القاص بيتر ماهر ينتظر "جمهورية عمعم"
ينتظر القاص بيتر ماهر الصغيران، مجموعته القصيرة الأحدث "جمهورية عمعم"، التي انتهي منها موخرًا، وينتظر طرحها منشورة ورقيًا.
وبيتر ماهر الصغيران، قاص شاب، طرح أولى محاولاته القصصية من خلال المجموعة المعنونة بـ"صمت الطمي"، والصادرة في عام 2015، وتعاقبت أعماله القصصية وهي: "وقت جيد للتحليق"، "مملكة القطط"، "رجل بمزاج الفسفور"، وصدرت له رواية واحدة بعنوان "سيرة وحيدة لقرية صغيرة"، عن مؤسسة بتانة للنشر في العام 2021.
وخص القاص بيتر ماهر الصغيران الــ"الدستور" بقصة "الأرضيات"، من مجموعته قيد النشر "جمهورية عمعم"، ومنها نقرأ:
في نفس المساء توفى جدي.
عبارة كتبتها في إحدى مذكراتي اليومية، أذكر أن الجملة الأخيرة التي سألني عنها جدي:
ما اسم جدتك التي هي زوجتي؟!
ظننت أن جدي يداعبني: لكنه كرر الجملة مرتين، وسط ذهولي الشديد!
فكيف ينسى اسم زوجته؟
سألت نفسي: هل هي بوادر الزهايمر و تلك هي أعراضه الأولية ؟!
لم أجد بديلًا سوى أن أخبره باسم جدتي "سلوى" بعدها ابتسم كثيرًا: نعم هي "سلوى"، و أنا مثل تمساح عجوز، فتح فكه، أكل و شرب ونام، ثم ينتظر الموت، لا تستغرب أن أنسى اسمها، فقد وصلت معها إلى حدود التماهي: بل حتى التلاشي.
نعم صارت مثل نفسي .. فهى نفسي الوحيدة ... هل يمكن أن تنسى نفسك، أو أن تسميها بأى اسم اّخر سوى نفسك؟ّ!
ابتسمت أنا، ثم ذهبت معه إلى أبعد ما يكون من الخيال وسألت: هل يمكن أن تتلاشى كل الحواجز الأرضية؛ لتذهب في أجواء أخرى.. ربما لا أدري؟! في العاشرة من مساء نفس اليوم ،أخبروني أن جدي قد توفى.
ذهبت على الفور إلى العزاء الكائن بمنزله، كانت جدتي تبكي، ولم تفارقها الدموع، تنزل دمعة تليها الدمعة بلا انقطاع، لم أجد أى سبيل سوى النظر إلى الأسفل، حيث الرخام الملون في أرضيات الصالة، تراءى لي طوفان من الخيالات.
وجدت بعض التعاريج التي تشبه الإنسان الاَلي، تعاريج أخرى تشبه امرأة مستلقية على ظهرها وإلى جوارها رجل يقبلها، ثم تصور اَخر لرجل كفيف، يرتدي نظارة شمسية، يمسك عكازا، وآخر يقف أمامه، يشير بأصبعه، ولا أعرف لماذا؟!
بعدما رجعت إلى منزلي، تمنيت لجدي الرحمة بعد أن قضى عمره على الأرض نمت وجاء الحلم، كان على شكل إنسان آلي، يسير إلى الرجل الأعمى، بينما المرأة المستقلية على ظهرها، يواسيها الرجل النائم إلى جوارها.