بالأرقام.. كيف واجهت مصر أزمة الأمن الغذائي عالميا؟
بدأ اليوم الحوار الوطني الاقتصادي، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وعدد كبير من الاقتصاديين والسياسيين، والذين حرصوا على حضور اليوم الأول من الحوار الوطني.
وترصد “الدستور” تفاصيل أزمة الأمن الغذائي عالميا.
تسببت الأزمات العالمية الطاحنة التي مر بها العالم أجمع، لتعرض الأمن الغذائى العالمي إلى أزمة طاحنة من جراء الحرب الروسية الأوكرانية، لما تمثله الدولتان من حيث حجم الإنتاج العالمي من الحبوب سنويا، وهو ما عكسته المؤشرات الصادرة عن التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية الصادر عن الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية فى مايو 2022، فإن نحو 193 مليون شخص في 52 دولة عانت من انعدام الأمن الغذائي الحاد فى عام 2021، وهذا ما يمثل زيادة بنحو 40 مليون شخص مقارنة بعام 2020.
ولم تسلم مصر من تأثير هذه الأزمات كباقى دول العالم، نظرا لاضطراب سلاسل الإمداد على خلفية انتشار جائحة كورونا ثم الأزمة الروسية الأوكرانية، فعلى الرغم من الاتجاه التنازلي لمعدلات التضخم المصرية منذ 2019 إلا أنها بدأت فى الارتفاع نتيجة نقشى الجائحة، ليرتفع معدل التضخم فى مصر بنسبة 28.2% فى إبريل الماضى مقارنة بشهر مارس لنفس العام، وبنسبة 20% فى يونيه مقارنة بشهر مايو من نفس العام، وبعد أن بدأ فى الاستقرار النسبي، جاءت الأزمة الروسية الأوكرانية لتفاقم ارتفاع الأسعار بنسبة 40.3% فى شهر مارس 2022 مقارنة بشهر فبراير 2022، حيث أدت تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية إلى حدوث ارتفاع حاد في مؤشر أسعار الأغذية وأسعار الحبوب الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة ليبلغ أعلى مستوى له منذ عقود فى مارس 2022، حيث بلغ 159.7 نقطة، بزيادة قدرها 339% عن شهر مارس 2021.
ومع تفاقم تداعيات تلك الأزمات سارعت الدولة على الفور بالتدخل بإجراءات استثنائية منذ تقشى جائعة كورونا واتخذت العديد من الإجراءات للتصدي لتأثير ارتفاع معدلات التضخم العالمية، ومن أبرز الإجراءات قامت الحكومة بزيادة مخصصات الدعم منذ منتصف عام 2022 لتخفيف أثر التضخم على المواطنين، فقد شهدت الفترة (يوليو – أكتوبر 2020) زيادة فاتورة باب الأجور وتعويضات العاملين بنحو 8.2% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، كما ارتفعت مخصصات باب الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بنحو 56% خلال الأشهر الأربعـة الأولى مـن العام المالى 2020/2021، كما رصدت الحكومة فى موازنة العام الحالى 2022/2023 نحو 130 مليار جنيه، وذلك لمواجهة التأثيرات المباشرة والخاصة بزيادة أسعار السلع الاستراتيجية كالقمح والبترول، فضلا عن تخصيص 235 مليار جنيه أخرى لمواجهة التأثيرات غير المباشرة للأزمة؛ وذلك بهدف امتصاص جزء من الأعباء المعيشية على المواطن المصري، انطلاقا من إدراك الدولة بأن مستوى دخل الفرد فـى مصر يختلف عن باقي الدول، حيث إنه من الوارد أن يسمح راتب المواطن فى الدول التى حدث فيها تضخم عال، لا سيما الدول المتقدمة، بتحمله جزءا مـن هـذا الغلاء، ومع ذلك فإن هناك دولا متقدمة يشكو فيها المواطنون من عدم كفاية رواتبهم لتحمل تكاليف المعيشة.
وتضمنت الجهود أيضا رفع معدلات الفائدة، حيث شهدت أسعار الفائدة على الإيداع لليوم الواحـد ارتفاعا بهدف احتواء معدل التضخم بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، لتسجل 11.25% فى 18 أغسطس 2022، مقابل 9.25% فى 17 يوليو 2014، وإتاحة التمويل اللازم لاستيراد السلع الاستراتيجية، حيث أتاح البنك المركزى المصرى الحدود الائتمانية اللازمة لاستيعاب تمويل العمليات الاستيرادية للسلع الأساسية والاستراتيجية، وعلـى وجـه الخصوص السلع الغذائية لتغطية احتياجات السوق المحلية.
كما شملت الجهود زيادة منافذ بيع السلع بأسعار مخفضة، فقد أطلقت وزارة الداخلية مراحل مختلفـة مـن مبادرة كلنا واحده منذ أبريل 2020، لتوفير السلع الغذائية وغير الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة، بالتنسيق مع الموردين من أصحاب الشركات التجارية المتخصصة فى مجال السلع الاستراتيجية واللحوم والدواجن والألبان ومشتملاتها بجودة عالية وأسعار مخفضة عن مثيلاتها بالأسواق بنسبة تصل إلى 30٪، كذلك شارکت منظومة «أمان» التابعة لوزارة الداخلية فى المبادرة؛ للمساهمة فى تلبية احتياجات المواطنين، حيث تضطلع المنظومة بتجهيز العديد من المنافذ الثابتة والمتحركة لطـرح السلع الغذائية بأسعار مخفضة بالأماكن الثانية والقرى بالمحافظات كافة، بالتنسيق مع مديريات الأمن؛ لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين، بما يعد ترجمة واقعية لاهتمام الدولة بتلبية الاحتياجات المجتمعية للمواطنين.