حوار «أساهى» مع الرئيس
جريدة أساهى، Asahi، كما ذكرنا، الأحد الماضى، فى مقالنا الطويل «أرض الشمس المشرقة.. جمهوريتنا الجديدة.. والقارة السمراء»، هى إحدى كبرى الصحف اليابانية وأعرقها، وثانى أكثر صحف العالم انتشارًا، وشعارها هو قرص الشمس الأحمر، الذى تخرج منه الأشعة حتى أطرافه، والذى كان علم إمبراطورية اليابان، المعروف باسم «هينومارو»، إلى أن تم تغييره، سنة ١٩٤٥، بعد الحرب العالمية الثانية.
يقترب توزيع الجريدة، فى بعض التقديرات، من ١٢ مليون نسخة يوميًا، ولها طبعة دولية يرأس تحريرها يوشياكى كاسوجا، Yoshiaki Kasuga، الذى أجرى، بمشاركة إيشيرو تاكيشى، Eishiro Takeishi، مدير مكتب الجريدة فى القاهرة، حوارًا مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، استمر لمدة ٧٠ دقيقة، على هامش زيارة فوميو كيشيدا، رئيس الوزراء اليابانى، لمصر، التى بدأها السبت الماضى، وانتهت، أمس الأول الإثنين، وكانت المحطة الأولى فى جولته الإفريقية التى تشمل أربع دول.
فى المقتطفات، التى نشرتها الجريدة، أمس الثلاثاء، تحدث الرئيس السيسى عن العلاقات المصرية اليابانية الوثيقة، والتعاون بين البلدين فى تسوية القضايا والأزمات الدولية، سواء الأزمة الروسية الأوكرانية أو الأزمات الإقليمية الراهنة، حيث أكد الرئيس حرص مصر واليابان على تعزيز التعاون الثنائى فى مختلف المجالات، وأشاد بقوة العلاقات بين الدولتين وأطر التعاون القائمة بينهما فى مجال التنمية. ودعا الشركات اليابانية إلى الاستثمار فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التى وصفها بأنها مركز رئيسى للتجارة الدولية.
انطلاقًا من الرئاسة اليابانية الحالية لمجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، واستضافة مدينة هيروشيما قمة المجموعة فى ١٩ مايو الجارى، أشار الرئيس إلى وجود تنسيق مصرى يابانى لإيجاد حلول وتسويات للأزمات الدولية القائمة، على رأسها الأزمة الأوكرانية، وأزمات الغذاء والطاقة والتمويل. وتوضيحًا لموقف مصر من الأزمات الدولية، أو القائمة بالمنطقة، أكد أن السياسة الخارجية المصرية تقوم على رفض التدخل فى شئون الدول الداخلية، واحترام مبدأ السيادة وتسوية النزاعات بالطرق السلمية. وعرض الرئيس موقف مصر من التطورات فى السودان، موضحًا الجهود التى تبذلها مصر لوقف وتثبيت إطلاق النار وتهيئة المناخ للحوار السلمى واستكمال المرحلة الانتقالية، لتجنيب الشعب السودانى الشقيق المخاطر الإنسانية المتفاقمة للنزاع.
الرئيس السيسى أشار، أيضًا، إلى أن ملايين السودانيين يقيمون فى مصر بالفعل، ولا يتم التعامل معهم كلاجئين، بل كضيوف، موضحًا أن مصر بها بين ٨ و٩ ملايين ضيف من ليبيا وسوريا واليمن ودول إفريقية أخرى، برغم الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن الأزمة الأوكرانية، التى أدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والسلع الأساسية فى عدد كبير من دول العالم، خاصة الدول النامية.
بسؤاله عن التغيرات الدراماتيكية التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، مثل تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران، ردّ الرئيس بأن منطقة الشرق الأوسط شهدت لأكثر من ١٠ سنوات حالة من عدم الاستقرار، تسببت فى معاناة الكثيرين، لافتًا إلى أن سياستنا الخارجية تتمتع بالصبر الاستراتيجى لانتظار تحسن الوضع، وتقوم على أن الخيار الوحيد المناسب للتعامل مع تلك الحالة هو تخفيف التوتر، دون التدخل فى شئون الدول الداخلية.
بنية، لا نظنها حسنة، سُئل الرئيس عن نظرته إلى توسط الصين فى تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية، فكان أن وصف الرئيس «أى نية حسنة لإيجاد حلول لمختلف أزمات العالم» بأنها «أمر جيد»، مؤكدًا أن مصر ترحب بمساهمات الصين واليابان والولايات المتحدة، كما تأمل فى التوصل إلى حل مبكر للأزمة الأوكرانية، وستدعم أى دولة تسهم فى ذلك. وتفسيرًا لاتخاذ مصر والعديد من دول الجنوب العالمى، موقفًا محايدًا تجاه الأزمة الأوكرانية، قال الرئيس إن هناك حاجة إلى السعى لحل سلمى، لافتًا إلى أنه دعا المجتمع الدولى إلى إيجاد حل سياسى ودبلوماسى لإنهاء القتال.
.. وتبقى الإشارة إلى أن جريدة «أساهى» لها ٣٠ مكتبًا خارج اليابان، و٣٠٠ مكتب فرعى فى الأقاليم اليابانية المختلفة، غير مقرها الرئيسى بطوكيو، الذى يوجد على سطحه مهبط لطائرات الهليكوبتر، التى يستخدمها الصحفيون للوصول إلى مواقع الأحدث الطارئة خلال ساعات الذروة المرورية!