أرض الشمس المشرقة.. جمهوريتنا الجديدة.. والقارة السمراء
- العلاقات المصرية اليابانية التاريخية توطدت وشهدت طفرات متلاحقة منذ تسع سنوات
- لمسنا منذ منتصف 2014 تقديرًا واحترامًا يابانيًا بالغًا لدور مصر الإقليمى والدولى
- ننتظر منافسة قوية أو أكثر قوة بين اليابان والصين وروسيا فى القارة السمراء
- وثيقة اليابان الدفاعية الجديدة ترى الصين تحديًا استراتيجيًا وتصف روسيا بأنها مصدر قلق
ثلاثون سنة، مرت على تأسيس «مؤتمر طوكيو الدولى للتنمية الإفريقية»، تيكاد، TICAD، الذى أقيمت دورته، نسخته أو قمته الثامنة، أواخر أغسطس الماضى، تحت شعار «أولويات التنمية فى إفريقيا بعد كورونا المستجد»، واستهدفت بها اليابان توسيع حضورها، ولن نقول نفوذها، السياسى والاقتصادى فى القارة السمراء، عبر «بناء شراكة حقيقية» من أجل «تنمية يقودها الأفارقة»، فى السياق الدولى، الذى ازداد تعقيدًا بعد وباء كورونا المستجد والأزمة الروسية الأوكرانية. واستكمالًا للجهود المصرية اليابانية من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتعميق التعاون الإقليمى والدولى، وتعزيز الأمن والاستقرار فى المنطقة، كانت مصر أولى محطات جولة فوميو كيشيدا، رئيس الوزراء اليابانى، الأولى فى الشرق الأوسط وإفريقيا.
على الاحترام المشترك، والمنفعة المتبادلة، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، ترتكز العلاقات المصرية اليابانية التاريخية والراسخة، التى توطدت، وشهدت طفرات متلاحقة، منذ قيام إمبراطور اليابان السابق «أكيهيتو»، بتهنئة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فور انتخابه رئيسًا للجمهورية، فى يونيو ٢٠١٤، معربًا عن أطيب تمنياته له بالنجاح فى تحقيق الرفاهية للشعب المصرى، ثم بزيارة شينزو آبى، رئيس الوزراء اليابانى الراحل، فى سبتمبر التالى، للرئيس السيسى، بمقر إقامته فى نيويورك، على هامش مشاركتهما فى أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذا زيارته القاهرة، فى يناير ٢٠١٥، التى تبعتها زيارة الرئيس السيسى العاصمة اليابانية طوكيو، أواخر فبراير ٢٠١٦، ومع استمرار تبادل الزيارات بين الزعيمين، ووزراء وكبار مسئولى البلدين، استمر التنسيق المتبادل بشأن العديد من الملفات الإقليمية والدولية، وتعززت العلاقات الثنائية والتعاون فى كل المجالات، وعلى مختلف الأصعدة، وأثبتت اليابان، قولًا وفعلًا، أنها ترى مصر شريكًا مهمًا، لا غنى عنه، فى الشرق الأوسط وإفريقيا.
الآن، ومع اقتراب عقد قمة مجموعة السبع، التى تتولى اليابان رئاستها، هذا العام، أعرب كيشيدا، الذى كان وزيرًا للخارجية بين ٢٠١٢ و٢٠١٧، عن رغبته فى تعزيز الروابط مع الدول الإفريقية الكبرى، ودول «الجنوب الذهبى»، وهو مصطلح يشير إلى الدول النامية جنوب خط الاستواء، عبر الدفع بمشروع الممر الآسيوى الإفريقى وزيادة استثماراتها والترويج للنموذج التنموى اليابانى. ومن محاسن الصدف أن قمة مجموعة السبع، المقرر أن تستضيفها مدينة هيروشيما فى ١٩ مايو المقبل، تتزامن مع استضافة مدينة شرم الشيخ الاجتماعات السنوية لـ«مجموعة البنك الإفريقى للتنمية»، التى يشارك وزراء مالية الدول الثمانين الأعضاء فى المجموعة: ٥٤ دولة إفريقية و٢٦ غير إفريقية. ولعلك تتذكر أن أكينومى أديسينا، الذى تم انتخابه رئيسًا للمجموعة فى مايو ٢٠١٥، وبدأت ولايته الثانية فى سبتمبر ٢٠٢٠، كان قد زار القاهرة فى بداية الشهر الجارى، وأشاد بتجربة مصر التنموية، خلال السنوات التسع الماضية، وقال إنها «مصدر إلهام كبير للشعوب الإفريقية على امتداد القارة»، وأكد أن المصريين، قيادة وحكومة وشعبًا، أظهروا قدرة فائقة على النهوض السريع وتحقيق العديد من الإنجازات المهمة، مثمّنًا ما تحقق فى قطاعات الكهرباء ومعالجة المياه، وتطوير المناطق السكنية غير المخططة، باعتبارها أمثلة مضيئة على ما تحقق من تقدم تنموى.
