"للذاكرة تاريخ".. كتاب ينبض بأسرار الحياة
“للذاكرة تاريخ .. مقدمات وكتب”، عنوان أحدث مؤلفات الكاتب العراقي هيثم نافل والي، وهو مادة دسمة بالمعرفة وخبرة جليلة، جلية بدهاليز خبايا وخفايا مكنونات الإنسان، جنونه ومجونه حين يصبح عبداً لغرائز، خيره وشره الذي ربما يكون قد غاب عن وعيه.
يكشف الكتاب كيف انزلق الإنسان وانحرف لعالمه المظلم فالرسائل المبطنة حاضرة واضحة للقارئ اللبيب، ليست بحاجة لفك غموضها فهي عالم صادق وقد يكون صادم بعض الأحيان لكنه ينبض وينطق برموز وأسرار حياتنا بشكل أو بآخر، يلامسها، يحاورها محاولاً الغوص بالأعماق منقب عن بذور خيرها يداعبها يحاكها لعل الحياة تدب فيها مجدداً، ما زال الإنسان يدب على الأرض فلا ييأس في جني ثمار خيره فنحن الآن نعيش بكنف خير من سبقنا، نحتمي بمظلة عطاءه، خير من ضحى من أجل الإنسانية لرفعه وانتشاله مما قد يغرسه بوحل الظلام والضلال ذلك الخير الذي لا يفنى نعيشه كل ثانية، أركانه دستور أيامنا ثابتة لا تتزحزح عبر الزمان، كشروق الشمس على كل من يقطن الأرض التي بضيائها نستطيع تميز كوننا وكشف أسراره.
سلط الكاتب الضوء على بعض المواضيع الشائكة في تسيير أمور ما نحياه، لتكون بقعة الضوء التي ربما تنير عالمنا متعمد ومتقصد بعد أن رأى الظلم أخذ الحيز الأكبر منها، أصبحنا أتباع أفكار غيرنا دون المكوث ولو للحظة عما يلائمنا منها وما نختلف عليه!.
السؤال الذي ود “وال” طرحه بشكل أدبي وفن راقٍ دون الخوض بتفاصيل جانبية لا تشبع ولا تروي ظمأ عطشان، لماذا أصبحنا نعدو عبر الزمان بإيقاع متراكض؟ هل سارت فينا عدوى الجري السريع بعذر اللحاق بدوران عجلاته دون أخذ نفس عميق كي نقف عن مدى صدق ما يجري وإلى أين ذاهبين، فوجب السؤال هنا ما الذي تغير؟.
الحياة هي نفسها والزمن مازال هو فلم تتغير حركة أميال ثوانيه، هذا يصلنا إلى حقيقة موجعة وقف عندها كاتبنا وحاول معالجتها من خلال طرحها للمناقشة بمقال أو شبه أطروحة، حقيقة يجب عدم تجاهلها هي تغير الإنسان نفسه، قيمه، ميوله وأهوائه؛ هذا ما وقف عنده كاتبنا المبدع كجرس إنذار كي نعيد ترتيب أوراق حياتنا، فتح درجها وإخراج ملفاتها، تصحيحها قبل أن يتلفها القدم ويأكلها العفن فالوقت مازال مناسب في رأيه ولم يفت بعد كي نقوم مجتمعاتنا والنهوض بها لنرتقي بمستوى ما بدأه أجدادنا.