كيف يهدد فودين وبيلنجهام اعتلاء مبابى عرش الكرة العالمية؟
قبل انطلاق كأس العالم، قال بيب جوارديولا: «أشم رائحة اللاعب الذى يخشى من الإصابة ويلعب بحذر من أجل كأس العالم»... بعدها أجلس فيل فودين ٤ مباريات على دكة بدلاء مانشستر سيتى، لأنه أدرك ما يدور فى عقل لاعبه الشاب.
منذ مطلع أكتوبر الماضى، استحوذ المونديال على فكر «فودين»، وانتقلت كل حواسه إلى الدوحة قبل انطلاق البطولة بأسابيع، لم يعد مهتمًا بكونه يلعب أساسيًا مع فريقه أم لا، يلتحم بحرص شديد، ولا يقطع المسافات ذاتها.
كأس العالم الأولى بالنسبة لـ«فودين»، الطفل الموهوب الذى قال عنه الإنجليز: «هذا الرجل الذى سيعيدنا إلى الكرة الذهبية»، يمثل له الحياة بكل تفاصيلها.
فى الدوحة حضرت أول تدريبين للمنتخب الإنجليزى على ملعب نادى «الوكرة»، وأجمع كل الصحفيين الإنجليز على أن «فودين» هو الأكثر جاهزية، وتألق فى الأيام الأخيرة على كل لاعبى الجناح.
بنيت أول تقرير عن إنجلترا هنا فى «الدستور» عن «فودين»، باعتباره الورقة السحرية لإنقاذ جاريث ساوثجيت، عبر الجبهة الخارقة التى سيشكلها رفقة جود بلينجهام ولوك شو.
المدرب فاجأنى وفاجأ العالم كله واعتمد على رحيم سترلينج فى بداية البطولة، حتى اضطر- رغمًا عنه- لإشراك «فودين» أساسيًا، بعد حملات شرسة مارسها الإعلام الإنجليزى وكل محللى القنوات البريطانية الكبرى والمواقع والصحف الإنجليزية.
فى إنجلترا لا يوجد مواطن واحد، علاقته بكرة القدم سطحية كانت أو عميقة، إلا قال إن «فودين» هو اللاعب الأفضل لديهم الذى لا غنى عنه، بينما وصفه ديديه دروجبا بـ«ميسى» و«رونالدو»، وقال إن الحالة الوحيدة التى يخرج فيها «فودين» من الملعب، هى خروج «ميسى» من تشكيل الأرجنتين، و«رونالدو» من تشكيل البرتغال.
فى ليلة أمس الأول أمام السنغال، أصبح الولد الموهوب فيل فودين أصغر ثانى لاعب فى تاريخ المونديال يصنع هدفين فى مباراة واحدة، ليقود منتخب بلاده ببراعة كبيرة إلى ربع النهائى، ويبرهن على وجهة نظر الجميع فيه، وينتصر على مدربه الذى بات فى موقف ضعيف، بعدما أثبت اللاعب أنه الأحق بقيادة هجوم الفريق.
مواصفات مختلفة لجناح متفوق تمامًا على كل لاعبى الجناح فى الخصائص والأدوار، أضف إلى ذلك عقلية إنجليزية تم تأسيسها بشكل نموذجى قائم على الانضباط والدقة فى كل قرار وتحرك وتمريرة وتسديدة.
لا تشعر بأنه «أحرف» جناح، لكنه قادر على مراوغة أى مدافع يقابله مهما كان اسمه، لا يعطيك إحساسًا- ببنيانه الضعيف- بأنه قادر على الالتحام، لكنك ستجده أقوى من أصحاب بنيان الأبراج المشيدة.
فى هذا الجيل لا يوجد لاعب أذكى من «فودين»، كل قراراته تشعر بأنها مبرمجة آليًا، نسبة الخطأ عنده محدودة جدًا، دائمًا يفعل السهل، يمرر فى المكان السليم، يتحرك فى المركز المناسب، لا يطلب الكرة إلا إذا كانت هناك حاجة لذلك، ولا يحتفظ بها إلا فى نفس الحالة.
بعد المباراة فى تصريحات تعبر عن عقلية احترافية، قال فيل فودين: «نحن نحتفل بالفوز الآن، لكننا سنواجه فرنسا أفضل فريق فى العالم». لكنه لم يقلل أبدًا من حظوظ فريقه وثقتهم فى القدرة على تجاوز فرنسا.
لحسن حظ الإنجليز ولسوء حظ منافسيهم، يلعب فى نفس الجبهة إلى جوار «فودين»، جود بيلنجهام، لاعب الوسط الخارق الذى أبهر العالم قبل أن يكمل عامه العشرين ليصبح هنا حديث الصحافة العالمية، ويشعل مبكرًا بورصة الصراع على خدماته فى الصيف المقبل.
منذ ٣ و٤ سنوات كان وما زال كيليان مبابى نجم «الميركاتو» الأول، آلاف الأخبار تأتيك سنويًا حول اهتمام الأندية بخطفه من باريس سان جيرمان، على رأسها ريال مدريد، لكن من الآن ولاحقًا سيكون «بيلنجهام» النجم الألمع، الذى سيناطح «مبابى» فى سماء الميركاتو الصيفى المقبل، وسيكون رغبة أولى لكل كبار العالم.
وإذا كان «فودين» قد سجل اسمه فى التاريخ، فإن رفيقه «بيلنجهام» أصبح أصغر لاعب فى تاريخ إنجلترا يصنع هدفًا لإنجلترا منذ ١٩٦٦.
كنا نقول إنه بعد «ميسى» و«رونالدو» سيستحوذ كيليان مبابى على الكرة الذهبية، لكن مونديال ٢٠٢٢ قال للجميع إن هناك نجمين قادمين هما «فودين» و«بيلنجهام»، وإن «هالاند» لن يكون المنافس الوحيد للنجم الفرنسى فى وجود الإنجليزيين الصاعدين بقوة الصاروخ.