رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كشف عنها «سره الباتع».. مقاومة المصريين للغزاة وكيف بدأت قبل الحملة الفرنسية؟

سره الباتع
سره الباتع

لم يلبث جنود الحملة الفرنسية في مصر إلا أيام معدودات حتى كشفوا عن الوجه الاستعماري القبيح، ففي الحلقة الرابعة من مسلسل “سره الباتع”، يعتدي جنود الحملة على أراض الفلاحين ويتحرشون بهم، فما كان من المصريين إلا أن ردوا عليهم وقتل “حامد” و"ناجي" الجنود الثلاثة.

 

ومقاومة المصريين للغزاة ظهر منذ عصر مصر القديمة بدءا من الهكسوس مرورا بالفرس والرومان وصولا إلى المماليك والعثمانيين والحملة الفرنسية، وهو ما يثبته المفكر دكتور لويس عوض في كتابه “الفكر المصري الحديث”. 

 

ويسرد “عوض” تاريخ حركات مقاومة المصريين للمحتلين بكافة ألوانهم، متابعا: "الروح القومية كانت واضحة المعالم قبيل الحملة الفرنسية إلى حد جعل “تاليران” وزير خارجية الثورة الفرنسية، يكتب إلى حكومة الديركتوار تقريرا مسرفا في التفاؤل بتاريخ 14 فبراير 1798 في تزكية الحملة الفرنسية علي مصر قال فيه: “إن أهالي مصر قاطبة يكرهون حكامهم المماليك الذين يسومونهم الظلم والاضطهاد، وهم عزل لا سلاح معهم، وإذا أعطاهم المماليك سلاحا بحجة الدفاع عن البلاد من الغارة الأجنبية، فإنهم لا شك سيحاربون به طائفة المماليك أنفسهم، فليس ثمة خوف من مقاومة أو وثبة من الأهالي”.

 

وتابع: “هذا الكلام في جوهره لا يخرج عن كلام نابليون في مذكرته المتأخرة عن الحملة الفرنسية بأن العالم العربي كله يتململ تحت حكم الأتراك والمماليك، وهو يستعد للانفصال عن الإمبراطورية العثمانية لا ينقصه شئ إلا ظهور قائد من أبناء العالم العربي يقوده إلى الاستقلال، وقد كان تاليران واهما في تقديره بانحياز المصريين للفرنسيين عند غزو مصر، لأن التحرير من الخارج أي بالسلاح الأجنبي لم يكن بالمعادلة التي يقبلها المصريون، لأن معناه عند أي شعب ناضج سياسيا استبدال نير بنير، وقد أثبت المصريون بثوراتهم علي الحكم الفرنسي أنهم كانوا يرفضون الحكم الأجنبي من أي نوع كان”. 

 

ــ بداية المقاومة الشعبية للأتراك والمماليك 

 ويمضي دكتور لويس عوض مضيفا: “بداية المقاومة الشعبية للأتراك والمماليك بالمعني الفعال كانت عام 1794 في مدينة الإسكندرية، كما ذكر الجبرتي عن أحداث هذه السنة في وصفه لفتنة الإسكندرية التي قبض فيها العامة علي السردار وأهانوه وجرسوه علي حمار حلقوا نصف لحيته وطافوا به البلد وهو مكشوف الرأس وهم يضربونه ويصفعونه بالنعالات، ثم تفجرت المقاومة الشعبية في القاهرة كما ذكر الجبرتي في وصفه لفتنة المجاورين المجهضة عام 1794". 

وأضاف: “قد تكرر هذا الشغب في 1795 ثم استفحلت هذه الفتن عام 1795 حتي بلغت مبلغ الثورة في الحركة الشعبية التي استخلصت بها الجماهير “الحجة” المشهورة من الباشا التركي ومن كبيري المماليك مراد بك وإبراهيم بك”.

ويشدد “عوض” على: "وبالإجمال نقول أن أهم حركة قام بها المصريون في مكافحة الاستبداد التركي المملوكي كانت تلك الحركة التي قامت عام 1795، ووقفت بالبلاد علي شفا ثورة شعبية وأمكن للمصريين فيها استخلاص "حجة" من الوالي العثماني ومن زعيمي المماليك اللذين تقاسما حكم مصر يومئذ، مراد بك وإبراهيم بك. وهي وثيقة تاريخية أملي شروطها شيوخ الأزهر، وكانت فيما نعلم أول “ميثاق بين الحاكم والمحكوم في تاريخ مصر الحديث”.