«وظائف التلفزيون» فى رسالة ماجستير بإعلام القاهرة السبت
تناقش الكاتبة الصحفية عائشة المراغي، نائب رئيس تحرير مجلة "الثقافة الجديدة" التى تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، رسالتها للماجستير بعنوان "وظائف التليفزيون وتحقيق غايات المؤسسات الثقافية فى مصر"، وذلك بكلية الإعلام جامعة القاهرة فى العاشرة من صباح السبت المقبل بقاعة المؤتمرات بالكلية.
الرسالة تحت إشراف الدكتورة نسمة البطريق، أستاذ الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ويناقشها د.أحمد نوار أستاذ الفنون الجميلة بجامعة حلوان، ورئيس هيئة قصور الثقافة الأسبق، والدكتورة هويدا مصطفى أستاذ الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة.
تعني الدراسة برصد وتحليل وتفسير العلاقة بين وسائل الإعلام (خاصة التليفزيون) والمؤسسات الثقافية، ومدى قيام التليفزيون بوظائفه في دعم غايات المؤسسات الثقافية، وإلى أي حد يدرك القائمون على العمل – في المجالين– أدوارهم الوظيفية بشكل صحيح، مما ينعكس بدوره على المجتمع وأفراده، الذين انصرفوا عن متابعة البرامج الثقافية في القنوات العامة والخاصة على حد سواء، وترتب عليه إهمال هذه القنوات لتلك النوعية من البرامج لأنها لا تحقق الربح المأمول.
وتنتمي الدراسة إلى الدراسات الوصفية، وتعتمد الباحثة في تطبيقها على منهجين؛ الكيفي من خلال مقابلات متعمقة مع (9) من خبراء الإعلام والثقافة؛ للتعرف على أسباب الفجوة بين المؤسستين، والمسح من خلال دراسة ميدانية تستخدم الاستبيان كأداة لمعرفة مدى إدراك العاملين في المجالين الثقافي والإعلامي للأهداف المطلوب منهم تحقيقها في كل مجال، تم تطبيقه على عينة عمدية قوامها 300 فرد.
وتستهدف الباحثة التوصل لنتائج محددة توضح الدور المنوط به كلا من المؤسسات الإعلامية ونظيرتها الثقافية، مما قد يسهم في تيسير مهمتهما للقيام بها بشكل أفضل، ووضع مقترحات تحقق التكامل بين عملهما وتحافظ على علاقة متوازنة بين المؤسستين، من خلال تحديد دور التليفزيون في خدمة المؤسسات الثقافية، تحديد العلاقة المتبادلة بين التليفزيون والمؤسسات الثقافية ومدى تفاعلهما، تحديد المعوقات التي تواجه التليفزيون والصعوبات التي تتعرض لها المؤسسات الثقافية، في أداء كل منهما لمهامه تجاه الآخر، تحديد مدى تأثير السياسات العامة للمؤسسات الثقافية والتليفزيونية على قيام كل منهما بدوره في المجتمع، تحديد مدى تأثير نمط ملكية التليفزيون على مدى اهتمامه بالبرامج الثقافية، وتحديد مدى وجود صناعات ثقافية في مصر وما يمكن أن تدره من ربح.
وتوصلت الباحثة إلى أن العلاقة بين المجتمع ومؤسساته الثقافية في مصر ضعيفة وهشة، إلا أن الدراسات المعنية بمصر لم تحدد إذا ما كان مصدره خللًا في هذه المؤسسات الثقافية أم لأن الإعلام لا يؤدي دوره في تحقيق التواصل بينهما، أما الدراسات الأجنبية فحملّت الطرفين؛ الإعلام والمؤسسات الثقافية، مسئولية الفجوة الموجودة بينهما وضعف علاقتهما.