تأتى جولة رئيس الوزراء اليابانى الإفريقية، أيضًا، بعد شهور قليلة من إجراء بلاده أكبر تعديل على سياساتها الدفاعية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وإقرارها وثيقة جديدة ترى الصين تحديًا استراتيجيًا، وتصف روسيا بأنها مصدر قلق لأمنها القومى، ما يجعلنا ننتظر منافسة قوية، أو أكثر قوة، بين الدول الثلاث فى القارة السمراء، التى أتاح «منتدى التعاون الصينى الإفريقى» للصين أن تصبح شريكها الأول، وتمكنت روسيا قبل وبعد «القمة الروسية الإفريقية»، سنة ٢٠١٩، من توسيع مساحة وجودها أو دائرة نفوذها فيها. وبإضافة «القمة الأمريكية الإفريقية» التى استضافتها واشنطن فى ديسمبر الماضى، نكون قد دخلنا مرحلة جديدة من صراع العمالقة، الذى دخلته اليابان، كما أشرنا، منذ ثلاثين سنة بصيغة أو بمنصة «تيكاد»، التى تأسست سنة ١٩٩٣، وأطلقت خلال السنوات الـ٢٩ الماضية ٢٦ مشروعًا إنمائيًا فى ٢٠ دولة، بالتعاون مع الأمم المتحدة والبنك الدولى والاتحاد الإفريقى. والأهم، هو أنها وجهت بوصلة الاهتمام إلى ضرورة دفع المسيرة التنموية الإفريقية، بخطط تنفيذية تتسق مع واقع القارة السمراء وتحترم سيادة دولها.
اليابان، لفظًا وليس مجازًا، هى منبع مصدر مشرق الشمس، ويقال إن الصينيين وصفوها بـ«أرض الشمس المشرقة»، أو «البلاد التى تشرق منها الشمس»، لوقوعها فى أقصى شرق العالم المأهول آنذاك، وكان قرص الشمس الأحمر، يتوسط العلم اليابانى، المعروف باسم «هينومارو»، وتخرج منه الأشعة الممتدة حتى أطرافه، إلى أن اضطرت لتغييره، سنة ١٩٤٥، بعد الحرب العالمية الثانية. لكن مع إعادة إنشاء «قوات الدفاع الذاتى»، سنة ١٩٥٤، أعيد استخدام العلم ذى الـ١٦ شعاعًا رمزًا للقوات البحرية، واستخدمت القوات البرية علمًا مشابهًا بـ٨ أشعة فقط. وبينما يحتفظ العلم الوطنى اليابانى الحالى، بالقرص الأحمر فقط، دون الأشعة، لا يزال العَلَم القديم، بأشعته، شائعًا على المنتجات التجارية، وشعارًا لجريدة أساهى، Asahi، ثانى أكثر صحف العالم انتشارًا. كما أن «وسام الشمس المشرقة» لا يزال هو أرفع الأوسمة اليابانية.
على سبيل الاستثناء، حققت اليابان معجزة اقتصادية، وصعدت تدريجيًا منذ تخلصها من الاحتلال الأمريكى سنة ١٩٥٢، إلى أن أصبحت، بدءًا من ٢٠١٢، ثالث أكبر دولة اقتصاديًا من حيث الناتج المحلى الإجمالى بعد الولايات المتحدة والصين. أما القاعدة، التى يثبتها هذا الاستثناء أو هذه المعجزة، فتحققت فى القارة السمراء، التى كانت، ولا تزال، «شاهدًا رئيسيًا على أزمة النظام الاقتصادى العالمى، الذى يتحمل مسئولية رئيسية عن إنتاج الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى تهدد الاستقرار والسلم الدوليين، وتجعل من الحديث عن التنمية المستدامة مجرد حديث مُرسل، لا شاهد عليه من الواقع الدولى المؤسف. مع أن القضاء على جذور ومسببات الأزمات الدولية، يمر بالضرورة عبر تفعيل مبدأ المسئولية المشتركة، متفاوتة الأعباء، بين أعضاء المجتمع الدولى، لتضييق الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية». وما بين التنصيص من كلمة ألقاها الرئيس السيسى، منذ ست سنوات تقريبًا، تحديدًا فى سبتمبر ٢٠١٧ أمام الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التى شدّد فيها على ضرورة التخلص من سياسات الاستقطاب، مؤكدًا أحقية كل الدول فى أن تسعى إلى تطوير مصالحها مع مختلف الشركاء الدوليين، دون أن يستعدى ذلك أحدًا. وعليه، تأسس دور مصر فى تعزيز التنمية بالقارة السمراء، على محاور واضحة، تضمنها خطاب الرئيس السيسى، فى فبراير ٢٠١٩، فور توليه رئاسة الاتحاد الإفريقى: تنمية القدرات البشرية بزيادة الاهتمام بالتعليم وتطويره.. تطوير مجالات البحث والابتكار.. تعزيز الاستثمار فى الشباب الإفريقى و... و... وفى مناسبات وسياقات عديدة، سابقة ولاحقة، أكد الرئيس حرص مصر على تطوير علاقات التعاون مع دول القارة والشركاء الدوليين، فى مختلف المجالات، لتعظيم المصالح المتبادلة وتحقيق الاستغلال الأمثل للفرص المتاحة.
