم.
وأشار إلى أن بيانات الدخل المحلى الإجمالى وهى مقياس رئيسى للنشاط الاقتصادى، التى صدرت الأسبوع الماضى، أظهرت انخفاضًا بنسبة ٢.٣٪ فى الربع الأول على أساس سنوى معدل موسميًا، بعد انكماشها بنسبة ٣.٣٪ فى الربع الرابع لعام ٢٠٢٢، موضحًا أن ذلك دليل على الركود.
وقال «روزنبرج» إن «(مؤشر ستاندر أند بورز ٥٠٠) يشير إلى ركود، حيث تراجعت الأسهم الرئيسية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالاقتصاد الحقيقى».
وأضاف: «إلى جانب الاضطراب فى القطاع المصرفى وضغط الائتمان اللاحق، فقد تأججت مخاوف من أن الولايات المتحدة ستدخل فى ركود».