"رحلات علي باى العباسى" كتاب يرصد تفاصيل رحلة المغامر الأسبانى الذي خطفه الشرق
أصدر مشروع «كلمة» للترجمة في مركز أبوظبي للغة العربية بدائرة الثقافة والسياحة- أبوظبى، الترجمة العربية لكتاب «رحلات علي باى العباسى إلى مصر والحجاز وفلسطين ودمشق» للرحالة الإسباني دومينجو باديا إى ليبليش، وجاء من ترجمة الدكتورطلعت شاهين، وراجع الترجمة أحمد عبداللطيف، و يعد الكتاب أول ترجمة كاملة عن اللغة الإسبانية لكتاب "رحلات علي باى العباسى" وكذلك يعد واحد من أهم اكتب المشتشرقين التي تناولت العالم العربى تحت حكم الدولة العثمانية .
يتناول هذا الكتاب مذكرات الرحالة الإسبانى الذى انتحل شخصية عربية وتسمى باسم "علي باى بن عثماني العباسى" مدعيا أنه من أحفاد العباسيين الهاربين إلى أوروبا بعد سقوط دولتهم؛ بدأها من المغرب حتى الشرق العربى في مرحلة من أخطر مراحل المنطقة سياسيا مع نهايات القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، الفترة التي شهدت التكالب البريطانى الفرنسى على المنطقة للسيطرة على طريق التجارة مع الهند وشرق آسيا، مذكرات ورحلات لم يلتفت إليها سوى القليل من العرب رغم ترجمتها ونشرها في عدد من اللغات الحية مثل الفرنسية والإنجليزية والألمانية.
يرصد المؤلف العادات والتقاليد والملابس والمعمار، كما يساعده الاختلاط بأهل البلد على فهم المجتمع وثقافته وعقد صداقات مع شخصيات تاريخية محورية مثل عمر مكرم في القاهرة، ويسجل ما دار بينه وبين قيادة نقابة الأشراف من حوارات حول مستقبل مصر بعد رحيل الفرنسيين عنها، وهي تفاصيل مهمة وكاشفة ووثيقة لا غنى عنها تساهم في معرفة التاريخ العربى.
ويتضمن الكتاب وصف رحلة علي باى إلى المدن والمجتمعات التي مر بها من شمال أفريقيا بعد هروبه من المغرب متخفيا ليسلك الطريق البحرى من ميناء العرايش مرورا بشواطئ طرابلس وقبرص إلى أن يصل إلى الإسكندرية ومنها يبحر في فرع رشيد في مركب شراعى ليصل إلى ميناء بولاق النيلي بالقاهرة، كان ذلك بعد انسحاب الحملة الفرنسية من مصر ووصول محمد علي على رأس جيش من الأرناؤوط لتولي السلطة هناك وبداية مرحلة حكم أسرة من محمد علي.
ويشمل الكتاب كذلك وصفاً لقوافل الحج من القاهرة إلى السويس ثم إلى الحجاز، ويسلط الضوء على تاريخ شبه الجزيرة العربية، ويستعرض وصفاً دقيقاً للموقع الجغرافى للكعبة المشرفة والحرم الشريف وشكل الأماكن المقدسة. ثم يواصل الرحالة الإسباني تجواله بقرى ومدن فلسطين وصولاً إلى القدس، راسماً معمارها وطوائف سكانها.
وعلى حد تعبير الدكتور طلعت شاهين يعتبر المغامر دومينجو باديا إي ليبليش، مواطنا إسبانيا فريدا من أوائل من قرروا التعلق بالشرق العربي الإسلامي في وقت كان فيه الشرق حلما رومانسيا للبعض، وطريقا للثروة والشهرة للبعض الآخر.
من مواليد برشلونة عام 1767، انتقل مع والديه عام 1778 إلى الميرية تزوج سنة 1791 وانتقل إلى قرطبة مع زوجته سنة 1792 ليعمل مسؤولاً عن مصلحة التبغ. كانت إقامته في قرطبة دافعا له لزيادة حصيلته من اللغة العربية التي أجادها. كان موسوعي الاطلاع، إذ تميز بثقافة عالية في علم الفلك، والعمران، والجغرافيا والطب، وكان على معرفة كبيرة بعدد من اللغات مثل: الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية لغته الأم، بالإضافة إلى اللغة العربية
قام بالعديد من الرحلات إلى أوروبا خاصة لندن وباريس، دفعه حسه المغامر إلى أن يتخذ من اعتناق الإسلام ستارا لعمليات تجسسية لصالح القوى الأوروبية الكبرى في ذلك الوقت: بريطانيا وفرنسا، وأن يبدأ رحلته إلى المشرق العربي فتشبه بكل ما يفعله مسلم ملتزم بدءًا من الهندام وإكرام اللحية، واختار له اسمًا عربيًا هو «علي باى بن عثمان العباسى» مدعيا أنه من أحفاد بني العباس الهاربين إلى أوروبا خلال فترة الصرعات المذهبية. يقال أن المخابرات البريطانية قتلته بدس السم في فنجان قهوة بدمشق عام 1818، تاركا عائلة من الأبناء والأحفاد بعد زواجه وإقامته في الشام.