علماء الأزهر: يكفى «شعبان» شرفًا أنه نال حب النبى ولا نلتفت للمشككين
انطلقت مساء اليوم الثلاثاء فعاليات ملتقى "شبهات وردود" الذي يُعقد في رحاب الجامع الأزهر الشريف، وموضوع اليوم "فضائل شهر شعبان"، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وإشراف الدكتور عبدالمنعم فؤاد، المشرف على الرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
وحاضَرَ في ملتقى هذا الأسبوع ، الدكتور عبدالفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور عبدالله عزب، العميد السابق لكلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة.
وأكد د.عبد الفتاح العواري، أن شهر شعبان يتشعب ويكثر فيه الخير ويكفيه شرفًا أن هذا الشهر قد نال حب النبي ﷺ، فكان شهر النبي الكريم ﷺ، مضيفًا أنه لا عجب أن تحفل كتب السنة النبوية المطهرة بالأحاديث التي بلغت حد الشهرة في فضائل شهر شعبان، هذا الشهر الذي يُعتبر تمهيدًا واستعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك.
وأوضح عميد أصول الدين الأسبق، أن الذي يستقرئ سيرة السلف الصالح يرى عجبًا فيما أخذ به هؤلاء من كثرة العبادة، وقيام الليل وقراءة القرآن الكريم في هذا الشهر، وذلك تأسيًا واقتداءً بنبينا الهادي ﷺ؛ مستشهدًا بما رواه أسامة بن زيد رضي الله عنه: قلتُ يا رسولَ اللهِ لم أرَك تصومُ من الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ، قال ذاك شهرٌ يغفَلُ النَّاسُ عنه بين رجبَ ورمضانَ وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين وأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ".
وأضاف د. العواري، أن هناك كثيرًا من الدروس والعبر نستخلصها من شهر شعبان؛ ففيه التدرب والتعود على الصيام والقيام في شهر رمضان المعظم، فإذا أخذ المسلم جرعة من الصيام في شعبان، لم يستشعر مشقة الصيام في شهر رمضان، كما أن كثرة العبادة في شهر شعبان تعطينا درسًا في الحياء من الله ﷻ، كما رأينا في الحديث السابق في قوله ﷺ وأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ".
من جانبه، أضاف الدكتور عبدالله عزب، العميد السابق لكلية أصول الدين بالقاهرة، أن شهر شعبان من أفضل الشهور بعد شهر رمضان المعظم، فقد ثبت أن النبي ﷺ كان يكثر فيه من العبادات والطاعات ففي رواية البيهقي: أن عائشة قالت: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الليل يصلي فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض فلما رأيتُ ذلك، قمت حتى حركت إبهامه فتحرك فرجعت، فلما رفع رأسه من السجود وفرغ من صلاته قال: يا عائشة أظننت أن النبي قد خاس بك؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ولكنني ظننتُ أنك قبضت لطول سجودك، فقال: أتدرين أي ليلة هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم قال: في ليلة النصف من شعبان، الله عز وجل يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويؤخر أهل الحقد كما هم".
وأكد الدكتور عزب أن العبادة في شهر شعبان أجرها عظيم، لأنها عبادة في أوقات الغفلة، فيجب أن نتأسى بما كان يفعله المصطفى ﷺ، ولا نلتفت لما يجري على وسائل التواصل الاجتماعي ومن ينادون بما يزعمونه من الأحاديث الضعيفة في فضائل شهر شعبان، فلا نستمع لهؤلاء أصحاب الجهل والتشدد المغلوط في الدين.
من جهته، لفت الدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وعضو لجنة الفتوى بالجامع الأزهر، إلى أنه على المسلم أن يتهيأ للصيام والعبادة في شهر رمضان، عن طريق تزكية النفس بإلزامها الطاعة والعبادة والصيام وقيام الليل، قال الله ﷻ" قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا".
وأضاف د. مهدي، أن صيام بعض الأيام في النصف الثاني من شهر شعبان، هي من الأعمال المستحبة والمندوبة؛ لأنه من جملة الأعمال الصالحة في التقرب إلى الله، على عكس ما يثار من الشائعات من عدم صيامه، فيجوز الصيام لمن أراد القضاء أو من اعتاد على صيام الأيام البيض أو الإثنين والخميس من كل أسبوع.
وأوضح أن من فضائل شهر شعبان تحويل القبلة؛ فالنبي ﷺ كان يقلب وجهه في السماء ويرغب في تحويل القبلة، حتى إنه قال لسيدنا جبريل عليه السلام وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود فأنزل الله ﷻ قوله "قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ".
في سياق آخر، قال الدكتور عبدالمنعم فؤاد، إن هذا الملتقى من الأنشطة المهمة التي يحرص الرواق والجامع الأزهر على انعقادها، لافتًا إلى أنه يتم اختيار عناوين الملتقيات وفقًا لمستجدات الظروف الراهنة والشبهات الدائرة حول ثوابت الشرع الحنيف، وما يواجه الوطن والأمة الإسلامية والعربية من متغيرات، مؤكدًا أن اختيار القضايا يتأتى وفقًا لما يعيشه الشارع المصري من أحداث تهم قطاعًا عريضًا من الجماهير، ولم يتوقف على تفنيد الشبهات التي تثار حول الإسلام فحسب، بل يناقش كل القضايا الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مصر وخارجها.
وأشار إلى أنه مع اختيار العناوين، يتم اختيار المحاضرين بعناية شديدة، حسب موضوع الملتقى، وعليه يتم اختيار التخصصات والقامات سواء من أعضاء هيئة كبار العلماء أو كبار العلماء والخبراء في مختلف التخصصات من جامعة الأزهر وخارجها، حسب الموضوع الذي تتم مناقشته.
من جهته، أضاف الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، أن ملتقى "شبهات وردود" يرد على الكثير من الشبهات التي يرددها البعض، ويتم الرد عليها من قبل العلماء من مختلف التخصصات بالأزهر الشريف، لتصويب المفاهيم المغلوطة الدائرة في أذهان المواطنين، وتوضيحها بالأدلة القاطعة عقلًا ونقلًا، وفتح حوار مع الجمهور حول هذه القضايا للإجابة على كافة التساؤلات.
جدير بالذكر أن ملتقى "شبهات وردود" يُعقد الثلاثاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويتناول الملتقى في كل حلقة قضية تهم المجتمع والوطن، والعالَمَين العربي والإسلامي.