متطوعو الهلال الأحمر لـ«الدستور» يناشدون العالم مساعدة السوريين المتضررين من الزلزال
مر على سوريا أكثر من 13 عاما مليئة بالأوجاع والآلام، رأها العالم أجمع في كثير من المواقف والأحداث، ما بين جوع وفقر وتشرد وغرق وإرهاب وقصف وغيرهم الكثير من المأسي، التي لم تنتهي يوما خلف آخر حتى استيقظ العالم على مشهد مؤلم آخر، بعدما ضرب زلزال وصلت قوته إلى ما يقرب من 8 درجات على مقياس رختر متسببا في وفاة المئات وإصابة الآلاف وضرر للملايين في سوريا وتركيا، ولكن في سوريا كان الوضع أكثر مأساة.
و-بحسب المتطوعين هناك، قال رئيس الهلال الأحمر السوري لـ"الدستور" إن هناك نقصا في المعدات لاستخراج آخرين ممن هم تحت الأنقاض، وسوء في الوضع الطبي والصحي في سوريا.
وتابع خالد أحمد توفيق حبوباتي، رئيس منظمة الهلال الأحمر في سوريا، في حديث لـ"الدستور" أنه من بين كثير من المآسي الموجعة والموحشة التي عاشها ولا يزال يعيش فيها السوريين، لازال هناك من يبعثون رسائل الأمل عبر الخير الذي يقومون به بلا مقابل وبتطوع لا مقابل له بل جهود ذاتية تتسم بالإنسانية كاملة بهدف مساعدة الناس المحتاجين لذلك، وهو ما يقوم به أبطال الهلال والصليب الأحمر في كثير من المواقف والأحداث المأساوية في كثير من المناطق من بينها سوريا.
وأشار لـ “الدستور” التي توصلت إلى الهلال الأحمر في سوريا، وتعرفت أكثر على تفاصيل ما يقومون به لمساعدة الضحايا الذين تأثروا بهذا الزلزال العنيف بجانب كثير من الأوضاع المؤسفة التي يعيشها سكان سوريا بالفعل، قال: "إنهم منذ فجر الاثنين، وهم يعملون بكامل قوتهم وبلا هوادة لمساعدة الأشخاص المتواجدين تحت الأنقاض، وأنهم يعملون منذ أكثر من 60 ساعة في المناطق المتضررة التي أصيبت بهذه الكارثة.
وأكد أن الوضع على أرض الواقع أبشع وأسوء مما ترصده كافة الكاميرات وكافة وسائل الإعلام، قائلا: "إن ما يراه على أرض الواقع واحد من أصعب الكوارث الإنسانية التي رأها على مدار عمله في الهلال الأحمر، وأنه على الرغم مما تعيشه سوريا منذ أكثر من عقد من الزمان إلا أن الزلزال الذي ضرب عشرات المباني متسببا في مقتل المئات وآلاف الإصابات أمرا في غاية الألم والوجع، خاصة مع النقص الشديد في المعدات التي تساعد على انتشال آخرين تحت الأنقاض.
وتابع أن عدد الضحايا قد يزداد مع الوقت لأن هناك المئات من الأشخاص والعائلات لايزالون تحت الأنقاض، بالإضافة إلى أن هناك نقص كبير في المعدات والأسرة الطبية والأدوات الطبية والأدوية اللازمة ونقص كبير في الأطباء المتخصصين ما يتسبب في وفاة البعض على الرغم من انتشالهم بالكاد أحياء.
وأوضح أن هناك أكثر من 3000 متطوع من الهلال الأحمر السوري يعملون منذ بداية الحادث ويعملون بكافة طاقتهم ومجهودهم وإنسانيتهم، وطالب من كل متطوع قادرعلى المساعدة أن لا يتأخر في مساعدتهم لانتشال آخرين لا يزالون تحت الأنقاض.
وأردف سعد أبو لوزي: "أن ما تعيشه المدن السورية يعد واحد من أسوء الكوارث الإنسانية، قائلا: “نحن نقوم برفع الانقاض بأيدينا، وهناك أعمدة من الحديد والأسمنت الضخمة والثقيلة جدا، وانقاض أكبر من مقدرتنا على رفعها بأيدينا بلا معدات، ونقوم بتكسيرها بالمطارق لنتمكن من إزالتها، ولكننا غير قادرين على الوصول سريعا إلى من هم تحت الانقاض، وهذا يأخذ وقتا طويلا ولا نزال نسمع أصوات البعض، وبكاء بعض الأطفال من تحت المنازل المهدمة، ولسنا قادرين على انتشالهم سريعا، وهو أمرا يفطر القلب ويكسر الإنسان”.
