البيزنطية تحيي ذكرى القديسين الـ33 والقديس عازر
تحتفل الكنيسة البيزنطية المعروفة كذلك باسم كنيسة الروم الأرثوذكس في مصر، برئاسة المُطران جان ماري شامي، بحلول تذكار القدّيسين الثلاثة والثلاثين الذين في ميليتيني
استشهد القديسون الثلاثة والثلاثون في عهد الامبراطور ديوكليسيانوس في مستهلّ القرن الرابع.
كما تحتفل الكنيسة ايضا بتذكار القديس البارّ لعازر الصانع العجائب الذي نسك في جبل غليسيوس
أمّا البارّ لعازر فقد ولد سنة 968، وانتحل الحياة الرهبانية وهو حديث السن. وقضى ردحاً من الزمن في دير القدّيس سابا، ورسمه بطريرك اورشليم كاهناً. وعندما ثار العرب على الخليفة المصري وعمّ الخراب فلسطين وهدمت الأديرة، لجأ لعازر إلى أفسس ونسك بالقرب منها على جبل غليسيوس. أسّس ثلاثة أديرة ضمّ فيها جماهير الراغبين في الكمال تحت إدارته. ومات سنة 1054، بعد حياة طويلة عاشها مثالاً للزهد وقهر الجسد.
وفي هذه المناسبة قالت الكنيسة في عظتها الاحتفالية: «يا رَجُل، مَن أَقامَني علَيكُم قاضِياً أَو قَسَّامًا؟»
يركّز هذا النص كلّه على قبول الألم للاعتراف بالربّ. وبما أنّ الجشع غالبًا ما يجرّب الفضيلة، أضاف الربّ وصيّةً ومثلاً لإلغاء هذا الشرّ عندما قال: "من أقامني عليكم قاضيًا أو قسّامًا؟". لقد استبعد الأمور الأرضيّة، هو الذي نزل من أجل الأمور الإلهيّة؛ كما لم يتنازل ليكون قاضيًا لحلّ النزاعات وحاكمًا لتوزيع الثروات، هو الذي يجازي الأحياء والأموات ويقرّر الاستحقاقات. يجب إذًا التركيز لا على ما تطلبون، بل على من تتوجّهون إليه؛ ولا تعتقدوا أنّ روحًا يقوم بأعمال عظيمة يمكن أن يزعج نفسه بأمور أقلّ أهميّة.
لم يتمّ رفض هذا الأخ دون سبب؛ فقد تجرّأ هذا الأخير على تضييع وقت موزّع الخيرات السماويّة ببعض الأمور الدنيويّة، في حين أنّ الإخوة ليسوا بحاجة إلى قاضٍ بل إلى العاطفة لتوزيع الميراث. في الواقع، يجب البحث عن ميراث الخلود، لا عن الميراث المادي؛ فلا فائدة من جمع الثروات بدون أن نعرف إذا كنّا سنحتاج إليها: مثل ذاك الذي امتلأت أهراؤه بالغلال الحديثة وأخذ يعدّ مخازن أكبر لتتّسع لهذه الوفرة من الغلال "ولا يَدْري لمَن يَجمَعُها". فنحن نترك في العالم ما هو للعالم، كما أنّنا لا نملك ما لا نستطيع أخذه معنا. الفضيلة وحدها ترافق الأموات، والرحمة وحدها تتبعنا، هي التي تقودنا وتسبقنا إلى منازل السماء، وتكسب الأموات المساكن الأبديّة بدل المال الزائل. هذا هو إذًا مثل صالح وخلاصي، قادر على حثّ البخلاء على استبدال الفاني بالأبدي والأرضي بالإلهي.