.. وبدأ الحوار الوطنى
انطلق الحوار الوطنى، أمس الأربعاء، بمشاركة واسعة من مختلف القوى السياسية والنقابية والمجتمع الأهلى والشخصيات العامة والخبراء. ووجه الرئيس التحية، لكل المشاركين فى «هذه التجربة الوطنية المحترمة»، ودعاهم إلى بذل الجهود لإنجاحها، واقتحام المشكلات والقضايا وتحليلها، وإيجاد الحلول والبدائل لها، متمنيًا من الله عز وجل، أن يكلل جهودهم، وجهودنا جميعًا، بالنجاح والتوفيق، مؤكدًا دعمه المستمر لهذا الحوار، وتهيئة كل السبل لإنجاحه، وتفعيل مخرجاته، فى إطار من الديمقراطية والممارسة السياسية الفاعلة.
الهدف الأول، الأساسى والرئيسى، للحوار الوطنى هو فتح قنوات الاتصال بين المختلفين فى الرأى: أكثر من ١٩ لجنة، تناقش أكثر من ١١٣ قضية، وكل قضية لها ممثلون من كل الأحزاب والشرائح الوطنية، حتى يحقق الحوار الوطنى أهدافه. وبالإضافة إلى رئيس الأمانة الفنية والمنسق العام، يضم مجلس الأمناء ١٩ عضوًا يمثلون المجتمع المصرى، تم اختيارهم جميعًا بالتوافق، الذى يعكس التوازن. ما يجعلنا ننتظر أن يكون الحوار شاملًا وفاعلًا وحيويًا، وأن يحقق نتائج ملموسة، تجاه جميع القضايا وعلى جميع المستويات.
البداية كانت بإعلان الرئيس السيسى، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية فى رمضان قبل الماضى، أى منذ سنة تقريبًا، عن تكليف «إدارة المؤتمر الوطنى للشباب» بالتنسيق مع التيارات السياسية والحزبية والشبابية، لـ«عقد حوار سياسى مع كل القوى»، بشأن أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة، وإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسى وتوسيع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدنى. وعلى مدار السنة الماضية، تابع الرئيس عن كثب، وباهتمام بالغ، الإجراءات التحضيرية، وكلف كل الجهات المعنية بتهيئة الأجواء لإتمامه، مشددًا على «أن الاختلاف فى الرأى، لا يفسد للوطن قضية» ومؤكدًا أن حجم التنوع، والاختلاف فى الرؤى والأطروحات، يعزز كفاءة المخرجات التى ننتظرها، وصولًا إلى تحقيق رؤية مصر ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة، التى ربطت تحقيق التنمية الاقتصادية بالبعد الاجتماعى.
بالتحاور وتبادل الرؤى، سيرسم المشاركون ملامح جمهوريتنا الجديدة، وسيضعون خارطة طريق، لمستقبل واعد مشرق يليق بأبنائنا وأحفادنا. وعليه، دعا مجلس الحوار الوطنى كل القوى الاجتماعية والنقابية والمهنية وغيرها إلى عقد جلساتها مع المواطنين فى الأقاليم والمراكز والمحافظات لسماع رغباتهم ومعرفة طلباتهم. وعلى مدار اجتماعات المرحلة التحضيرية، تلقى الحوار الوطنى العديد من طلبات المشاركة، واستقبل العديد من المقترحات والرؤى من مختلف القوى السياسية والنقابية، والمجتمع الأهلى والشخصيات العامة والخبراء وحتى المواطنين. ومن زميلنا ونقيبنا السابق ضياء رشوان، المنسق العام للحوار، عرفنا أنه، حتى اللحظة، لم ترفض أى قوة سياسية ولا حزبية المشاركة، وأن الجميع فى حالة إجماع حقيقى، لدرجة أن بعض القوى الخارجة عن الشرعية، الدستور والحكم فى مصر، حاولت أن تبدى رغبة فى المشاركة!.
دعوة الرئيس للحوار الوطنى، جاءت من يقين راسخ لديه، بأن أمتنا المصرية، تمتلك قدرات وإمكانات، تتيح لها بدائل متعددة، لإيجاد مسارات للتقدم فى جميع المجالات، سياسيًا واقتصاديًا ومجتمعيًا، وأن مصرنا الغالية، تمتلك من كفاءات العقول، وصدق النوايا، وإرادة العمل، ما يجعلها فى مقدمة الأمم والدول، وأن أحلامنا وآمالنا، تفرض علينا، أن نتوافق ونصطف للعمل، ونجتمع على كلمة سواء. وما يطمئن، كثيرًا، هو أن كل الأطراف المشاركة فى الحوار لم تبخل بجهدها أو وقتها، واستفاضت، خلال الجلسات التحضيرية، فى إبداء ما لديها من آراء، وفى التعليق على ما يجرى وجرى فى مصر من تطورات وأحداث.
.. أخيرًا، ومع انتظارنا مشاركة الرئيس السيسى فى مراحل الحوار الوطنى النهائية، نتطلع إلى أن نطوى ما تبقى من صفحات الجمهورية الأولى، الشائخة، بمفاهيم التأسيس وتاريخ الميلاد، وأن ننتقل بخطى ثابتة وواثقة إلى الجمهورية الثانية، الجديدة، الشابة والقوية، المدنية، الديمقراطية، الحديثة، التى شقت، بالفعل، طريقها نحو التنمية الحقيقية، واستردّت مكانتها الخارجية، عربيًا وإقليميًا ودوليًا، وصارت دولة مؤثرة، وكسبت، أو انتزعت، احترام المجتمع الدولى، العدو قبل الصديق.