كيف تغير العالم بعد التدخل الروسي في أوكرانيا؟
"هناك عقود من الزمان حيث لا يحدث أي شيء،" كما يعتقد فلاديمير لينين الثوري البلشفي، "وهناك أسابيع حيث تحدث عقود من الزمان"، وفي حين أن صحة الاقتباس موضع شك، إلا أن فرضية هذا الاقتباس لا يمكن أن تكون أكثر صدقا عندما يتعلق الأمر لأوكرانيا، وفقا لمجلة "التايم" الأمريكية.
في العام الذي مر منذ أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ما أطلق عليه "العملية العسكرية الخاصة"، تغير العالم بشكل عميق ربما على نحو لا رجعة فيه.
أثار التدخل الروسي في أوكرانيا في 2022 شعورا جديدا بالهدف داخل أوروبا والتحالف العسكري الغربي الأوسع بقيادة الولايات المتحدة.
وقلب الاقتصاد العالمي وفرض واقعا جديدا في مجال الطاقة في أوروبا، وقد حفزت على أكبر وأسرع نزوح للسكان منذ عقود، بل إنه بدأ في التأثير على الفكر الجيوسياسي حول الأحداث التي لم تحدث بعد.
وعندما بدأ بوتن في وضع الأساس لدخول أوكرانيا، أشار إلى ما وصفه بالتهديد الوجودي الذي يمثله توسع حلف شمال الأطلسي إلى فضاء ما بعد الاتحاد السوفييتي، فإن ما كان في يوم من الايام بمثابة نبوءة تتحقق ذاتيا فنتيجة للغزو فإن التحالف العسكري الغربي سوف يتوسع بشكل أكبر مع الصعود الوشيك لفنلندا والسويد.
وكان مثل هذا التوسع ليصبح غير وارد قبل عام واحد فقط، فكانت فنلندا والسويد، اللتان كانتا تعتبران مخففتين بين الغرب وروسيا منذ زمن طويل، بلدين حياديين تجنبا منذ فترة طويلة التحالفات العسكري، الوضع الراهن الذي تدعمه أغلبية سكانهما.
ولكن مع دخول موسكو في أوكرانيا، بدأ الرأي العام يتأرجح لصالح الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
يقول رئيس الوزراء الفنلندي السابق ألكسندر ستوب: "كان من غير المرجح جدا أن تنضم فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي على مسار سريع لولا بوتين"، لكنه لا ينسب الفضل إلى الزعيم الروسي في تحقيق ذلك دون قصد.
و لم يحفز تدخل روسيا في أوكرانيا توسع الحلف فحسب، بل أدى أيضا إلى زيادة الاستثمار بين أعضائه وأبرزهم ألمانيا وبولندا، اللتين زادت كل منهما من إنفاقها الدفاعي بشكل كبير، والواقع أن كل أعضاء حلف شمال الأطلنطي على المسار الصحيح نحو الوفاء بالمبادئ التوجيهية التي وضعها الحلف فيما يتصل بإنفاق 2٪ على الأقل من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، بل وهناك من يتحدث عن تجاوز هذا الهدف.
وفي حين قوبلت النداءات التي وجهتها أوكرانيا للانضمام إلى التحالف بالرفض، إلا أن كييف إستفادت مع ذلك من القوة العسكرية لأعضائها، الذين تعهد العديد منهم بمليارات الدولارات في شكل مساعدات مالية وعسكرية.
وقبل عام واحد كان "بوتن يريد قدرا أقل من حلف شمال الأطلنطي"، كما يقول أندرس فوغ راسموسن، الأمين العام السابق للحلف. والآن، كنتيجة مباشرة لأفعاله، "حصل على المزيد من قوات حلف شمال الأطلنطي".
ومثله كمثل حلف شمال الأطلنطي، نجح الاتحاد الأوروبي في اجتذاب اهتمام الأعضاء الجدد المحتملين، وقدمت أوكرانيا طلب العضوية في غضون أيام من غزو موسكو، وتلتها جورجيا ومولدوفا.
ويقر المسؤولون الأوروبيون بأن الحفاظ على الاتفاق بين أعضاء الاتحاد الأوروبي ال 27 لم يكن سهلا، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحقيق مشاركة الحكومات الأقرب إلى موسكو مثل المجر.
ولكن في الإجمالي فإن الحرب في أوكرانيا قد حفزت الوحدة الأوروبية، بل إنها سمحت لبولندا، وهي دولة أخرى في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفييتي كانت على خلاف مع بروكسل حول انتهاكاتها لسيادة القانون، بالظهور كحاملة قياسية للتضامن الأوروبي ضد العدوان الروسي.
وفي حين أن دعم أوكرانيا لعضوية الاتحاد الأوروبي لا يزال مرتفعا - بما في ذلك من جوانب تبدو غير مرجحة، مثل رئيس وزراء بريطانيا السابق ورئيس وزراء بريطانيا السابق بوريس جونسون - من غير المرجح أن يحدث انضمام كييف إلى التكتل في أي وقت قريب.