وبناء عليه وضعت الباحثة تصورًا نظريًا خاصًا بدراستها يفترض أن التليفزيون والمؤسسات الثقافية والمجتمع؛ يشكِّلون دورة ثلاثية تتابعية، فالمؤسسات الثقافية تعّد مغذيًا ثقافيًا قويًا للتليفزيون الذي يعتمد على ذلك في إحداث تأثير كبير، إن كان إيجابيًا بات ضمانًا لاستقرار المجتمع الذي بدوره يمنح الثقة للمؤسسات الثقافية لتواصِل دورها تجاه وسائل الإعلام. وأن المؤسسات الثقافية تقوم بإعداد منتج ثقافي ومعرفي تمِّد به التليفزيون، الذي يؤدي دوره الرقابي على هذه المؤسسات لضمان ذلك، في إطار ما تكفله له تلك المؤسسات من حرية وحماية. وأن المجتمع يعتبر هو المورد الثقافي الرئيسي للتليفزيون، حيث يمده بمختلف أفكار وآراء واتجاهات أفراده، وفي المقابل ينتظر هذا المجتمع عائدًا ثقافيًا ومعلوماتيًا، ضمن عوائد أخرى متعددة، ويتأثر بالمؤسسات الثقافية التي تتأثر به بدورها، وأن المنتج الثقافي والمعرفي الذي تقدِّمه المؤسسات الثقافية للتليفزيون إذا كان هابطًا أو مرتفعًا، فإن العائد الثقافي الذي يقدِّمه بدوره للمجتمع يكون هابطًا أو مرتفعًا على الترتيب، كما يتأثر هذا العائد أيضًا بمدى هبوط أو ارتفاع ما يأتيه من المجتمع من أفكار وآراء واتجاهات
وتوصلت إلى النتائج التالية أن التليفزيون هو المصدر الأكثر ثقة مقارنة بالوسائل الرقمية التي أصبحت أكثر استخدامًا، لكنه لا يساهم في تحقيق غايات المؤسسات الثقافية، وإن القنوات التليفزيونية لا تهتم بتقديم مواد ثقافية، وحين تقدمها تكون جزءًا مكمِّلًا للخريطة البرامجية دون قناعة بجدواها، وبالتالي دون تخطيط جيد أو اختيار لعناصر مناسبة لإعداد وتقديم وإخراج هذه المواد. أي أن الاهتمام ظاهريًا، غير مفعّل ولا تتحقق معه الغايات المنشودة من المؤسسات الثقافية والقنوات التليفزيونية تجاه المجتمع، وأن المؤسسات الثقافية لا تؤدي دورها في تشكيل الوعي المجتمعي ورفع مستوى الذوق العام، نتيجة غياب الرؤية والأهداف الواضحة وأن المؤسسات الثقافية الحكومية تعاني من «روتينية» العمل الذي يتسبب في ضعف الابتكار والإبداع، بينما تعاني الكثير من المؤسسات الثقافية الخاصة من النفعية وتغليب الأهداف التجارية على المجتمعية.
ومن بين نتائج الدراسة، أن المعوِّق الأكبر الذي يمنع التليفزيون من أداء وظائفه الثقافية هو التمويل، ويليه السياسات التحريرية للقنوات، واختلاف الرؤى والأفكار بين المؤسسات الثقافية من جانب والقنوات التليفزيونية من جانب آخر، وعدم وجود أرضية مشتركة تسمح بالتعاون المثمر بينهما، وأن المسؤولون في المؤسسات الثقافية لا يحرصون عند توقيع البروتوكولات على وضع شروط حول كيفية بث المواد وما يجب أن تكون عليه، وإنما يحتكمون فقط للعرض المادي، وإن مصر تمتلك صناعات ثقافية كبيرة وتستند على تاريخ طويل في مجالاتها المختلفة مثل السينما والكتاب والموسيقى والمسرح والدراما، وتتمتع بريادة قومية وإقليمية في ذلك، إلا أن المؤسسات الثقافية والتليفزيون يعجزان عن الاستفادة من هذا الرصيد، وإن الإعلام لم يعد يحتاج لوزارة، وإنما لمؤسسات إعلامية مستقلة.
وطالبت الباحثة بضرورة تبني ودعم فكرة تليفزيون الدولة، لأنه الوحيد الذي من المفترض أن يقدم خدمات وليس تليفزيون تجاري، على عكس القنوات الخاصة التي لا تعير انتباهًا سوى لمعيار الربح المادي، وأشارت إلى أن من أشد الأخطار التي تهدد الإعلام الثقافي في مصر هي الصورة الذهنية السلبية لدى صنّاع القرار في القنوات التليفزيونية الخاصة، الذين يستقطبون الكفاءات والكوادر المتميزة للعمل في مجالات أخرى غير الثقافية، وأن تفتقد المؤسسات الثقافية والقنوات التليفزيونية للتغذية العكسية، فلا يوجد متخصصون منوط بهم تقييم ما يقدم من مواد ويبث للوقوف على السلبيات والعمل على تلافيها، والإيجابيات من أجل تعظيم الاستفادة منها.