ياسر ثابت: كرة القدم قصيدة.. وكأس العالم أجمل المعلقات
ساعات هي الفاصلة عن بدء فعاليات بطولة كأس العالم فى قطر Fifa 2022 والتي تبدأ غدًا الموافق 20 نوفمبر 2022 وتنتهي 18 نوفمبر 2022 بمشاركة 32 منتخبًا في دولة قطر العربية، عن دور كرة القدم في حياتنا.
كان للكاتب والروائي الدكتور ياسر ثابت شهادته، والتي جاءت كونه أحد أبرز من كتبوا في هذا المجال، ويعد كتابه «موسوعة كأس العالم» أحد أبرز المراجع الرئيسية للمعنيين بكرة القدم.
وإذا كانت كرة القدم قصيدة، فإن المعلقات الأجمل في تاريخ هذا الشعر هي النسخ والدورات المتتالية من المونديال، الذي يتابعه مليارات البشر في أنحاء كوكب الأرض.. ولو أن هناك كائنات تعيش في مجرات بعيدة، فلا شك أنها استرقت السمع أو تابعت بشغف لحظات الإثارة والنبوغ الكروي.
لفرط جمال اللعبة وإثارتها، تبدو كل مباراة كأنها قصيدة العمر، التي يتغنى بها الجمهور ويستمتع بتذكر تفاصيلها الممتعة ومواقفها الطريفة ومراوغاتها الأنيقة، فضلًا عن أهدافها الرائعة أو المثيرة للجدل.
المونديال وتألق الكبار
في المونديال، يتألق الكبار، ألمانيا وإيطاليا والبرازيل والأرجنتين وربما فرنسا وإسبانيا، لكن القادمين الجدد أيضـًا قد يسجّلون أسماءهم في دفتر التألق. فقد صمدوا.. وصدموا كثيرين، كما فعلت منتخبات الجزائر والمغرب أو كوريا الجنوبية واليابان.
بعض المباريات تكون حافلة بكوميديا الأخطاء؛ تمريرات ضالة ومقطوعة كأنها كرة من الصوف وقعت بين أقدام اللاعبين فأخذوا يركلونها كيفما اتفق.
قليلٌ من كرة القدم، وكثير من العدو والعشوائية. بعضها الآخر يبقى عنوان المتعة وراية البهجة.
مباريات ثالثة تكتمل فصولها بين المنتخب الذي قاتل.. والمنتخب الذي استسلم، بل إن لقاءات أخرى تنتهي بتعادل لم يتألق كثيرون في صنعه، ولم يطمع كثيرون في تحقيقه.
وعبر تاريخ كرة القدم، أدمنا الحديث عن المنتخبات التي فقدت أسنانها، واللاعبين الذين يسطرون التاريخ.
واللاعب المتألق ما من باقة ورد خلف ظهره ولا سكين؛ إذ يسرق قلوب الجمهور بشبكة الفراشات، بكل مهارة وأناقة.
أدب كرة القدم
في زمن مضى، انطلقت الكتابة الأدبية لتبتكر ما يُسمى الآن «أدب كرة القدم» وهو خليطٌ مدهش من الأدب واللعبة الشعبية الأولى في العالم، حيث يتأنق الوصف ليلامس تخوم الشعر، وتصبح الجملة قصة قصيرة أو حتى قصيدة مكتملة.
هكذا أفردت مجلة «إل غرافيكو» الأرجنتينية مساحة للكتابة عن كرة القدم بصبغة أدبية، وعُرف اسم «بوروكوتو» كأبرز كتّاب المجلة الذين تركوا أثرًا في هذا النوع من الكتابة. كما أسهم عدد من الكتاب في انتشارها، مثل الأوروجواياني إدواردو جاليانو والأرجنتيني أوسفالدو سوريانو.
ورغم وجود كتّاب ما زالوا يعتبرون كرة القدم لعبة شعبية مبتذلة، فإن غيرهم نظر إليها من زاوية أخرى، بوصفها رياضة لها دلالات سياسية واجتماعية ودينية وثقافية، كالأرجنتيني إدواردو ساشيري، مؤلف الرواية التي تحولت إلى فيلم «السر في عيونهم».
وفي تشيلي، كتب أنطونيو سكارميتا عن انقلاب أوغستو بينوشيه العسكري، من منظور لاعب كرة قدم شاب. كما كتب مارتين كاباروس، الروائي والقاص الأرجنتيني، قصة فريقه الأرجنتيني المفضل «بوكا جونيور».
سرعان ما تجرأت دور النشر على إصدار مجموعات قصصية كروية كاملة مثل: «حكايات السنوات السعيدة» و«حراس وموهومون وهدافون» الصادرتين في عامي 1993م و1998م من تأليف سوريانو، و«كرة قدم نقية» الصادرة عام 2000م من تأليف فونتاناروسا الذي وصل إلى مستويات مذهلة من الكتابة في هذا المجال.
في العالم العربي، لم يكن للعالم الكروي مساحة واسعة في الأدب، لكن هذا لا يمنع اهتمام عدد من الكُتاب بها.
هناك من يتعامل مع كرة القدم باعتبارها مسألة جمالية، كأنما هي رواية محكمة أو نصٌّ شعري جميل، وكما يبحث في النصوص الأدبية عن الصوت الخاص، فهو يبحث في الكرة أيضًا عن الموهبة الخاصة الفردية، مثل بيليه ومارادونا وميسي.
أسباب ندرة نصوص تجمع بين كرة القدم والأدب
الملاعب الرياضية مليئة بالقصص والحكايات والمشاعر والانفعالات، وإذا كانت الصحافة الرياضية مشكلتها أن من يكتب في الرياضة أحيانًا هم رياضيون سابقون يفتقرون لمهارات الكتابة، أو كُتّاب صحفيّون لا دراية لهم بكرة القدم، فإن هذا ربما يفسر قلة وجود نصوص تجمع بين كرة القدم والأدب.
غير أن أدب كرة القدم ينمو بإيقاع متسارع، في أمريكا الجنوبية وأوروبا بشكلٍ أساسي، وفي مناطق أخرى منها العالم العربي، بوتيرة أقل.