الروائي علاء عبدالعزيز يحكي لـ"الدستور" ذكريات الريف في رمضان
تحدث الكاتب الروائي علاء عبد العزيز لـ"الدستور" عن ذكرياته الرمضانية. وقال: “يتجدد الأمل في الحياة كل عام لقاطني حارة السلطان مع قدوم شهر رمضان”.
وحارة السلطان شأنها شأن جميع حارات المحروسة، يأتي عليها رمضان وقد أعد الأهالي له عدته، في الأسبوع الأخير من شعبان تلتقي أمي وأطفال حارتنا في حوش بيتنا الواسع في منتصف الحارة، تشحذ الهمم لتزيين الحارة وتبادر بمبلغ كبير من عندها تشجيعا للأطفال الذين ينتشرون في طول الحارة وعرضها يجمعون من كل شقة مبالغ حسب القدرة والاقتدار.
وتابع: "في نفس الوقت على يمين رأس الحارة كان صاحب الحانوت الوحيد يبني فرنا من الطوب الأحمر لعمل الكنافة والقطايف في الشهر الكريم، وبعد رمضان يتم إزالته ويرجع دكان للبقالة كسابق عهده وفي ليلة رؤية الهلال يكون قد اكتملت زينة الحارة وبهجتها، وما أن يعلن المفتي في التلفزيون عن ثبوت الرؤية، حتى يخرج الأطفال من بيوتهم ليتجمعوا عند رأس الحارة يهرعون في الشارع جماعات يخبرون أهل الحي بالصوت الجهوري أن (بكره صيام يا إسلام)".
بعد الرؤية يغادر من كل بيت أحد المسؤولين عن جلب السحور إلى أفراد البيت فتمتلئ محال الفول والطعمية ومنتجات الألبان بالزائرين، ناهيك عن أفران الخبز التي تشهد طوابير وكانت منذ قليل قبل بيان المفتي خالية من الناس، وكأن الناس فجأه تذكروا في مخيلة واحدة أن غدا صيام ويلزمه خبز للسحور.
كانت هناك عادة لي وأمي أن نقضي اليوم الأول في عزبة جدها قاسم الكبير، نذهب إلى هناك فنشهد مظاهر رمضانية أخرى للريف غير مصر المحروسة، وقبل أن أدلف إلى بيت جدي كنت أسعى أولا لزيارة بيوت الفلاحين في عزبة جدي، أعرج على الدار تلو الأخرى، فأرى خبيزا في هذه الدار، وأرى بعض الفلاحات في بيت آخر يضعن صينية الكنافة على الكانون، وبيت ثالث ورابع أرى الطيور بالقنطار تذبح وترمى في الطشت.
أما غالبية الرجال في العزبة فكانوا يجهزون الجوزه، تجد الرجل يجلس بالقميص الأبيض الداخلي ويفرد مكونات الجوزة، يفصل الغاب ويغسله في همهة منقطعة النظير ثم يغسل بقية الأجزاء ويملأ قارورة الكركرة بالماء يجهزها للحظة الإفطار، بحيث يؤذن المؤذن فيتناول إفطاره سريعا ثم يسد رمقه بالقرقرة إلى ميعاد إدراك وقت السحور، وبجانبه الراديو الترانزستور وبعض أصدقائه يسحبون معه الأنفاس.