محمد صفوت: ليس هناك عمل فني لا ينطلق من الذاتي.. ومدين لكل كتابة مغايرة (حوار)

محمد صفوت لاتنتهي منه الحكايات، فقد مزجت رواياته، بين الخيالي والواقعي في سرد متدفق ووسط عوالم وبنى غرائبية ساحرة، وبعد صدور روايته الثالثة" صور معلقة على السور، وكرم من قبل مؤسسة أخبار اليوم ومنحه الكاتب الكبير الراحل جمال الغيطاني جائزة وشهادة تقدير عن روايته الواحدة بتوقيت العاصفة، وفازت روايته الأولى القتلة يحتفلون بالفالنتين بجائزة ربيع مفتاح للرواية / المركز الأول عام 2105، صدر له من قبل “القتلة  يحتفلون بالفالنتين” و"الواحدة بتوقيت العاصفة" وسبق له نشر الكثير من النصوص الابداعية والنقدية في الكثير من الصحف والمواقع المصرية والعربية وهوالأدمن والمؤسس و المسئول عن "المجموعة" نادي السرد، «الدستور» التقت محمد صفوت وكان هذا الحوار..

واسينى الأعرج: معرض القاهرة للكتاب حدث قومى يجمع كل العرب (حوار)

ـ "صور معلقة على السور" عنوان روايتك الأخيرة، في ظنك ما الإضافة التي قدمها هذا العمل بعد عمليك السابقين؟

أعتقد أنني بهذا العمل قد تجاوزت طفولتي الإبداعية، ووضعتُ يدي على ملامح مشروعي السردي، في صور معلقة على السور واجهني تحدي كبير من حيث بنية الرواية، فهناك أربع حكايات متضافرة داخل العمل يمسكها خيط رفيع، علاوة على سؤالها الجوهري الذي يطرح سؤال الوجود والخلود في مقابل الفناء والعدم، كما أنها تحفل بشخوص وأجيال متنوعة ومتعاقبة، وكان التحدي كيف يمكن الحفاظ على تماسك هذه الكتلة السردية الضخمة مع كل هذا التنوع والتعدد دون أن تنهار أو تفقد الرواية إيقاعها. 

ـ من خلال رؤيتك التي طرحت في أعمالك الثلاثة، هل كان إهتمامك منصب على الذاتي والمعيشي، أم ما يعنيك هو الطرح الفني والجمالي واللغوي؟

ـ ليس هناك عمل فني لا ينطلق من الذاتي والواقعي واليومي، لكن كيف يمكنك أن تجعل ذلك متضافرا مع ما هو عام وكوني؟ كيف يتمدد ما هو ذاتي وشخصيليمسّ ما هو إنساني ومشـترك دون أن يكتفي بالوقوف عند تخوم واقعه،في أعمالي يختلط الواقع بما هو حـُلمي وغرائبي، تتوه المسافات بين الحقيقة والخيال،أكتب وأنا منفتح على المأزق الراهن دون أن أنسى مأزق الإنسانية وقضاياها الكبرى،في روايتي الأولى كنتُ مشغولا باللحظات الفارقة في الحياة والتي تنتج عنها التحولات الحادة فكان سؤالهايتماس مع قضية الجبر والاختيار، وهو ما تعمق في عملي الثاني الذي منح أملا لشخوصه بأنهم يمكنهم التمرد على ديكتاتورية السارد العليم الذي يتلاعب بمصائرهم، في حين كنتُ مهموما في روايتي الأخيرة بالتغيرات الحادة التي طمست الشخصية المصرية وبمدى قدرة الإنسان على مقاومة مظاهر العدم والفناء.لكن وقبل كل ذلك بالتأكيد يأتي الهم الجمالي والفني، فكل رواية هي رهان جديد على تجاوز السائد والنمطي، في أعمالي يشغلني سؤال التجريب، وأرى كل رواية لا تطمح إلى تجاوز واقعها الجمالي الراهن هي رواية لا أخلاقية من وجهة نظر الفن أو على الأقل تخون سؤال الفن الأساسي.

ـ كيف ترى المشهد الروائي الحالي؟

الروائي يحيى صفوت من معرض القاهرة للكتاب: أراهن على ذكاء القارئ (حوار)

يبدو المشهد الروائي العربي والمصري من التعدد والاتساع بحيث لا يمكن حصره،هناك حالة من السيولة، مئات الروايات تخرجها المطابع كل عام، محيط مضطرب قد يحكم على موهبة حقيقية بالغرق،ويبقى الرهان أن يطفوعلى السطح من يستحق، وبشكل عام أرى أن الرواية العربية لازالتْ في طور شبابها مما يجعلها قادرة أن تلبي طموحات مستقبلها.

