سلمان رشدي يستلهم التاريخ ليطل على الحاضر في روايته الجديدة «مدينة النصر»
يتميز الروائي الهندي البريطاني سلمان رشدي بتوظيفه الواقعية السحرية في أعماله، عبر مزج مدهش بين الواقع والخيال استطاع من خلاله أن يكتسب شهرة واسعة منذ عمله "أطفال منتصف الليل" الذي نُشر في العام 1981، وفاز بجائزة البوكر، ثم روايته الأكثر إثارة للجدل "آيات شيطانية" في 1989، التي قادت النظام الإيراني آنذاك لإصدار فتوى تبيح قتله بسبب ما تضمنه الكتاب من مقاطع عن النبي محمد عُدت تجديفًا وازدراءً للدين.
بعد سنوات من الاختباء، شعر رشدي مؤخرًا أنه يمكنه استئناف حياته الطبيعية، ولكن في أغسطس من العام الماضي في الولايات المتحدة، تعرض للهجوم على خشبة المسرح وأصيب بجروح خطيرة، لم يثنه ذلك عن إصدار روايته الجديدة التي حملت عنوان "مدينة النصر" والتي قوبلت بترحاب واسع في الأوساط الأدبية الغربية.
تاريخ إمبراطورية هندية
يمزج رشدي في روايته الجديدة "مدينة النصر" الأساطير الهندوسية وحكايات الآلهة والأحداث السحرية في الحياة اليومية بالتاريخ الموثق لجنوب الهند في العصور الوسطى، عبر روايته لتاريخ إمبراطورية فيجاياناجارا التي غطت معظم جنوب الهند في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
كانت الإمبراطورية منبعًا للعالم الحديث المعولم وملاذًا للفن والأفكار الجديدة، وفي الآن ذاته، كانت غابة من المؤامرات، تهزها الفصائل المتنافسة والحروب الخارجية وانقلابات القصر، ما يعني أنها ضمت كل شيء؛ النبيل والخسيس، التقدمي والرجعي. يستحضر رشدي عالمه بتفاصيله؛ الأزقة المزدحمة، والروائح القوية، والحدائق المورقة، والسهول الحارة، والحروب وسفك الدماء.
نافذة على الحاضر
انطلاقًا من هذه العوالم الواقعية، يوظف رشدي الخيال التاريخي ليكون نافذة على الحاضر. هناك بطلة تضغط من أجل المساواة بين الجنسين والتسامح الديني نحو مملكة ليست بها المرأة محجبة أو مخفية.
توظف الواقعية للحديث عن طبيعة اكتساب السلطة والحفاظ عليها، والعلاقة بين الدولة والدين، والطريقة التي يمكن بها للمجتمعات أن تتغير سريعًا من النزعة الإنسانية والتعددية إلى التزمت والقمع ، ودور النساء في الأنظمة الأبوية.
في مقال بكتابه غير الخيالي "لغات الحقيقة"، أشار رشدي إلى أن تخيلاته الأدبية للحكايات الأسطورية هي وسيلة لمعالجة الأسئلة المعاصرة الملحة مع الحفاظ على المتعة المطلقة للقراءة ورواية القصص في المقدمة.