«آلة الفوضى».. كتاب يرصد أضرار منصات التواصل الاجتماعي على المجتمعات
على مدار العقدين الماضيين، نَمت منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وانستجرام ويوتيوب وغيرهم، لتصبح قوة مهيمنة ومؤثرة في الثقافة العالمية، في كتابه "آلة الفوضى"، يوضح المؤلف ماكس فيشر كيفية حدوث هذا راصدًا الضرر الذي لحق بالمجتمع بسبب هذه المنصات.
الاستفادة من علم النفس
ظل هدف وسائل التواصل الاجتماعي إبقاء الأشخاص ملتصقين بمنصاتهم لأكبر عدد ممكن من الساعات في اليوم، بهدف استهلاك أكبر قدر ممكن من وقتهم واهتمامهم الواعي، كي تتمكن الشركات من جني المزيد من الأموال من الإعلانات.
يشرح فيشر كيف تستغل وسائل التواصل الاجتماعي التنمية البشرية وعلم النفس لإبقاء الناس على اتصال بالإنترنت، فيشير إلى أن خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي تستغل أولًا حاجة الناس إلى الشعور باحترام الذات والتقدير لها وبأن يكونوا مقبولين اجتماعيًا.
ويلفت إلى أن ثمة استغلالًا آخر لثلاث مشاعر قوية هي الخوف والكراهية والغضب، ويمكن أن يضاف الاشمئزاز إلى الغضب، وبالتالي يتم استغلال الغضب الأخلاقي الذي هو غريزة اجتماعية تطورت على مدى آلاف السنين، وكذلك إظهار العداء تجاه المجموعة الخارجية، وهي غرائز اجتماعية يرى الكاتب أنها غير واعية وربما حيوانية.
يلفت فيشر إلى أن هذه الخصائص غير الواعية يسهل التلاعب بها سواء من قبل القادة الانتهازيين أو خوارزميات البحث عن الربح في هذه المنصات، فمارك زوكربيرج وغيره من قادة وسائل التواصل الاجتماعي أدركوا هذه الخصائص البشرية ونقاط الضعف وعملوا بجد لاستغلالها.
إثارة الانقسامات
يرى فيشر أن هذه المنصات تروج للمحتوى المتطرف والمثير للانقسام إذ تدفع الخوارزميات المستخدمين إلى محتوى يوجه للغضب، فالغرائز الاجتماعية تطغى على العقل، ووسائل التواصل الاجتماعي تجعل مستخدميها أكثر عرضة لمشاركة المعلومات الخاطئة والمؤامرات.
ينوه الكاتب بأن أشياء من قبيل زر "اللايك" تستغل حاجة الأشخاص اللاواعية لنيل القبول، فالإعجابات والمشاركات تمنح المستخدمين مكافآت اجتماعية كبيرة و جرعة صغيرة من الدوبامين.
كما أن خورارزميات فيسبوك تقوم على إظهار المنشورات التي تناسب تحيزاتنا الموجودة مسبقًا، ولا تعتمد على بوصلة أخلاقية أو تحقق من الواقع، إذ توجه المستخدمين إلى محتوى محفز للعواطف.
يكتب فيشر أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت قوية جدًا ومنتشرة في حياتنا، لدرجة أنها تغير طريقة تفكيرنا وتصرفاتنا وعلاقتنا ببعضنا البعض، وعندما يتضاعف هذا التأثير عبر مليارات المستخدمين، يكون لوسائل التواصل الاجتماعي القدرة على تغيير المجتمع نفسه، ولكن ليس للأفضل.