ـ هذا ينقلنا إلى المشهد النقدي الراهن، كيف ترى إذاً هذا المشهد؟ وهل لا يزال هناك أمل في صياغة خطاب نقدي جمال أو تفكيكي عربي بعد رحيل شاكر عبد الحميد وجابر عصفور وصلاح فضل؟

ـ يظل النقد متأخرا بخطوات عن مسايرة حركة الإبداع،وهو مع الأسف رهين أفراد هنا أو هناك،كما أنه في أغلبه يبقى انطباعيا وانفعاليا ووليد لحظة التلقي دون أن تحكمه نظرية نقدية شاملة تكون بنت واقعها، وأرى أننا نستهلك نظريات غربية تصلنا دوما متأخرة بعد أن يكون العالم قد تجاوزها.

ويبقى الأمل مرهونا بحركة فكرية عربية تشتبك مع تراثها وواقعها وعالمها.

ـ هل هناك ثمة أسماء عربية أو عالمية دفعتك أو حرضتك على الكتابة.

جـ أنا مدين لكل كتابة تطمح أن تكون مغايرة، مدين لتلقائية أصلان وإمساكه بالتفاصيل، لتسجيلية ووثائقية صنع الله إبراهيم،لاتكاء الغيطاني على الموروث، للحساسية الجديدة التي بشر بها إدوار الخراط، للمهمشين في عوالم خيري شلبي، لمخيلة بورخيس الا نهائية، لكل آباء الواقعية السحرية في أمريكا الاتينية، وللفلسفة الجمالية التي تطرحها كتابات ميلان كونديرا.

ـ أسألك عن علاقتك بالجوائز، وكيف ترى تلك العتبات التي تتكىء عليها لجان التحكيم في منح أو حجب الجوائز؟

ـ لا يجب أن تكون الجوائز محفزا للكتابة، أن تكتب وعينك ترنو إلى الجائزة، هذه كتابة تفصيل و على مقاس ضوابط لجنة التحكيم، أهمية الجائزةأنها تلفتْ الانتباه إلى الكاتب وإلى العمل وتضعه تحت هالة لحظية من الضوء وتدس في جيبه ما قد يعينه على الحياة بعض الوقت، لكن حين ينتهي كل ذلك لا تتبقى سوى الكتابة.أما لجان التحكيم فهي تمنح أو تمنع بما هو انطباعي أوبما يتناسب مع ذائقتها، وفي بعض الأحيان تحكم الشللية الأمور.أما عن أعمالي فقد فاز عملي الأول بجائزة ربيع مقتاح،في حين نالتْ مخطوطة روايتي الثانية شهادة تقدير من لجنة جائزة جمال الغيطاني.

ـ أنت مؤسس لجروب "نادي السرد" كيف ترى الحصاد بعد مرور العام ونصف على إنشائه؟

نبعتْ فكرة الجروب في إطار محاولة الاحتفاء بالكتابة الجميلة ومديح السرد،أحاول أن أكون مخلصا لفكرة الكتابة ولشلة الكتابة الجميلة دون أن تحكمني الشللية أو الطائفية أو الصراعات وأمراض الوسط الثقافي،لا أسعى من خلاله إلى أي ربح،فأناأقتطع من وقتي ومن باقة الانترنت المحدودة لديولا تقف وراء نادي السرد أي دور نشر كما بعض جروبات القراءة،.وكل ما أتمناه أن يصبح ناديا يحتفي بتجارب الآخرين وأن يتسع لمن هم في الظل،وأحلم له أن ينتج حركة إبداعيه ونقدية في يوم من الأيام.

ـ بعد انتهاء فعاليات معرض الكتاب الأخير،ما رأيك فيما يخص فعاليات الكتاب والكتابة ونوعية الجماهير،وكيف كان استقبال روايتك الأخيرة.؟

بالقياس إلى ظروف الأزمة الراهنة ورغم التخوفات المشروعة إلا إنني أرى أن هذه الدورة كانتْ ناجحة بكل المقاييس،استطاع الكتاب الورقي أن يصمد، واستطاعت صناعة الكتاب أن تستمر رغم الصعوبات، لكن طوابير الجماهير والزحام قد يكون خادعا،فنحن أمة لا تقرأ، وعلى أجهزة الدولة أن تعي دور الثقافة والاستنارة في حربها مع موجات الإرهاب والتطرف،وكم كنتُ أتمنى أن تدعم الدولة الناشرين وصناعة الكتاب بمثل ما تدعم به صناعة الدواجن.أما عن روايتي الأخيرة ورغم أنها صدرتْ عن دار المحرر وهي دار وليدة تحمل مشروعا طموحا،فقد حققتْ انتشارا لا بأس به مع أيام المعرض.