تلك، إذن، هى زيارة فوميو كيشيدا، رئيس الوزراء اليابانى، الأولى للمنطقة، منذ توليه منصبه فى أكتوبر ٢٠٢١، بعد أن جعلته إصابته بفيروس كورونا، يكتفى بالمشاركة، عبر الإنترنت، فى قمة «تيكاد ٨»، التى استضافتها تونس الشقيقة، وانتهت فعاليتها فى ٢٨ أغسطس الماضى، بالتزامن، مع انطلاق «حوار سياسات التعاون الإنمائى رفيع المستوى بين مصر واليابان»، فى القاهرة، الذى جرت خلاله متابعة تطور العلاقات بين البلدين، وتبادل الرؤى ووجهات النظر بشأن التعاون المستقبلى، ومناقشة المشروعات الجارية والتغلب على أى معوقات قد تحول دون تنفيذها. وفيه، أكد هيروشى أوكا، السفير اليابانى بالقاهرة، أن بلاده ستستمر فى دعم التنمية المستدامة بمصر، كما أثنى هيديكى ماتسوناجا، مدير إدارة الشرق الأوسط وأوروبا بوكالة جايكا، على المرونة التى أظهرتها مصر فى التعامل مع تأثيرات وباء كورونا، وأشار إلى أنها واحدة من الدول القليلة التى تمكنت من تحقيق نمو اقتصادى فى ظل هذه الأزمة، مرجعًا ذلك إلى الإصلاح الذى تبنته الحكومة المصرية بدعم من القيادة السياسية.
خلال مشاركتها فى قمة «تيكاد ٨»، أكدت مصر أن القارة الإفريقية تواجه «تحديات اقتصادية شديدة الوطأة». وشدّد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، فى الكلمة التى ألقاها نيابة عن الرئيس السيسى، على «ضرورة التنسيق المشترك من أجل النهوض بالسياسات الوطنية الزراعية الإفريقية؛ سعيًا للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتى»، لافتًا إلى أن «التنمية الاقتصادية الحقيقية تستدعى تعزيز مناخ السلم والأمن داخل القارة الإفريقية، واعتماد مقاربة شاملة تحول دون العودة للصراعات». كما كانت «تيكاد ٧»، التى أقيمت فى مدينة «يوكوهاما» اليابانية، أواخر أغسطس ٢٠١٩، برئاسة مصرية يابانية، قد ناقشت التحولات الاقتصادية، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الأمن والاستقرار والسلام. وفى ضوء ما عكسته أعمال القمة من إرادة سياسية مشتركة، دعا الرئيس السيسى، خلال الجلسة الختامية، جميع المؤسسات والشركات اليابانية والعالمية، ومؤسسات التمويل الدولية للتعاون والاستثمار فى إفريقيا، لافتًا إلى أن أسواق إفريقيا مفتوحة، والظروف الاستثمارية مهيأة، والرغبة فى التعاون مع كل الشركاء موجودة.
التعاون الثلاثى بين مصر، اليابان، وقارة إفريقيا، تنظمه الاتفاقية الموقعة، سنة ١٩٨٩، وتعززه «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية» بجهودها الرامية إلى دعم التكامل الإفريقى. وفى فبراير الماضى تولت مصر رئاسة الوكالة الإنمائية للاتحاد الإفريقى، «النيباد»، الذراع التنموية للاتحاد، وتسعى، جاهدة، خلال السنتين المقبلتين، إلى تكثيف جهود حشد الموارد المالية لتمويل المشروعات، التى تضمنتها أجندة التنمية الإفريقية ٢٠٦٣، مع التركيز على قائمة المشروعات ذات الأولوية فى مجال البنية التحتية، التى تتضمن ٦٩ مشروعًا خلال الفترة الواقعة بين عامى ٢٠٢١ و٢٠٣٠، وأبرزها مشروع الربط الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، الذى يتولى الرئيس السيسى ريادته، وطريق القاهرة كيب تاون.
