«موهبتي توازي بيكاسو».. مديحة يسري تتحدث عن الرسم في حياتها
لا يعرف الكثيرون أن الفنانة الراحلة مديحة يسري كانت رسامة ماهرة، وكانت تزين جدران بيتها بلوحات من رسوماتها، حسبما ذكرت في مقال كتبته بمجلة الكواكب.
تقول مديحة يسري:" من أعز اللوحات التي رسمتها إلى قلبي لوحة فيها حمار يحمل الكتب، كنت أرمز بها إلى طائفة من الناس، سواء منهم الجاهل الذي يتظاهر بالتبحر في الآداب والعلوم، أو البخيل الذي يختزن أمواله ويكدسها في البنوك أو تحت البلاط.
وتكمل:" وذات يوم تعرفت بسيدة مصرية في جلسة بإحدى الحفلات، وجرى الحديث حول هوايتي للرسم والتي كانت بعض الصحف قد عرضت لها ونشرت بعض لوحاتي ومن بينها لوحة الحمار، وأخذت السيدة تسهب في وصف مواهبي التي كانت توازي في رأيها توازي موهبة بيكاسو ورفائيل، وكانت من خلال حديثها تحاول ان تظهر لي تعلقها بجمع التحف، ولا سيما إذا كانت لوحة رائعة جرت عليها ريشتي ولا فخر.
وتواصل:" اعترف ان حديث السيدة بعث الزهو في نفسي فوعدتها بأن أهديها لوحة الحمار الذي يحمل الكتب، وحددت لها موعدًا لزيارتي لكي نتناول الشاي معا ثم أعرض عليها لوحاتي وأهديها اللوحة التي وعدتها بها.
وتكمل مديحة يسري:" عندما عدت إلى البيت راجعت نفسي فوجدت انني تسرعت في وعدي بإهدائها اللوحة وظللت أدعو الله أن يلهمها نسيان ميعادنا حتى أتخلص من كلمتي ولكن السيدة جاءت في موعدها بالضبط، وجلسنا في الصالون ورحنا نتحدث وأنا أبحث عن مهرب من وعدي، وبينما نتحدث جاءت شقيقتي واشارت لي بيدها تريد أن تحدثني فاعتذرت للسيدة وخرجت لأرى ماذا تريد اختي فإذا بها تخبرني أن الخادم تعثر في السجادة فمالت أكواب الكوكاكولا التي كان يحملها للضيفة وسقط بعض ما فيها فوق مائدة كنت أضع عليها لوحة أتممت رسمها لإناء مملوء من الزهور.
وتستطرد:" وجريت لأرى اللوحة ورأيت زهوري وقد تناثرت وحولها قطرات بنية اللون فجعلتها اشبه بخرابيش قطط في وجه طفل، وغضبت بشدة لضياع مجهودي بسبب قلة حذر الخادم، ولكنني رسمت على وجهي ملامح هادئة حتى تنصرف الضيفة، وعدت للصالون ولضيفتي لأرحب بها وأدعوها لمشاهدة اللوحة التي أعجبتها، والتي تمنيت لو لم أكن قد وعدتها بها وفي الطريق وقعت عينا السيدة على لوحة الزهور، وقبل أن أتكلم أشرح ما حدث رأيت الإعجاب على ملامح وجهها وقالت:" يا سلام.. مدهشة.. هايلة.. دي لوحة تجنن".
وتتابع:" سألتها :" عجبتك؟"، فقالت جدا جدا .. طبعا قصدك ترسمي جنينة بس بالسيرياليزم؟"، وحاولت أن أجيب لكنها واصلت:" أرجوكي يا مدام مديحة بلاش لوحة الحمار واديني دي، يا سلام على النقط البني اللي في الورد دي، دي مدهشة".
وتختتم مديحة يسري:" وبعد اانتهاء العشاء وتناول الشاي تحدثنا عن السيرياليزم الذي لا افهم منه شيئا، وحملت لوجتها وخرجت ولسانها يردد كلمات الشكر، وعدت إلى لوحة الحمار وقبلتها.