إيرانى يفوز بجائزة سعودية!
المنافسات بين متسابقى النسخة الثانية من برنامج «عطر الكلام»، بدأت ثانى أيام رمضان الجارى، الموافق ٢٤ مارس الماضى، أو فى الحلقة الثانية، بعد أن تم تخصيص الحلقة الأولى للتعريف بالمسابقة وأعضاء لجنة التحكيم. وأمس الأول، الجمعة، جرى إعلان النتائج، وتوزيع الجوائز على الفائزين، الذين تصدّرهم الإيرانى يونس شاهمرادى فى فئة تلاوة القرآن الكريم، والسعودى محمد آل الشريف فى فئة الأذان.
تهدف المسابقة، التى تنظمها «الهيئة العامة للترفيه» فى السعودية، إلى «تسليط الضوء على الأصوات المميزة فى ترتيل وتجويد القرآن الكريم ورفع الأذان، والإسهام فى تحسين أداء المتسابقين والمشاهدين، من خلال الملاحظات الدقيقة للجنة التحكيم المكونة من أعضاء متخصصين فى الأصوات والمقامات». وقالت «الهيئة» إنها أتاحت المشاركة لجميع المتسابقين من مشارق الأرض ومغاربها، عبر إجراءات تسجيل ميسرة.
الكلام، كما ترى، جميل ومعقول، وتفوح منه رائحة العطر فعلًا. لكن كان لافتًا، أن يأتى الإعلان عن نتائج المسابقة، بعد ٢٤ ساعة تقريبًا، من لقاء وزيرى خارجية السعودية وإيران، فى العاصمة الصينية بكين، لتفعيل اتفاق استئناف العلاقات بين البلدين، الذى تم الإعلان عنه فى ١٠ مارس الماضى، برعاية أو بوساطة صينية، والذى نقل العلاقات السعودية الإيرانية، كما كتبنا وقتها، من حافة الهاوية إلى شاطئ التسوية، وكسر ارتباطها بالتفاهم الإيرانى الأمريكى، الذى قد يحدث قريبًا.. وقد لا يحدث أبدًا.
البيان السعودى الإيرانى المشترك، الصادر، مساء الخميس، فى ختام مباحثات وزيرى الخارجية، أكد اتّخاذ خطوات دبلوماسية لتعزيز العلاقات فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، وفى كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة. وقال إن الجانبين اتفقا على مواصلة التنسيق بين الفرق الفنية وعبّرا عن شكرهما وتقديرهما للجانب الصينى على استضافة هذا الاجتماع، وللحكومة السويسرية لمساعيها وجهودها فى رعاية المصالح السعودية والإيرانية و... و... وذكر البيان أن وزير الخارجية السعودى جدّد الدعوة الموجهة إلى نظيره الإيرانى لزيارة المملكة وعقد اجتماع ثنائى فى الرياض، وأن وزير الخارجية الإيرانى رحب بالدعوة، ووجه دعوة مماثلة إلى نظيره السعودى لزيارة إيران وعقد اجتماع ثنائى فى طهران.
هكذا، كانت قناة «إم بى سى» السعودية تعرض الحلقة الختامية من برنامج «عطر الكلام»، التى تسلّم فيها سعودى وإيرانى الجائزة الأولى فى فئتى المسابقة، بينما كانت قناة «سى سى تى فى» الصينية تعرض لقطات لوزير الخارجية الصينى وهو يتوسط نظيرَيه السعودى والإيرانى ويمسك بيديهما، وتستعرض تفاصيل «أول اجتماع رسمى بين وزيرى خارجية البلدين منذ أكثر من سبع سنوات» وتشيد بـ«وساطة بكين النشطة». قبل أن تؤكد ماو نينج، المتحدثة باسم الخارجية الصينية، أن بلادها «تدعم دول الشرق الأوسط فى الحفاظ على استقلالها الاستراتيجى، والتخلص من التدخل الخارجى، والإبقاء على مستقبل المنطقة بأيديها».
وسائل الإعلام السعودية والإيرانية، أيضًا، تفاعلت بشكل إيجابى مع لقاء الوزيرين. ولعلك تتذكر أن مصر كانت قد أكدت أنها تابعت، باهتمام، الاتفاق بين البلدين، وأعربت، بحسب البيان الذى أصدره المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، عن تقديرها لهذه الخطوة المهمة، وتثمينها التوجه، الذى انتهجته السعودية، وتمنّت أن يكون لهذا التطور مردود إيجابى إزاء سياسات إيران الإقليمية والدولية، وأن يشكّل فرصة سانحة لتأكيد توجهها نحو انتهاج سياسة تراعى الشواغل المشروعة لدول المنطقة، بما يعزز فرص التعاون وتوطيد التواصل الإيجابى فيما بينها، من أجل رسم مسار للعلاقات يلبى آمال شعوب المنطقة فى الازدهار والتقدم.
.. أخيرًا، ولأن «سوء الظن من حسن الفِطَن»، نقرّ بأننا اعتقدنا أن لجنة تحكيم مسابقة «عطر الكلام»، اضطرت، تحت ضغوط سياسية، إلى مجاملة المتسابق الإيرانى، للتخديم على اتفاق استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، أو على الأقل تأثرت، عاطفيًا أو نفسيًا، بالاتفاق، غير أننا اكتشفنا أن التصفيات الأولية، بدأت فى يناير الماضى، وأن إيرانيًا آخر اسمه سيد موسوى كان قد فاز، السنة الماضية، بالمركز الرابع فى فئة التلاوة.