كانت تلك هى الأولوية الأولى، من أولويات الرئاسة المصرية الخمس، التى استعرضها الرئيس، خلال مشاركته عبر «الفيديو كونفرانس»، فى أعمال الدورة الأربعين للجنة التوجيهية للوكالة، بعد تسلّمه رئاستها من الرئيس الرواندى بول كاجامى. أما الأولوية الثانية، فركزت على محور التحول الصناعى، والبناء على ما تم تحقيقه من نتائج، خلال القمة الإفريقية الاستثنائية حول التصنيع، التى استضافتها نيامى، عاصمة النيجر، فى نوفمبر الماضى، بما يضمن تطوير سلاسل القيمة المضافة القارية، التى أصبحت تمثل ضرورة قصوى، خاصة بعد تأثيرات وباء كورونا المستجد وتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
تطرح «النيباد» برامج عمل محددة لعدد من الأولويات القطاعية، تشكل فى مجموعها الأهداف المرجوة منها، والمتمثلة فى دعم الأمن والسلام فى القارة، وتحقيق الحكم السياسى والاقتصادى الرشيد، وزيادة الإنتاجية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائى، وتحسين البيئة، وتطوير التعليم والبحث العلمى، وتعزيز الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات، والتنمية البشرية وبناء القدرات الإفريقية و... و... وتعظيم حجم التجارة الإفريقية البينية ونفاذ الصادرات الإفريقية للأسواق العالمية. وسعيًا إلى تحقيق الهدف الأخير جعلت أولويتها الثالثة الإسراع من تحقيق الآمال المستهدفة من اتفاقية التجارة الحرة القارية، بالانتهاء من المفاوضات على كل بروتوكولاتها الإضافية، مع دعم الدول الإفريقية على تعظيم الاستفادة مما ستتيحه الاتفاقية من فرص للاندماج فى الاقتصاد العالمى، ومن زيادة فرص العمل، خاصة بين قطاعات الشباب والمرأة.
لدى تناوله الأولوية الرابعة، التى هى مشاركة الدول الإفريقية لخبراتها فى مجال البنية التحتية، أشار الرئيس إلى أن مصر انخرطت فى تجربة تنموية رائدة فى مجال البنية التحتية، على مدار الأعوام الثمانية الماضية. وتحدث عن سد «جوليوس نيريرى» فى تنزانيا، ذلك المشروع التنموى الضخم، الذى يتم تنفيذه بأيادٍ مصرية وتنزانية ويُعد نموذجًا يُحتذى به، للتعاون بين الدول الإفريقية فى المجال التنموى. وفى هذا السياق، أوضح الرئيس أن مصر على أتم استعداد لمشاركة خبرات شركاتها مع الدول الإفريقية الشقيقة الأخرى. كما تناولت الأولوية الخامسة والأخيرة، تكثيف التعاون والتنسيق مع الشركاء الدوليين، ومؤسسات التمويل الدولية، لسد الفجوة التمويلية فى مشروعات التنمية المستدامة، وتخفيف أعباء الديون عن الدول الأكثر تضررًا، مع الاستفادة من المبادرات الجديدة التى يتم طرحها خلال قمم الشراكات التابعة للاتحاد الإفريقى.
بالتوازن الدقيق، الذى حققته اليابان بين اعتزاز بالنفس والتواضع واحترام الغير، وانطلاقًا من يقينها الراسخ بأننا نعيش جميعًا فى كوكب واحد، وأن علينا جميعًا أن نسهم فى رسم ملامحه دون إقصاء أو تمييز أو استثناء، لمسنا منذ منتصف ٢٠١٤، تقديرًا واحترامًا يابانيًا بالغًا لدور مصر الإقليمى على المستويين العربى والإفريقى، وأيضًا لدورها فى بناء السلام والأمن والاستقرار على المستوى الدولى. كما رأيناها تساند مصر والقارة الإفريقية اقتصاديًا وتنمويًا، وتدعم مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، وتسهم فى تحديث برامج التنمية المصرية، بدعمها مشروعات البنية الأساسية الكبرى، مثل بناء كوبرى السلام، الذى يربط بين إفريقيا وآسيا، وتمويل مشروع المدارس اليابانية النموذجية، وإنشاء المركز الثقافى والتعليمى اليابانى، وإقامة الجامعة اليابانية التقنية فى برج العرب، والإسهام فى إنشاء المتحف المصرى الكبير.
