بول أوستر: كتابي "أُمّة إراقة الدماء" محاولة لمواجهة العنف المسلح في أمريكا
يعد بول أوستر واحدًا من أبرز الروائيين الأمريكيين المعاصرين، تُرجمت رواياته لأكثر من أربعين لغة وتحظى أعماله بمقروئية كبيرة في أنحاء مختلفة من العالم، كما أنه حصل على عدد من الجوائز البارزة.
صدر حديثًا لأوستر كتاب جديد بعنوان "أُمّة إراقة الدماء"، والذي أرفقه بصور أنجزها زوج ابنته. يوثق الكتاب مواقع إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة ويدعو لتغيير عاجل لعلاقة الأمريكيين الوثيقة بالأسلحة.
"الجارديان" حاورت أوستر حول موضوع كتابه الجديد، ودواعي كتاباته له، وما يأمل تحقيقه من خلاله.
فكرة الكتاب
كيف ظهر الكتاب؟ قال أوستر: جاءني زوج ابنتي، المصور سبنسر أوستراندر، ذات يوم منزعجًا جدًا من العنف المسلح الذي يراه من حوله. قال إنه قرر السفر في جميع أنحاء البلاد، وتصوير مواقع عمليات إطلاق النار الجماعية في العشرين عامًا الماضية.
وتابع: كما قلت في الكتاب، فإن عمليات إطلاق النار الجماعية تتسبب في جزء صغير فقط من الوفيات الناجمة عن الأسلحة النارية الأمريكية، ولكنها مع ذلك تحدث بتواتر مذهل؛ واحد تقريبًا في اليوم على مدار أي عام معين.
وأضاف أوستر: قام سبنسر بسلسلة من الرحلات الطويلة على مدار عامين ونصف وأخيراً التقط صوراً من 30 إلى 40 مكاناً. وعندما أطلعني عليها، قلت: أعتقد بأن هذه صور مقنعة للغاية، وربما إذا جمعتها في شكل كتاب، يمكنني كتابة نص يتوافق معها.
برأيك ما الذي يجعل صور سبنسر بليغة جدًا؟
أجاب أوستر: أعتقد بأن غياب الشخصيات البشرية أمر مذهل والطريقة التي لا توجد بها أسلحة أو إشارة إلى إطلاق النار الجماعي، فقط هذه المباني المقبضة في كثير من الأحيان وسط المناظر الطبيعية الأمريكية غير الموصوفة.
وتابع: لا أريد أن أكون احتفائيًا أكثر من اللازم به، لكن أعتقد بأن هذا الفراغ يعكس فراغ العالم الذي أنشأناه حيث يقتل الناس. نحن جميعًا ننزعج ونشتكي، ومع ذلك تظل الأمور كما هي.
ما الذي تأمل في تحقيقه من خلال الكتاب؟
قال أوستر: أن يستهل مناقشة لم نقم بها حقًا في أمريكا حول كيفية مواجهة هذا الوضع الرهيب الذي بنيناه لأنفسنا. أنا أعتبره مشروعًا وطنيًا أرغب في المضي قدمًا فيه وأن أسهم في الإعلام بالموضوع، وأريد بشدة أن أرى نوع التأثير الذي سيحققه.
كما أرجو أن يكون مفيدًا للأشخاص خارج الولايات المتحدة أيضًا، لأن عددًا كبيرًا من أصدقائي البريطانيين والأوروبيين يصيروا مشوشين تمامًا عندما يتعلق الأمر بمحاولة فهم عنف السلاح الأمريكي، لذلك حاولت أن أشرح التاريخ وراء ذلك.
عنف مُبكر
بيّن أوستر أن العنف المسلح قد بدأ منذ زمن بعيد، حينما كان المستوطنون البريطانيون الأوائل في أمريكا الشمالية قلة خائفين من السكان الأصليين الكثيرين. كان الخوف من المذابح هائلاً، لذلك قاموا بتسليح أنفسهم وتأكدوا من أنهم كانوا أول من يهاجم، ومن هنا بدأ الارتباط بالسلاح.
في الكتاب تحدث أوستر عن التعديل الثاني، الذي منح للأفراد الحق في حمل السلاح، والذي بدأ يُنظر إليه على أنه أساسي لأي أمريكي، لماذا حدث هذا؟
أوضح أوستر: بسبب حركة "الفهود السود"(حركة حقوقية لسود الولايات المتحدة نشأت بعد مقتل مالكوم إكس) الذين من الواضح أنهم ليسوا من المحافظين البيض، لكنهم كانوا المجموعة التي تبنت في الأصل الحجة القائلة بأن ملكية السلاح حق وأنه للدفاع عن النفس.
وعلّق قائلًا: إنه لأمر مثير للسخرية إلى حد كبير؛ لقد تم القضاء على الحركة لكن أفكارهم بقت وتبناها الجناح اليميني.
ما الذي يمنحك الأمل في المستقبل؟
أجاب أوستر: هذا حلم ضخم جدًا، يوتوبي جدًا. حلمي أن يرغب كلا الجانبين في التحدث وإنهاء الكابوس. إذا لم يكن لدي أمل وإذا لم أستطع أن أحلم بإمكانية إيجاد حل؛ فكيف من الممكن أن أواصل حياتي؟