مركز الأزهر العالمي للفتوى يعقد صالونه الثقافي بالتعاون مع قطاع مدن البحوث الإسلامية
عقد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية صالونه الثقافي والفكري، بمدينة البعوث الإسلامية؛ تحت عنوان:«منهج الأزهر الشريف، ودوره في تحقيق السلام النفسي والمجتمعي» بالتعاون مع قطاع مدن البعوث الإسلامية.
حاضر في اللقاء: أ.د/ عبد الفتاح العواري - العميد السابق لكلية أصول الدين بالقاهرة، وأ.د/ محمد الجُبَّة - عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، وعضو قسم البحوث بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، وأ.د/ محمد المهدي- أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر.
وقد أكد أ.د/ عبد الفتاح العواري خلال كلمته أن إرادة الله تعالى شاءت للأزهر الشريف منذ إنشائه أن يختار شيوخه منهجًا يتَّسِم بالوسطية والاعتدال، ويراعي جميع العوامل الإنسانية، وأنَّ هذه الوسطية نابعة من الكتاب والسنة وتطبيقات النبي ﷺ وأصحابه، وذلك بخلاف المناهج الأخرى التي تتأرجح بين التطرف والانحراف الفكري.
وفي السياق ذاته، أوضح العواري أن الأزهر الشريف زاوج في مناهجه بين العلوم الإنسانية والشرعية بجانب العلوم العلمية التطبيقية، وهذا التزواج مظهر من مظاهر وسطية الإسلام التي انسحبت في جميع مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والتربوية، مؤكدًا أن الذين وضعوا بذور الوطنية ووحدوا صفوف الناس على مر العصور هم علماء الأزهر الشريف الذين قاموا بواجبهم في كل مجال.
وخلال كلمته قال د/ محمد الجبة: إن منهج الأزهر الشريف منضبط وسطي، نشأت معه قلاع كبرى ولكن شاء الله تعالى أن تظل تلك القلعة باقية معطاءة بسبب المناهج التي يدرسها لطلابه، والتي لم يخترعها، وإنما اشتركت في وضعها كل العقول التي جعلت الأزهر قِبلتها، مؤكدًا أهمية علوم الآلة التي يحتاج إليها المسلم للنظر في النصوص الشرعية، وهذه العلوم تتمثل في أربعة دوائر
الدائرة الأولى: دائرة الفهم والإفهام؛ ويندرج تحتها علوم اللغة والبلاغة والرسم والتجويد، والدائرة الثانية: دائرة الحفظ والتثبت؛ وتشمل علوم الحديث والجرح والتعديل والسيرة وعلوم التاريخ، والتي لا يمكن أخذ ما فيها إلا بعد التثبت من صحتها، والدائرة الثالثة: الحجية والتحليل؛ وتشمل علم أصول الفقه والقواعد الفقهية والعقيدة والمنطق، والتي من خلالها يمكن توظيف الأدلة للاستدلال على الحكم الشرعي، والدائرة الرابعة: هي بناء الإنسان، التي تبين كيفية أداء الشعائر والعبادات؛ وتشمل علم الفقه والسلوك والأخلاق وتزكية النفس التي هي المقصد الأسمى.
وأكد الجُبة أن الأزهر الشريف حريص على تدريس كل تلك الدوائر جملةً وتفصيلا، وإذا سقطت إحداها فلا يمكن لطالب العلم الاستدلال على مسألة شرعية، وبها مجتمعة يتكون المنهج الوسطي المعتدل.
وعن كيفية تكوين شخصية سوية أوضح أ.د/ محمد المهدي أن تكوين شخصية الإنسان، يسهم فيه عنصران مهمان.
العنصر الأول هو (الچينات) التي يرثها الشخص من الأب والأم، ويشكل حوالي ٢٠% من شخصية الإنسان.
والعنصر الآخر هو (البيئة) أو التنشئة التي يتلقاها الشخص في الأسرة، ثم بعد ذلك في المدرسة، ثم الجامعة، ثم المجتمع الأوسع، وهذا العنصر يشكل حوالي 80% من سمات الإنسان وأخلاقه وهذا العنصر يحتاج إلى منهج يسير عليه، حتى يكون صحيحًا سويًا إيجابيًا، وهذا المنهج يعد بمثابة خريطة تتشكل بها مسارات الفكر والعاطفة والسلوك، وهذه الثلاثية مهمة جدا في تكوين شخصية الإنسان، وبدون هذه الخريطة يضل طريقه.
وتساءل المهدى: من أين يأتي الإنسان بهذا المنهج؟ مشيرًا إلى أن اللادينيين كل واحد منهم قد يأتي بمنهجه الخاص؛ لذا تكون رؤيته محدودة، أما الذين يؤمنون بالدين فيوقنون أن مصدر هذه الخريطة إلهي، والأزهر الشريف كان ولا يزال مدرسة عظيمة في التاريخ الإنساني، ومهمته دائمًا هي تمحيص العلوم وتأكيد أنها تتنمي إلى المصدر الإلهي والنبوي؛ لذا تأتي وسطية معتدلة، وبجانب هذه الوسطية تأتي التعددية التي يحرص عليها الأزهر الشريف في مناهجه التي تدرس جميع المذاهب والآراء.
جدير بالذكر أن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بدأ فعاليات صالونه الثقافي والفكري في سبتمبر من العام الماضي والذي يعتبر معالجة ميدانية وفكرية لما رصده المركز من مشكلات أسرية وظواهر مجتمعية سلبية، وذلك بالتعاون مع كافة المؤسسات والمراكز المتخصصة والهيئات الفاعلة في المجتمع المصري لتحقيق استقرار الأسرة المصرية بما يسهم في استقرار المجتمع وتقدمه، ويعمل على تحقيق أهداف رؤية الدولة المصرية للتنمية المستدامة 2030م.