الأهم من اعتقال 14 ألفًا
هذا الرقم الضخم أعلنته المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، «الإنتربول»، أمس الأول الثلاثاء، مع أرقام أخرى أضخم، كانت حصيلة عملية أمنية واسعة النطاق، أطلقت عليها اسم «تريجر تسعة»، Trigger IX، جرى تنفيذها بين ١٢ مارس الماضى و٢ أبريل الجارى، وشاركت فيها ١٥ دولة فى أمريكا الوسطى واللاتينية: الأرجنتين، بوليفيا، البرازيل، تشيلى، كولومبيا، الباراجواى، كوستاريكا، الإكوادور، السلفادور، جواتيمالا، البيرو، هندوراس، المكسيك، بنما والأوروجواى.
إضافة إلى الـ١٤ ألفًا، تحديدًا ١٤٢٦٠، الذين تم اعتقالهم أو احتجازهم، أعلنت الإنتربول وسلطات الدول المشاركة فى العملية عن مصادرتها حوالى ٢٠٠ طن من الكوكايين تقترب قيمتها من ستة مليارات دولار، إضافة إلى ٣٧٠ طنًا من المواد الكيميائية التى تستخدم فى تصنيع المخدرات. كما تم ضبط ٨ آلاف قطعة سلاح و٣٠٥ آلاف طلقة ذخيرة، من بينها مائة ألف طلقة فى الأوروجواى قام بتهريبها اثنان من الرعايا الأوروبيين، عبر الحدود. واستشرافًا للمستقبل، جرى فتح نحو ٣٠ تحقيقًا، وحددت الدول المشاركة فى العملية سلطات ١٥ طريقة عمل جديدة للتصنيع غير المشروع للأسلحة النارية والاتجار بها وإخفائها.
المنظمة الدولية، المعروفة اختصارًا باسم «الإنتربول»، INTERPOL، يقع مقرها الرئيسى فى مدينة ليون الفرنسية ستحتفل فى سبتمبر المقبل بمئوية تأسيسها، وهى منظمة حكومية دولية تساعد أجهزة الشرطة، فى الدول الـ١٩٤ الأعضاء، على تبادل المعلومات المتعلقة بالجرائم والمجرمين، وتقدّم لها الدعم الفنى والميدانى، وتساعدها فى تحديد مكان الهاربين من العدالة، وتوفر لها قواعد بيانات وتصدر نشرات بألوان مختلفة، تكون بمثابة طلبات تعاون أو تنبيهات دولية. وللمنظمة مكاتب مركزية وطنية، أو محلية، فى كل بلد، تمثل نقطة الاتصال مع الأمانة العامة والمكاتب المركزية الوطنية الأخرى.
المهم، أو الأهم من اعتقال الـ١٤ ألف شخص، هو أن ضبط هذه الكمية الضخمة من المخدّرات خلال عملية تستهدف الأسلحة النارية غير المشروعة، رآه يورجن شتوك، أمين عام المنظمة، دليلًا إضافيًا على ترابط هذه الجرائم، لافتًا إلى أن «شبكات الجريمة المنظمة التى تقف وراء كل هذه الأنشطة غير المشروعة لها أولوية واحدة فقط، هى الربح». وما يؤكد ذلك، أيضًا، هو أن عملية «تريجر تسعة»، قادت، حسب الإنتربول، إلى الكشف عن مجموعة من جرائم الفساد والاحتيال والاتجار بالبشر و... و... والأنشطة الإرهابية.
هذا الدليل الإضافى سبقته مئات، بل آلاف الوقائع، التى تؤكد أن أعضاء التنظيمات الإرهابية، الذين يشترون ويستخدمون السلاح، يقومون أيضًا بشراء وبيع وتعاطى المخدرات. وهناك دراسة، مثلًا، أعدها المعهد التونسى للدراسات الاستراتيجية، أكدت أن نحو ٦٥٪ من الإرهابيين الذين عادوا من بؤر التوتر فى الخارج، كانوا يتعاطون موادّ مخدرة. كما أكدت تقارير أمنية ليبية، أن معظم مَن يديرون تجارة المخدرات هناك، على علاقة بـ«داعش» و«القاعدة» و«الإخوان». وهناك، أيضًا، تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى، أكد أن الاتهام بالإرهاب يتم توجيهه إلى ٩٪ من الذين تحتجزهم الولايات المتحدة بتهمة الانتماء لمنظمات إرهابية دولية، بينما يواجه الباقون اتهامات أخرى، من بينها تعاطى أو حيازة أو تجارة المخدرات!.
.. وأخيرًا، ندعوك إلى مشاهدة فيلم «صناعة أمريكية»، American Made، وهو فيلم أمريكى، قام ببطولته توم كروز، وأخرجه دوج ليمان، سنة ٢٠١٧، عن قصة حقيقية لطيار اسمه بارى سيل، استخدمته المخابرات المركزية الأمريكية لتهريب السلاح والمخدرات إلى، ومِن، جماعات مسلحة فى أمريكا الجنوبية. وغير بارى سيل، فى الواقع، أو توم كروز، فى الفيلم، ستجد تفاصيل أكثر فى كتاب ديك ليهر وجيرار ك. أونيل، «القدّاس الأسود»، Black Mass، الذى تحول سنة ٢٠١٥ إلى فيلم بالاسم نفسه، أخرجه سكوت كوبر، وقام ببطولته جونى ديب. كما نشير، بالمرة، إلى أن الوزير الإسرائيلى الأسبق جونين سيجيف، الذين عوقب سنة ٢٠١٩، بالسجن لمدة ١١ سنة، عن تجسسه لمصلحة إيران، سبق أن أدين سنة ٢٠٠٥ فى قضية تهريب مخدرات.