مثقفون لـ «الدستور»: المبدع الفريد سيفرض اسمه كعلامة من علامات التفوق
من آن لآخر تثار قضية اشتراك أكثر من كاتب في نفس الاسم، وهو ما يخلق حالة من الجدل في الوسط الثقافي، فمن يرى أن اسم المبدع علامة تجارية تنبئ عن أعماله وخطه الأدبي، ومنهم من يرى أنه لا غضاضة في حمل أكثر من كاتب لنفس الاسم. حول هذه القضية كان لـ “الدستور” لقاءات مع عدد من المبدعين حولها.
بداية قالت الكاتبة منال رضوان: في رأيي يعد الاسم من المفاتيح الأولى التي يمتلك الكاتب بها لب القراء، فنحن كمتلقين لعمل أدبي تتجه أعيننا صوب كاتب بعينه، ويمكننا التقاط كتابه بواسطة تلك الرابطة التي مثلت ما يعرف بأفق الانتظار، فيجعلنا نتوقع أننا سنقرأ للكاتب فلان كتابة جيدة، وتشابه الأسماء في وسطنا الأدبي لمست بعض حالاته، المعروفة وشديدة الشهرة أيضًا.
وأوضحت “رضوان”: بيد أنني لي واقعة محددة في ذلك الشأن: قبل عامين، وعند كتابتي لمقال عن كتاب الأستاذة الدكتورة أمينة رشيد الأشهر عن تشظي الزمن في الرواية الحديثة، أرسل لي أحد الأشخاص ممن سيقومون بالنشر صورة لفنانة مغربية قديرة، يستفسر إن كانت هي الشخص المقصود، فعلمني هذا أن أرسل المادة كاملة بالصور حتى وإن كانت على سبيل الاهتداء والاستدلال، وحمدا لله أنه شعر بالشك فسأل.
واستطردت “رضوان”: لكنني مع ذلك أؤكد على أن اسم الشخص يعد جزءا أصيلا من تركيبته ولا يمكننا توجيه الطلب إليه بتغيير اسمه، بل هو من يتفرد بكتابته؛ ليعرف بشخصه وإن كان غيره يحمل الاسم ذاته، ويكون لزاما علينا نحن أن ندقق مدى تطابق الاسم والشخصية في حال تناول صاحبه بالكتابة أو توجيه الدعوات وخلافه، كما يقع على صاحب تلك المسألة أن يقدم لنا من إبداع ما يجعلنا نشير إليه بالبنان ونستخرجه من وسط ألف شبيه في الاسم أو في الشكل حتى.
ــ اسم الكاتب يعتبر بمثابة علامته التجارية
ومن جانبه قال الروائي دكتور شريف شعبان: من الموضوعات الغريبة والمثيرة في الوسط الأدبي بل وغيره من الأوساط ذات الشهرة فكرة تشابه الأسماء. فعادة ما يرتبط الجمهور باسم لكاتب أو فنان ويجد التباساً عندما يجد شخص آخر ذا شهرة يحمل نفس الاسم الثنائي أو حتى الثلاثي.
وتابع: ولكن ما طل علينا في الوسط الأدبي هو وجود صدام بين بعض الكتاب والمؤلفين الذين تتشابه أسمائهم، خاصة وإذا كان أحد الكتاب أقدم أو ذا صيت أعلى من الآخر، حيث أن اسم الكاتب يعتبر بمثابة علامته التجارية التي توضع على غلاف كتابه وتعمل على تسويقه بل وتخلد مئات السنين من بعده. ففي العام الماضي أثار الكاتب أسامة الشاذلي مشكلة سبب تشابه إسمه مع اسم الدكتور والروائي أسامة "عبد الرؤوف الشاذلي" صاحب رواية أوراق شمعون المصري ، ورغم أن الأخير كانت هي روايته الأولى إلا أنها حازت على العديد من الجوائز وآثر صاحبها الصمت عن هذا الجدال. في المقابل قام الأديب أحمد مدحت بإضافة اسمه الثالث "سليم" حتى لا يختلط مع اسم الكاتب والمدون الراحل أحمد مدحت.
وأكد “شعبان” على: وأجد أن توارد الأسماء قد يحل من خلال تعاون الطرفين بإضافة أحدها اسم شهرة أو اسم العائلة بالتراضي وليس بمجرد الأقدمية أو الشهرة في المجال، كما أن قوة العمل الروائي هي التي تعلق باسم صاحبها وتضيف إليه. ومن حسن الحظ أنه حتى الآن لا يوجد سوى شريف شعبان واحد في الوسط الأدبي.
ــ الكاتب الأشهر لن يحتاج لتغيير اسمه
وبدوره قال الشاعر سمير الأمير: أعتقد أن الإنسان يتسمى بما يحب بغض النظر عن كون اسمه مكررا أو متشابها مع أحد، لكنه أيضا يمكنه إن أراد أن يميز نفسه فيضيف اسما أو يحذف اسما إن تشابه اسمه مع كاتب ولا سيما في نفس المجال، لكننا في الواقع نجد هذه الحالة متكررة فلدينا في مصر على سبيل المثال محمد المخزنجي الشاعر، رحمة الله عليه ومحمد المخزنجي القاص أمد الله في عمره، بغض النظر عن كون أحدهما أشهر من الآخر، وفي اعتقادي أنه من الأفضل أن يغير الكاتب اسمه في حالة تشابهه مع آخر، لكن علينا أن نعرف أن الأشهر لن يحتاج لهذا الإجراء وإنما يحتاجه الأقل شهرة.
ــ المبدع الفريد سيفرض اسمه كعلامة من علامات التفوق
ومن جانبه قال شاعر العامية صالح الغازي: تشابه اسم كاتب مع كاتب آخر أزمة وجودية ليست بسيطة، لأنها تهدد تاريخ إنسان، وإحتمالية نسب انتاج أحدهم لآخر. وذلك يحيلني لسؤال مهم.. هل يمكن أن يكون إسم واحد لإثنين من المبدعين الحقيقين؟
أعتقد أنه صعب لأن الإبداع نفسه وجوده نادر وشحيح.. ولا أظنها شائعة أن يظهر هذا التشابه.
وعامة الكاتب المبدع، إبداعه قوي حينما يوجد ويظهر لا يمكن إخفاؤه ..و المبدع الفريد سيفرض اسمه كعلامة من علامات التفوق ..و سيحتمي بسلطة إبداعه.
وعلى أقل تقدير، سيلتصق به إسم شهرة يميزه ويخلد إبداعة. وحولنا العديد من المبدعين والمشاهير لهم أسماء شهرة إما لسبب تجنب التشابه أو للتميز التسويقي..وغالبا جزء من سطوتهم الإبداعية.