«أسطورة أبوبكر».. قصة الأسد الكاميرونى الذى ربح «تحدى الكبار»
فى منطقة «رومدى أدجيا» بمدينة جاروة الكاميرونية ولد المهاجم فينسنت أبوبكر، داخل أسرة كبيرة تضم ٨ أشقاء، وأب أرهقته الحياة بأعبائها، ولم تعينه مهنته كطباخ على توفير الإعالة الكافية لأسرته، خاصة أن زوجته لا تعمل.
الكل يتعاطى الكحوليات فى هذه المنطقة، بمن فيهم أشقاء «أبوبكر»، لكن «فينسنت» وحده كان له حلم وهدف بأن يصبح لاعب كرة قدم شهيرًا.
ضغوط الحياة جعلت والد «أبوبكر» مترددًا فى دعم طموح ابنه، لكنه استسلم لإلحاحه فى النهاية، ووافق على الذهاب به إلى أحد الأندية الصغيرة، حيث بدأ مشواره حارسًا للمرمى.
مرت سنوات ولم يحرز «أبوبكر» تقدمًا يشجع الوالد على دعمه، وبتقدم عمره فقد الأب شغفه تجاه حلم طفله، الذى تحوّل إلى مراهق واقترب من الشباب دون خطوة ملموسة تدفعه لدعم مشروعه.
لكن فى هذه اللحظة كانت رغبة «أبوبكر» أقوى من والده وأى عائق، وامتلك إصرارًا كبيرًا دفعه لإزالة أى عراقيل، حتى لو كان الأب.
تحوّل مفاجئ فى حياة الولد الحالم، حين قرر أن يلعب مهاجمًا صريحًا بدلًا من حراسة المرمى، بدافع أن المهاجمين يسجلون الأهداف ويخطفون الأضواء.. منذ صغره كان يعى ما يريد جيدًا.
فى إحدى البطولات الوطنية فى الكاميرون الخاصة باكتشاف المواهب، لمع «أبوبكر» بمهاراته وأهدافه، وبعدما نال جائزة أفضل لاعب فى البطولة خطفه نادى القطن الكاميرونى ليبدأ مسيرة نحو المجد.
تألق وتطور، واحترف فى نادى فالنسيان الفرنسى، لكنه واجه صعاب التأقلم مع مجتمع جديد، كما أن التخلص من إرث جاروة لم يكن هينًا، لدرجة أنه تأخر عن التدريبات مرات كثيرة بسبب واحد: «المنبه الذى لا يعمل ولا يوقظه من نومه».
لعب لنادى بورتو البرتغالى وقدم مسيرة رائعة فى البرتغال، زامل خلالها إيكر كاسياس، حارس منتخب إسبانيا وريال مدريد، وكذلك كاسيميرو، محور البرازيل، وغيرهما من النجوم الكبار.
ورث أكبر مكانة يمكن لكاميرونى أن يرثها فى هذا القرن، حينما خلف صامويل إيتو فى قيادة هجوم منتخب بلاده، ومع جيل متواضع وأسماء غير لامعة، تسبب فى منح «الأسود» لقب أمم إفريقيا ٢٠١٧، حينما أنهى آمال منتخبنا تحت قيادة هيكتور كوبر، وسجل «القاضية» قبل التسعين بدقيقة.
واصل «أبوبكر» قيادة جيل غير قوى للمربع الذهبى فى البطولة الأخيرة، وبالمونديال ٢٠٢٢ منح بلاده فوزًا سُجل بين أعظم الانتصارات فى تاريخ القارة السمراء، لأنه جاء على حساب البرازيل لأول مرة لمنتخب إفريقى.
لم يبدأ «أبوبكر» أساسيًا أمام سويسرا، وحينما دخل فى الفترة الأخيرة كان تبديله مركزًا بمركز دون تعديل فى الخطة، ولو لعب سونج من البداية بـ«أبوبكر» مع «موتينج» لذهب الكاميرون إلى دور الستة عشر.
ودع «الأسود» البطولة، لكن بقى «أبوبكر»، وصارت قصته الحدث الأهم، وسط معارك ومنافسات ونجوم وأساطير يتعاركون على أهم البطولات.
العالم كله فى الدوحة يتحدث عن المهاجم الرائع الذى كان يستحق مسيرة أفضل، ولو خدمته الظروف لرأيناه فى مكانة ودورى يناسب الإمكانات الكبيرة.
هكذا اجتمع العالم حول الطفل الواثق الذى كسر كل التحديات وأتى من أبعد نقطة فى القاع إلى رأس الهرم، يناطح أعلى وأكبر مهاجمى العالم، ويتحدى البرازيل قبل البطولة ويقول إنه لا يخشاها، ثم يأتى ويهزمها بالفعل.
«أبوبكر» وإن خرج من الدور الأول لكن ترتيبه متقدم جدًا بين مهاجمى البطولة، ويكفيه تفوقه على لوتارو الأرجنتين، وخيسوس البرازيل، ومولر ألمانيا، وديباى هولندا.