مصر والسعودية.. دائمًا معًا
تعزيزًا للعلاقات التاريخية الوثيقة والمتميزة التى تربط بين البلدين الشقيقين، ولمواصلة التنسيق والتشاور تجاه التطورات والقضايا الإقليمية والدولية، ودعمًا للعمل العربى المشترك فى مواجهة مختلف التحديات، زار الرئيس عبدالفتاح السيسى مدينة جدة السعودية، مساء أمس الأول، الأحد، لعدة ساعات، التقى خلالها الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ولى عهد المملكة، رئيس مجلس الوزراء، بحضور اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة المصرية، ومساعد بن محمد العيبان، مستشار الأمن الوطنى السعودى.
على أرضية ما يجمعنا مع كل الأشقاء العرب، من تاريخ مشترك، وتطلعًا إلى مستقبل أكثر ازدهارًا، سعت دولة ٣٠ يونيو إلى تحقيق شراكات عربية فعلية، سياسية واقتصادية وأمنية، وطرحت صيغًا جادة للتكامل، تتجاوز المشكلات، أو العقبات، التى أفسدت الصيغ والمحاولات القديمة، إيمانًا منها بأن تكامل القدرات المتباينة ينشئ منظومة صلبة قادرة على مواجهة التحديات المشتركة والأزمات الإقليمية والدولية، وقادرة أيضًا على توفير الحماية، لنا جميعًا، من الاستقطاب الدولى الآخذ فى التصاعد، والذى باتت له تبعات سلبية على التناول الدولى لأزمات المنطقة العربية، وأعاد إلى الأذهان مظاهر حقبة تاريخية عانى فيها العالم بأسره.
تأسيسًا على ذلك، يمكنك بسهولة استنتاج بعض أو غالبية الملفات التى تناولها الرئيس السيسى وولى العهد السعودى، والتى من الطبيعى أن تكون على رأسها ترتيبات القمة العربية الثانية والثلاثين، التى تستضيفها المملكة فى مايو المقبل، والتى كنا قد توقعنا، أمس، أو رجّحنا، أن تسبق انعقادها عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. ولعلك تتذكر أن الرئيس كان قد شدّد فى كلمته، أو كلمة مصر، أمام القمة العربية السابقة التى استضافتها الجزائر، فى نوفمبر الماضى، على ضرورة استلهام روح القومية العربية، وتجديد عزيمة الصمود، من أجل الحفاظ على هويتنا، وتحرير إرادتنا الوطنية، والدفاع عن حقوق شعوبنا، وصون مقدراتها.
أشقاؤنا فى السعودية «يديرون الأمور بحكمة وحزم»، ولهذا أكد الرئيس السيسى لزميلنا غسان شربل، فى ٧ نوفمبر ٢٠١٧، تمسكه بالعلاقات الاستراتيجية مع المملكة، مكررًا عبارة «نحن دائمًا معًا»، وأشار إلى أن القيادة السعودية «فى نهجها السياسى والاقتصادى والاجتماعى تتحرك فى كل المجالات بشكل رائع»، و«تحقق خطوات عملاقة على أكثر من صعيد، ستكون لها نتائجها الإيجابية داخل المملكة وخارجها»، كما أشاد باعتدالها وتشديدها على المواجهة الشاملة للتطرف وأسبابه، وحرمان أنصاره من مصادرة الدين ومنابره.
فى هذا الحوار، الذى أجراه رئيس تحرير جريدة «الشرق الأوسط» السعودية، على هامش «منتدى شباب العالم» فى شرم الشيخ، قال الرئيس السيسى إن استقرار المملكة استقرار لمصر؛ والعكس صحيح، والأمر نفسه بالنسبة لباقى الدول العربية، وأوضح أن «القوى التى تستهدف مصر تستهدف المنطقة أيضًا. إنها قوى الشر التى تتشكل من تنظيمات متطرفة أو دول إقليمية تسعى إلى زعزعة الاستقرار وقلب المعادلات». وشدّد على أن «قرارنا حاسم بالتصدى لهذه المحاولات، وإرادتنا صلبة». وطالب الأشقاء العرب بـ«أن نتكاتف دفاعًا عن أمننا القومى واستقرارنا ضد محاولات تقسيم بلادنا أو إغراقها فى الفوضى واستنزاف اقتصادها وفرص تقدمها». وأعرب عن ثقته التامة فى أننا، مع أشقائنا فى دول الخليج والدول العربية الأخرى، نستطيع إذا وحدنا جهودنا أن نتصدى لمن يستهدف بلداننا ومنطقتنا ودورنا.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرياض كانت قد استضافت، فى يناير الماضى، الاجتماع الخامس لـ«لجنة المتابعة والتشاور السياسى» بين البلدين، على مستوى وزيرى الخارجية، تنفيذًا لتوجيهات قيادتى البلدين، وإعمالًا لمذكرة التفاهم الخاصة بإنشاء تلك اللجنة، الموقّعة فى القاهرة، منذ ١٦ سنة تقريبًا. وعلى ضوء محورية البلدين فى محيطيهما العربى والإقليمى، ناقش الجانبان، بشكل مستفيض، الأوضاع السياسية والاقتصادية، دوليًا وإقليميًا، وأكدا أن الأمن القومى العربى كل لا يتجزأ. ومع تأكيدهما على ضرورة دعم الحفاظ على استقلال سوريا ووحدة أراضيها، شدّد الجانبان المصرى والسعودى على أهمية أمن واستقرار لبنان، وعلى دعمهما الكامل للجهود الأممية والدولية للتوصل إلى حل سياسى شامل للأزمتين اليمنية والليبية.