محفظة التعاون الإنمائى بين مصر واليابان بها العديد من المشروعات الجارى تنفيذها، ويجرى التباحث، حاليًا، بشأن المشروعات المستقبلية فى مجالات الكهرباء والتأمين الصحى الشامل وتعزيز الاقتصاد و... و... والكثير من المشروعات التى تتناسب مع التطورات الجارية، وتدعم الجهود المصرية للتحول نحو الاقتصاد الأخضر. وعبر مكتب «جايكا مصر»، أو مكتب «وكالة اليابان للتعاون الدولى» فى القاهرة، يتعاون البلدان على مستوى التمويلات التنموية والتعاون الفنى. كما تستهدف خطة بنك اليابان للتعاون الدولى «جيبك»، فى مصر، التى بدأت فى ٢٠٢١ وتنتهى العام الجارى، مساندة الجهود الوطنية لتعزيز كفاءة البنية التحتية ودفع أهداف التنمية المستدامة وتوطين الصناعة. وتقول الأرقام إن الاستثمارات اليابانية المباشرة فى مصر تضاعفت، خلال العام الماضى، ولا تزال الشركات اليابانية تسعى إلى استكشاف المزيد من الفرص.
هدف البلدين الأساسى كان، ولا يزال، «التعاون من أجل طفرة ومرحلة جديدة فى العلاقات الثنائية»، وتحت العنوان صدر بيان مشترك خلال زيارة الرئيس السيسى الأولى لليابان، فى ٢٠١٦، وهو البيان الذى أشادت فيه الدولة الصديقة بالجهود المصرية المبذولة لتحقيق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية، وأشارت فيه مصر إلى اهتمامها بتعزيز التعاون مع اليابان لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستثمارات اليابانية فى مجالات الطاقة والمياه، ومشروع التنمية بمنطقة قناة السويس. كما تضمن البيان اتفاق الجانبين على تعزيز التعاون فى مجالات التعليم والتبادل الثقافى، والشباب والرياضة، والكهرباء والطاقة، والصحة، والنقل، والسياحة، والزراعة والرى، ومنع الكوارث وتمكين المرأة.
إلى هذا البيان المشترك، أضيفت ثلاثة ملاحق، أولها بشأن الشراكة المصرية اليابانية فى التعليم، التى تهدف إلى زيادة أعداد الطلاب والمتدربين فى مؤسسات التعليم اليابانية، وتطبيق نظام التعليم اليابانى فى مصر، والاهتمام بالجوانب الأخلاقية والأنشطة المدرسية، والتعاون فى مجال التعليم الفنى، وبناء قدرات المدرسين، ودعم الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، والاتفاق على تشكيل لجنة تسيير لهذه الشراكة.. وكان الملحق الثانى عن مبادرة التعاون بين مصر واليابان فى قطاع الرعاية الصحية، وتشمل تطوير نظام التأمين الصحى، وتنمية الموارد البشرية، والاهتمام بصحة الأم والطفل، وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص فى البلدين فى مجال التكنولوجيا والأجهزة الطبية، وغيرها من المجالات ذات الصلة، فضلًا عن التعاون الثلاثى فى مجال الصحة لصالح دول إفريقيا جنوب الصحراء.. وتناول الملحق الثالث مبادرة التعاون المشترك فى قطاع الكهرباء، وتشمل السياسة الكهربائية والتخطيط، وإنشاء محطات الكهرباء متعددة الأنواع التى تُدار من خلال نظام الدورة المُركبة ووسائل الطاقة المتجددة والفحم، فضلًا عن تطوير نظام نقل وتوزيع الكهرباء وصيانة المحطات القائمة بالفعل، وقد تم الاتفاق على تشكيل لجنة تنسيق لمتابعة تنفيذ هذه المبادرة.
.. أخيرًا، وبعيدًا عن الدول التى تسعى إلى الصدام والتناحر، تبحث مصر واليابان عن نقاط التلاقى والتكامل. وهناك، بالفعل، آفاق واسعة للعمل المشترك وتعزيز وتطوير وتعظيم العلاقات، سواء على المستوى الثنائى، أو من خلال التعاون الثلاثى مع دول القارة الإفريقية، سعيًا إلى تحقيق «الأمن والتنمية والتكامل»، تلك الكلمات الثلاث التى صارت، منذ منتصف ٢٠١٤، رسالة دولة ٣٠ يونيو، أو جمهوريتنا الجديدة، للقارة السمراء، والمنطقة العربية، وكل دول العالم، بما فيها الدول غير الصديقة.