وأكمل: “لقد سمعنا صوت طفل يبكي بسبب انكسار قدمه، ولم نتمكن من إخراجه سريعا، لقد كان عالقا في سيخ حديد، وتطلب معدات خاصة، لقد كان عمره 9 أعوام، سمعناه حتى لفظ آخر أنفاسه بعد أكثر من 32 ساعة، وهو أمر غاية في الحزن والألم”.
ووجه رسالة إلى الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية وإلى العالم أجمع، أن يقوم الجميع للتكاتف ومساعدة سوريا ومحاولة التواصل مع الحكومة السورية التي تقوم بمساعدتهم بما تمتلكه من إمكانيات بدائية، وهي بحاجة إلى العون ليس من أجلها ولكن من أجل الأبرياء.
واستكمل حديثه مطالبا الجميع بالوقوف مع سوريا في هذه الأزمة والابتعاد عن التفكير في الاختلافات السياسية التي لا علاقة للأبرياء بها، وأكد أن الناس والأطفال في سوريا بحاجة لكل يد عون تقدم لهم ليس فقط لما يعيشونه منذ 13 عاما، بل أيضا بسبب هذه الأزمة المأساوية التي تحتاج لتضافر الجميع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ويأمل أن يتمكنوا من إخراج الجميع إحياء على الرغم من مأساوية الواقع الذي يؤكد أن هذا الأمل ضئيل للغاية.
وأشار في حديثه، لـ"الدستور" أن المئات قد لقوا مصرعهم حتى الآن، ومنذ بداية الزلزال الذي ضرب مناطق، وقال إن الأمر ليس فقط المنازل والمباني التي سقطت على رؤوس الأسر والعائلات، ولكن أيضا انخفاض درجات الحرارة صعب للغاية، وكثير من الأطفال يتجمدون حتى الموت.
وأكمل أن الدفاع المدني التابع للنظام بالإضافة إلى الأهالي يقومون بالمساعدة وتوفير الخبز وفتح المنازل والمدارس لإيواء الناجيين.
وأكد أن ما زال هناك الكثير مما يجب أن يقدم إلى الناس هناك منها التدفئة والأغطية والتغذية والعلاج، وهناك نقص كبير في هذه الأمور بسبب إغلاق بعض المعابر وأيضا قلة المساعدات.
وأضاف للحديث المتطوع السوري غسان محمد، متطوع في الهلال الأحمر بمدينة حلب، أنهم متواجدون منذ أول ساعات الزلزال، ولكن الأمر غاية في الصعوبة وبرودة الجو تزيد من الأزمة والكارثة، وأشار أنهم يقومون بمحاولات الإنقاذ بلا توقف والدعم النفسي والطبي بقدر معلوماتهم، حيث إنهم غير مختصون طبيا، ولكنهم يعملون الإسعافات الأولية، وهي ليست كافية.
وناشد الأطباء في سوريا القادرين على القدوم والمساعدة لفعل ذلك، وناشد الجميع في العالم بمساعدتهم وتقديم الدعم المادي والغذائي والمعدات لمساعدة الضحايا الذين لا يزالون تحت الأنقاض، ولكن بأسرع ما يمكن حيث إن الأمل يتلاشي مع مرور كل دقيقة بلا إخراجهم.
وأكد أن منفذ باب الهوى يدخل منه الكثير من الناس للمساعدة وتقديم يد العون ورفع الدمار وانتشال الجثث والناجيين، مكملا أن هناك اكثر من 3000 متطوع للمشاركة في أعمال الإنقاذ والبحث والإغاثة، بالإضافة إلى أن الحكومة السورية خصصت 126 مركز إيواء في حلب و23 في اللاذقية و5 في حماة، وأنهم سيستمرون برفع الانقاض حتى انتشال الجميع على أمل أن يكون هناك ناجون آخرون بالأسفل.
وأكمل أن الحكومة السورية، أكدت لهم أن الخطر مازال قائما، وأن هناك إشارات وتقارير أن هناك مخاوف من اهتزازات أخرى قد تحدث خلال الساعات والأيام القادمة، وتخوف من أن هذا الأمر قد يزيد من سوء وكارثة الوضع الذي هو بالفعل أسوء مما قد يتخيله أحد أو يتصوره عقل، وتابع أن انتشال الجثث في الليل يتباطئ بسبب صعوبة الرؤية وأيضا شدة البرد.
