باحثة لـ"الدستور": استقرار السودان جزء رئيسى من محددات الأمن القومى المصرى
قالت نسرين الصباحى، الباحثة بوحدة الدراسات الإفريقية بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن العلاقات بين مصر والسودان تشهد حراكًا إيجابيًا يتجلى ذلك في مجموعة من التفاعلات والزيارات المتبادلة على فترات متقاربة بين البلدين، انطلاقًا من الروابط التاريخية والأزلية بين مصر والسودان، في ظل عمق الثقافات والمصالح المشتركة بين البلدين، وحالة التقارب بين البلدين والمواقف المصرية الثابتة.
وأوضحت الصباحي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن مصر تسعى لعبور السودان المرحلة الانتقالية والوصول لحالة من الاستقرار ووصول الدعم إليه؛ إذ ظلت سياسة مصر دائمًا دعمًا وسندًا للسودان لمواجهة التحديات والأزمات المختلفة، وتحديدًا في المرحلة الانتقالية على كافة المستويات التنموية والإغاثية تأكيدًا على عمق روابط الأخوة والوحدة بين الشعب المصري والسوداني، ومساندة مصر لإرادة وخيارات الشعب السوداني في صياغة مستقبل بلاده، والحفاظ على مؤسسات الدولة، واستعداد مصر لتقديم كافة سُبل الدعم للسودان لتجاوز هذه المرحلة.
مجالات التعاون بين مصر والسودان
وأشارت إلى أنه في هذا السياق، تتعدد مجالات التعاون المشتركة بين البلدين؛ يتمثل التعاون العسكري في نقاط محددة من الثوابت الممتدة والبنية التحتية القوية، وتبادل الخبرات العسكرية في مجالات تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب، وبرامج التدريب المشتركة بين العناصر المصرية والسودانية، مثل التدريب في مجال سلاح الطيران من خلال مناورات نسور النيل بقاعدة مروي الجوية في السودان، وتدريبات مشتركة في مجال الدفاع الجوي.
وأكدت أن الأيام الماضية شهدت اختتام التدريبات البحرية المشتركة بين البلدين (SUD-EGY-T-1) في مجال الأمن البحري والتهديدات غير التقليدية والأنشطة غير المشروعة في منطقة البحر الأحمر، أما في مجال التعاون الاقتصادي فقد عملت مصر على دعم مشروعات الربط الكهربائي والسكك الحديدية وتأهيل الموانئ البحرية والنهرية، وتطوير المعابر البرية لتسهيل حركة النقل والتجارة، وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتوجه رجال الأعمال والشركات المصرية للاستثمارات في السودان.
وتابعت: «فضلاً عن التنسيق والتشاور السياسي بين البلدين حيال القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى ذلك، يتمتع البلدان بروابط شعبية ممتدة انطلاقًا من عمق الروابط الثقافية والحضارة والجوار الجغرافي والتاريخ المشترك ووحدة المصير، والمدركات الإيجابية المشتركة بين شعبي وادي النيل».
وأضافت: "وصل تطور العلاقات بين البلدين إلى مرحلة من التفهم المشترك والشراكة الاستراتيجية، حيث توجد مؤشرات قوية بين البلدين اتسمت بالشمولية من حيث التعاون في مختلف المجالات وتقديم مصر دعما للسودان لمواجهة أزمات الفيضانات، والخبز، وجائحة كورونا من خلال تقديم مجموعة من المساعدات الطبية والإغاثية، ما يؤكد متانة وقوة العلاقات التاريخية المتأصلة بين البلدين، في ظل تمثيل السودان العمق الاستراتيجي الجنوبي لمصر".
دور مصر في حل الأزمة السياسية بالسودان
وأوضحت الصباحي أن أمن واستقرار السودان يُمثل جزءًا رئيسًا من محددات الأمن القومي المصري، وتأسيسًا على الشراكة الاستراتيجية والتنسيق المشترك في مواجهة التحديات والمخاطر، تعمل مصر على تقريب وجهات النظر وتهيئة المناخ الملائم لأطراف العملية السياسية في السودان للحوار السوداني- السوداني للتوصل إلى صيغة توافقية بشأن القضايا الخلافية والعالقة.
وفي ضوء ذلك، استضافت القاهرة، في فبراير الماضي، ورشة عمل بعنوان" آفاق التحوّل الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع"، وشهدت الورشة مشاركة واسعة النطاق من الأطراف الفاعلة في المشهد السوداني.
ونتج عن هذه الورشة مجموعة من المخرجات والتوصيات شملت التأكيدّ على بنود الاتفاق الإطاري الذي تم التوقيعّ عليه مؤخرًا في ديسمبر الماضي. بالإضافة إلى ذلك، عملت المبادرة المصرية على تحريك الجمود في العملية السياسية، وشكّلت اختراقًا ونقلة نوعية في مسار استعادة عملية التحوّل الديمقراطي في السودان والتقدم نحو تشكّيل حكومة مستقلة ذات كفاءات وطنية وتجاوز المرحلة الانتقالية.