المجلس العالمي للتسامح والسلام يعلن عن استراتيجية جديدة لمواجهة التطرف.. ما هي؟
عقدت جامعة الدول العربية بالتعاون مع المجلس العالمي للتسامح والسلام مؤتمراً دولياً رفيع المستوى تحت عنوان التسامح والسلام والتنمية المستدامة في الوطن العربي خلال يومي (١٧- ١٨) أكتوبر ٢٠٢٢، بمقر الأمانة العامة للجامعة وبرعاية أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية.
وجاءت الجلسة الافتتاحية في اليوم الأول بحضور قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والبطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى بطريرك انطاكية وسائر المشرق للموارنة، وأحمد بن محمد الجروان رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، وعدداً من وزراء الثقافة والإعلام والأوقاف والشؤون الدينية والسفراء وممثلي المنظمات الدولية الإقليمية والمتخصصة إضافة إلى الوفود الرسمية للدول العربية ونخبة من رؤساء تحرير الصحف والإعلاميين في الوطن العربي.
وانتهى المؤتمر إلى عدد من التوصيات أهمها، العمل على إصدار إعلان عربي للتسامح والسلام على أن تشكل لجنة فنية من الخبراء العرب المتخصصين في مجالات التسامح والسلام وحوار الحضارات والقانون الدولي لإعداد الصياغة المبدئية للإعلان وتعميمه على الدول الأعضاء قبل إطلاقه.
إصدار استراتيجية عربية للتسامح والسلام
كما اتفق الحضور على العمل لإصدار استراتيجية عربية للتسامح والسلام، وقد بلورت لجنة صياغة التوصيات ما انتهت إليه جلسات المؤتمر ووضعت تصورا مبدئيا للرؤية والرسالة والأهداف الاستراتيجية وتم إرفاقه بهذا البيان، على أن تشكل لجنة من الخبراء لوضع مسودة الصياغة الكاملة للاستراتيجية وعرضها على الدول الأعضاء لدراستها وإبداء الملاحظات بشأنها تمهيدا لعرضها في صورتها النهائية على مجلس الجامعة على المستوى الوزاري لاعتمادها.
تشكيل اللجنة العربية للتسامح والسلام
وخلص المؤتمر ايضاً إلى العمل على تشكيل لجنة تحت مسمى "اللجنة العربية للتسامح والسلام" تتبع جامعة الدول العربية (إدارة الثقافة وحوار الحضارات)، تختص بتنفيذ أهداف استراتيجية التسامح والسلام بعد اعتمادها، ووضع آليات المتابعة اللازمة لما يصدر من الجامعة من توصيات بشأن تنفيذها وتقييم الإنجاز وقياس العوائد بشكل دوري.
مقترح رؤية ورسالة الاستراتيجية العربية للتسامح والسلام
وقال البيان الختامي للمؤتمر إن مقترح استراتيجية العربية للتسامح والسلام انطلق من الالتزام بأحكام ميثاق الأمم المتحدة الذي نص على العزم بالتسامح والعيش في سلام وحسن جوار، بهدف الحفاظ على السلام والأمن الدولي، والتزاماً بأحكام ميثاق جامعة الدول العربية الذي يهدف إلى توثيق الروابط بين الدول العربية على أساس احترام سيادتها، ووعياً بأن المعاناة الإنسانية التي واجهتها الكثير من الشعوب في النزاعات الطائفية والعرقية والمذهبية كانت بسبب تراجع قيم التسامح وانتشار أفكار التشدد والعنف التي زرعتها الجماعات المتطرفة.
وأضاف البيان: "واقتناعاً ايضاً، بأن ما شهدته السنوات الأخيرة من صراعات في العديد من البلدان كان أهم أسبابها تصاعد وتيرة العنف الناتج عن تعصب ديني أو عرقي أو طائفي،واعترافاً بأن أعمال التطرف والعنف والإرهاب لا تنتمي لأي دين أو عرق أو حضارة أو جنسية، وأيماناً بأن جميع الأديان تحرم التطرف والتشدد والكراهية وتحض على التسامح والتآخي بين بني البشر،وتأكيداً على ما تضمنه الميثاق العربي لحقوق الإنسان من إيمان الأمة العربية بكرامة الإنسان الذي اعزه الله منذ بدء الخليقة وبأن الوطن العربي مهد الديانات وموطن الحضارات ذات القيم الإنسانية السامية التي أكدت حقه في حياة كريمة على أسس من الحرية والعدل والمساواة".
