تقارير: أنظار الدنمارك تتجه نحو الاستثمار في القاهرة
منذ قرابة الأربع أعوام وضعت دولة الدنمارك نصب عينها موقعًا هامًا فوق بقعة من الأرض تمتد إليها الخرائط شرقًا؛ بحرًا وبرًا وجوًا وهي "القاهرة"، إذ أن موقع مصر من الحزام الشمسي جعلها رافدًا جديدًا من روافد إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة عالميًا، مما لفت أنظار العالم إليهًا، وتحديدًا الغرب المسيطر على أمره الاتحاد الأوروبي ودوله اصحاب الرؤي الاستثمارية الأكبر دوليًا.
واستقبل الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، اليوم الخميس، الشريك المؤسس لشركة كوبنهاجن للبنية التحتية الدنماركية والوفد المرافق له لبحث سبل التعاون والاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، وعقد اللقاء بمقر الوزارة بالعاصمة الادارية الجديدة.
زيارات عدة استقبل خلالها وزير الكهرباء المصري العديد من الوفود الدنماركية الرسيمية والعادية ولكن جميعها لم تخلو من رفقة رجال أعمال وحكوميين متخصصين في الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة.
وكانت رغبة الوفد الدنماركي الاستثمار على أرض مصر مع قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة والتعرف على التجربة المصرية والإجراءات التى اتخذها قطاع الكهرباء المصرى فى مجال خفض الانبعاثات.
الدنمارك تجربة لم تسبق بعد
سجّلت الدنمارك رقماً قياسياً جديداً بعدما ولّدت عن طريق الرياح قرابة نصف ما استهلكته من الكهرباء في عام 2019.
وتعد الدنمارك واحدة من رواد إنتاج وصناعة الطاقة الجديدة والمتجددة علاميًا، واحتلت المركز الأول في هذا المجال عام 2018، بعد ما انتجت 28% من طاقتها الكهربائية من الرياح عام 2018.
وفي مطلع يناير عام 2019 سجلت شركة الكهرباء الحكومية الدنماركية "اينرجينت" أنّه جرى توليد أكثر من 47% من الطاقة الكهربائية بواسطة توربينات الرياح في 2019، ما يمثل زيادة قدرها 6% عما تم توليده في العام السابق، لتنتزع المركز الأول من منافستها إيرلندا، وتساهم بـ 14% من أجمالي الطاقة الكهربائية بدول الاتحاد الأوروبي بحسب البيانات الصادرة عن مجموعة دعم طاقة الرياح "ويند يوروب".
وتنقسم مشروعات الرياح في الدنمارك إلي نوعين الأول مشروعات إنتاج الرياح البحرية والثاني مشروعات إنتاج الرياح من المنشأت البرية، وتنتج مشروعات الرياح البحرية 18% بينما تنتج مشروعات الرياح منالمنشأت البرية 29% من إجمالي الطاقة الكهربائية في الدنمارك.
تعتمد الدنمارك علي ما تتمتع به أراضيها من مساحات مائية محيطة بها مثل بحر الشمال وبحر البلطيق في الشرق في إنتاج الطاقة الكهرباءية من الرياح ذات السرعات المميزة، ومنذ ثلاثون عامًا قامت بتطوير أول مزرعة رياح بحرية، وسعت لإقامة الثانية.
الاعتماد على طاقة الرياح
وكانت الدنمارك من أول الدول الداعمة لقرار الاتحاد الأوروبي في 2020 بإلزام دول الاتحاد بالاعتماد على طاقة المتجددة وخاصة الرياح المتوفرة في الاتحاد الأوروبي بنسبة 25 ضعفًا من الطاقة المنتجة في كل دولة حتي 2050، تماشيًا مع قانون المناخ الدنماركي الذي يهدف إلي أن تصبح من الدول ذات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المنخفضة بحلول العام 2050.
وتحمل الدنمارك أمال وطموحات عظام من أجل تحسين مستوي معيشة البشر ورفاهيته بتوفير اقتصاد قوي يقوم على مصدر طاقة نظيف وأمن ومستدام وبتكلفة ميسورة تمكن حصول الجميع على احتياجاته، هكذا صعدت الدنمارك إلي قمة هرم التنمية المستدامة، وجعلت من قدرتها الاقتصادية والعلمية والصناعية وسيلة لبلوغ أهداف أكبر.
وفرضت سياسة الطاقة الدنماركية الإزالة الكاملة للوقود الأحفوري في إمدادات الطاقة بحلول عام 2050، وعلى المدى الطويل، يجب توفير الكهرباء والتدفئة والصناعة وطاقة النقل بالكامل من مصادر متجددة.
كما تفرض هذه السياسة توقعات بريادة جديدة للدنمارك في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة عالميًا، وذلك من خلال التواجد بالتعاون والمشاركة عبر الشركات الدنماركية في سوق الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، بعقد شراكات مع الحكومة المصرية متمثلة في وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في الجهود التى يقوم بها قطاع الكهرباء ليعمل على تحسين وتطوير كافة الخدمات بقطاع الكهرباء من إنتاج ونقل وتوزيع، أو بشراكات وتحالفات مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي على أرض مصر.
ويجد رأس المال الدنمارك أن الاستثمار في مصر فرصة واعدة قادرة على تحقيق أهداف المستقبلية وطوحات، خاصة لكم المميزات التي تتمتع بها مصر سواء على مستوي المقومات الطبيعية أو البشرية أو المادية.
مقومات الاستثمار في مصر
وبخلاف ما تتمتع به مصر من موقع جغرافى استراتيجى جعلها أحد اهم ممرات التجارة العالمية بين الشرق والغرب، والطاقة البشرية التي تجعل من مصر دولة شابة بنسبة 61% من إجمالي عدد السكان، و كبر حجم السوق الاستهلاكى وعدد الاتفاقيات التجارية الدولية، وتنوع اقتصادها الذي يؤهلها للمشاركة والاندماج فى سلاسل الإنتاج والقيمة على المستوى العالمى، وكبر مساحتها، يأتي عنصران شديدا الأهمية بالنسبة للاستثمار الدنماركي في الوقت الراهن وهما "توافر موارد الطاقة المتجددة" و "الثروة المعدنية".
وتأتي أهمية "توافر موارد الطاقة المتجددة" و "الثروة المعدنية" بالنسبة للدنمارك، نظرًا لرغبتها في رفع نمو سواق الطاقة المتجددة في الدنمارك وتلبية الطلب على الطاقة محليًا وإقليميًا وفقًا لللسياسات الحكومية النماركية الداعمة لتلبية الطلب على الطاقة باستخدام مصادر متججدة، وفي ظل الحرب الروسية الأوكرانية ظهرت تهديدات لنجاح هذه السياسات، مما قفز بملف القاهرة إلي مشهد العلاقات الدولية التجارية بين "كوبنهاجن" والقاهرة"، في إطار سعي الدنمارك للحفاظ على مكانتها كوجهة أوروبية للطلب على الطاقة.
خاصة أن مصر تعد بوابة إفريقية وهمزة وصل أصيلة بين الشرق والغرب وإفريقيا وإوروبا ولديها العديد من العقود لتنفيذ مشروعات ربط كهربائي دولي بين آفريقيا وآسيا وأوروبا، مما يقتصر الكثير من الوقت والجهود على الدولة الأوروبية في سعيها للاستفادة من مصادر الطاقة في الشرق لسد العجز الأوروبي.