وقال لـ"الدستور": رأينا رجال تبكي بحرقة بكاء لم يبكيه أطفال، فقط فقد البعض عائلاتهم بالكامل في هذا الدمار".
وذكر أن عدد الوفيات بحسب البيانات الرسمية تقترب إلى 2000 من الموتى وآلاف المصابين والجرحى، وهناك إمكانية لزيادة هذه الإعداد للآسف، بالإضافة إلى أن هناك الملايين ممن تدمرت منازلهم وممتلكاتهم بالكامل وأصبحوا في الشارع في هذا البرد القارص شديد البرودة.
ولفت إلى أنه يجب على الدول الغربية وبعض الدول الأخرى النظر في الوضع الذي تعيشه هذه المدن التي تقع تحت سيطرة الحكومة السورية، ويجب التفريق بين الاختلافات السياسية والنظر في صالح الأبرياء وفتح معبر آمن، والتوقف عن سياسة التفريق بين المناطق السورية في ظل واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية.
وقال متطوع الهلال الأحمر السوري في سوريا بمدينة حلب أحد المدن المتضررة من الزلزال، إنهم على أهبة الاستعداد للعمل والتنسيق مع الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية لكل السوريين في كافة أرجاء البلاد، لا تمييز أو تفرقة، وهو ما يجب أن تقوم عليه المساعدات الإنسانية في ظل هذه الأحداث المؤلمة والمأساوية.
وأكد أنهم سيتابعون عمليات الإنفاذ والبحث والإغاثة في سوريا، وأن المساعدات ستستمر بالتدفّق لسد فجوات التقصير والوضع المأساوي في نقص كثير من الأشياء.
وبعد التواصل عبر رسالة إلكترونية للجنة الدولية للصليب الأحمر حول الكارثة الإنسانية التي تعيشها سوريا بعد الزلزال الأخير أتى الرد من جنيف من اللجنة الدولية للصليب الأحمر لصحيفة “الدستور” بالنص التالي: "نود أن نعرب عن عميق تعاطفنا وتضامننا مع جميع المتضررين من الزلزال المميت الذي ضرب جنوب تركيا وسوريا ليل الأحد إلى الاثنين، ويضيف الزلزال في سوريا أزمة إضافية من المأساة الإنسانية المستمرة لمدة 12 سنة.
ولا توجد كلمات يمكن أن تصف مشهد العائلات التي نزح معظمها أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، وهؤلاء الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم في البرد القارص للاحتماء في شوارع غير آمنة في منتصف الليل، والبنايات التي أضعفتها سنوات الحرب الطويلة التي أنهارت مثل قطع الدومينو في سوريا، نحن نتابع كل هذه المشاهد التي تبعث الرعشات في العمود الفقري والحزن في القلوب".
وقالوا عبر الرسالة وعبر الرد، إنهم يعملون بكافة استطاعتهم لتقديم المساعدات عبر متطوعيهم ومنتظماتهم في هذه المناطق، التي يقوم فيها المتطوعين في جمعية الهلال الأحمر التركي والهلال الأحمر العربي السوري الذين هم أول المستجيبين، ولكنهم ضحايا أيضًا بحسب قولهم لما يعيشونه من أوضاع صعبة للغاية ومؤلمة لا تتحملها القلوب من شدة مأساتها.
ووجهوا عبر ردهم رسالة إلى متطوعيهم أنهم يعلمون كم تفانيهم وضميرهم في العمل الإنساني ويجدونه أمر هائل، وتابعت رسالة الرد على الدستور يقولون فيها إنهم ينظرون إلى الوضع الإنساني في جميع أنحاء سوريا ويعلمون كم هو قاسي ومؤلم ومريع، وأن هذه الحقائق لا يمكن تجاهلها إن غض الطرف عن المعاناة الإنسانية في سوريا هو أمر قاسي وليس إنساني.
مؤكدين أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعمل على دعم جهود الإغاثة الطارئة لشركائهم في الهلال الأحمر العربي السوري، وأنهم قاموا يوم الإثنين بإرسال مواد جراحية وطبية تكفي لمعالجة 100 شخص إلى أحد المستشفيات العامة في حلب.
وأكدوا أن المزيد من ذلك والمزيد من المعدات الطبية في طريقها إلى حلب واللاذقية وطرطوس في سوريا، كما سيتم التبرع بالأغذية المعلبة والبطانيات والأغطية والمراتب، وغيرها من المواد الأساسية؛ لتوزيعها في العديد من الملاجئ التي يتم إنشاؤها في المناطق المتضررة.