مشروع "الجينوم" العملاق.. المصريون يوثقون بأيديهم أعراقهم وتاريخ أمراضهم
بالتوازي مع الحديث بهذه الفترة عن الهوية الحضارية المصرية ومحاولة البعض سرقة تلك الهوية وادعاء الأكاذيب حولها مثل ما يمارسه أنصار "الأفروسنتريك"، كانت مصر هي السباقة بإعداد مشروع يعتبر هو الأضخم فى تاريخ منظومة البحث العلمى المصرية الحديثة وهو مشروع الجينوم المرجعى للمصريين وقدماء المصريين.
والجينوم البشري هو عدد كبير من الخلايا حوالي 80 تريليون خلية وكل خلية عبارة عن مجموعة من الحمض النووي الريبوزي منزوع الأكسجين DNA وهو عبارة عن سلسلتين كل سلسلة بها صبغيات تحدد صفة الشخص، ويبلغ عدد الصبغيات 25000 جين وهي المورثات.
ومشروع الجينوم المصري يهدف إلى تحديد الخصائص الوراثية للمصريين، وتحديد الطرق المثلى للوقاية والعلاج من الأمراض، وكذلك تحديد مدى ملائمة الأدوية للمصريين، خاصة أن البشرية مقبلة على عصر الطب الشخصى حسب الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، وذلك فضلًا عن تحديده مدى قرابة المصريين إلى العرقيات والجنسيات الأخرى.
والطب الشخصي حسب الدكتور عبد الغفار هو نموذج طبي يُقسم الناس إلى مجموعات مختلفة تساعد على تحسين القرارات والتدخلات الطبية، وكذلك المنتجات العلاجية المصممة خصيصًا للمريض استنادًا إلى الاستجابة المتوقعة أو خطر الإصابة بالمرض.
وأكد المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، أن مشروع الجينوم المرجعي يساعدنا على فهم ما يميز المصريين عن غيرهم في الاستجابة للأدوية المختلفة وكذلك كيفية الإصابة بالأمراض وهو ما يعنينا في النهاية ويدعم المنظومة الصحية بشكل إيجابى، موضحًا أنه يمكن فهم طبيعة الأمراض التي كانت تصيب المصريين القدماء، والحالة الصحية، من الأمراض التي كانت تصيبهم خلال تلك الفترة.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، أن هناك إمكانية الاستفادة من قاعدة بيانات مبادرات ومشروعات الصحة العامة "100 مليون صحة" في مشروع الجينوم المصري.
واتخذت مصر خطوات فعالة في طريق إتمام مشروع الجينوم العملاق، إذ جرى سحب عينات المتبرعين للمشروع في أبريل 2022، ليصل عدد المتبرعين 1124 عينة وتم الانتهاء من عدد 480 عينة، وإجازة 380 عينة منهم بعد تجاوزهم معايير الجودة المطلوبة من وجهة نظر المعلوماتية الحيوية بنسبة 79.2%، كما تم الإنتهاء من عدد 22 عينة من عينات القدماء المصريين.
كما أكدت وزارة الصحة والسكان، أنه جارى حاليًا تجهيز قواعد بيانات المبادرات الصحية التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى لدعم وتوفير الخدمات الصحية للمواطنين لاستخدامها فى المشروع القومي للجينوم المرجعي للمصريين وقدماء المصريين.
من جانبها أوضحت الدكتورة نهلة عبد الوهاب استشاري الفيروسات في حديثها لـ "الدستور" أن مشروع الجينوم المصري يعتبر من أضخم المشروعات الصحية في الفترة الأخيرة، مشيرة إلى أنه سيساهم فى تحسين منظومة الصحة العامة والرعاية الصحية بشكل كبير، كما أنه سيساعد في إجراء العديد من الأبحاث والتوصل إلى نتائج هامة من شأنها تقليل فرص الإصابة بالأمراض.
وتابعت أن المشروع يسهم كذلك في أبحاث ما قبل الزواج، مما يقلل من فرص إنتاج جيل يحمل العديد من الأمراض، ما ينتج عنه تخفيض تكلفة الرعاية الطبية، وكذلك رسم خطط وقائية تحمي المصريين من الأمراض والأوبئة غير المتوقعة، وعلاج الأمراض المستعصية.
كما لفتت إلى أن المشروع يساعد في الاكتشاف المُبكر للجينات المُتعلقة بالأمراض الأكثر شيوعًا بين المصريين وأفضل البروتوكولات العلاجية والوقائية لها، ومساعدة منظومة الصحة المصرية.
ومن المقرر أن يكون مشروع الجينوم المصري بمشاركة كافة الجهات البحثية والجامعات المصرية ذات الخبرة في علم الجينوم وذلك بموجب اتفاقية تعاون بين الأكاديمية والجهات المنفذة، وهو ما سيجعل المركز منارة علمية متاحة لجميع الباحثين المهتمين بأبحاث الجينوم من داخل مصر وخارجه، كما من المتوقع أن يواكب إنشاء مركز الجينوم تأسيس وحدة متخصصة لمعالجة البيانات الكبيرة تبنى على الإمكانيات الحاسوبية، مثل تلك الموجودة في "جامعة القاهرة" و"مكتبة الإسكندرية" و"أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا" لتوفير القدرة الحاسوبية اللازمة لإجراء تحليل البيانات الكمية الهائلة المنتظر إنتاجها.