أكمل البيان أسباب انطلاق الاستراتيجية قائلاً: "وتسليماً بأن مسؤولية البرلمانيين عن تطوير التشريعات الوطنية التي تكافح نشر أفكار الكراهية والعنف من أجل بلوغ غايات السلام في مجتمعاتهم هي أحد أهم واجباتهم تجاه ناخبيهم، وإدراكاً لأهمية دور وسائل الإعلام في إرساء ثقافة التسامح والتوعية بمخاطر التشدد والعنف وقدرتها على ممارسة دور فاعل في مواجهة انتشار ممارسات الكراهية، وتفهماً لأن التشدد والتعصب بكافة صوره وأشكاله أصبح أخطر الآفات التي تعاني منها مجتمعات الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، وذلك لما تمثله تلك الظواهر من تهديد لاستدامة السلام والتنمية، وما ينتج عنها من تهتك لنسيج مجتمعات الدول وإعاقة لتقدمها الاقتصادي ورقيها الاجتماعي، واعترافاً بأننا في حاجة ماسة إلى وقفة لإعادة النظر في مدى التزامنا بتنفيذ ما ورد في المواثيق الدولية، وتحليل قدرة تشريعاتنا الوطنية على مكافحة الكراهية والتعصب، ورصد دور مؤسساتنا الحكومية وغير الحكومية وبحث سبل وآليات تفعيله، واستشراف رؤية مستقبلية لآليات نشر مبادئ التسامح لضمان تماسك النسيج الوطني لمجتمعاتنا".
ما هي رؤية الاستراتيجية العربية للتسامح والسلام؟
تهدف لنشر قيم التسامح بين أبناء الشعوب العربية مما يمثل دعما حقيقيا لأسس وركائز السلام العربي المستدام، وأحد أهم سبل معالجة القضايا العربية الراهنة، وحماية مكتسبات التنمية التي حققتها الشعوب العربية وضمان استدامة هذه التنمية.
رسالة الاستراتيجية العربية للتسامح والسلام:
تهدف رسالة الاستراتيجية إلى تعزيز جهود العمل العربي المشترك الهادف إلى نشر ثقافة التسامح ومكافحة الإرهاب وممارسات الكراهية والتشدد والعنف، والمشاركة في بناء الإنسان العربي من خلال تنسيق جهود المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الرامية لنشر ثقافة التسامح بغية حماية السلام الوطني والدولي.
الأهداف الاستراتيجية العربية للتسامح والسلام:
يأتي الهدف الأول، في إطار تنسيق سبل التعاون بين المؤسسات الوطنية والدولية لمواجهة خطاب الكراهية ومكافحة الإرهاب وأفعال العنف الناشئ عن الأفكار العنصرية وممارسات التمييز الديني أو العرقي أو الطائفي أو الدعاية لهذه الأفعال.
كما جاء الهدف الثاني، من أجل تعزيز دور المؤسسات الدينية في نشر مبادئ التسامح المتأصلة في مختلف الديانات وتحريم ممارسات العنف والكراهية والعنصرية والتمييز.
فيما تهدف الاستراتيجية ايضاً إلى زرع قيم التسامح في عقول أبناء الشعب العربي من خلال إضافة مبادئه للمقررات الدراسية بالمدارس والجامعات العربية، وإحياء مظاهر التسامح الراسخة في التراث الثقافي العربي المشترك.
فضلاً عن تعظيم الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام كأداة نافذة في كل بيت عربي، في نشر قيم التسامح، والتوعية بمخاطر الانخراط في ممارسات التشدد والتعصب والكراهية، وإرساء دعائم السلام العربي المستدام.
أما الهدف السادس، فهو توجيه جهود مؤسسات المجتمع المدني نحو تنفيذ مبادرات هادفة إلى نشر ثقافة التسامح ومكافحة الكراهية والتشدد والعنف الناشئة بسبب التمييز الديني أو العرقي أو الطائفي أو أي شكل من أشكال التمييز.