رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مار أفرام إيلي: الانفتاح والتلاقي والاحترام هي سمات مظاهر الحب الإلهي

أفرام إيلي وردة
أفرام إيلي وردة

نشر المركز الإعلامي للكنيسة الكاثوليكية في مصر النص الكامل لكلمة مار أفرام إيلي وردة، في رتبة توليته وتنصيبه مطراناً لإبراشية القاهرة ونائباً بطريركياً على السودان، والتي ترأّسها غبطة البطريرك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، وذلك في كاتدرائية سيّدة الوردية، حي الظاهر، القاهرة.

وجاء نص الكلمة كالاتي: 

"أشكر الرب اليوم الذي بعنايته وتدبيره اختارني أنا الضعيف في بشريتي والقوي به، أن استلم مقاليد هذه الأبرشية المباركة. لقد قبلت هذه المهمة الجليلة من دون أن أطرح السؤال إذا كان هذا المكان يناسبني أم لا، لأني على يقين بأن الله اختار وقرر، ليكن اسم الرب مباركاً، لأن فرحتي هي هو وكلُ من ألتقي به، فَهُو فرحتي وسعادتي، إذ أني لا أتوق إلى طموحات شخصية بل إلى خدمة أبرشيتي بحكمة وعزم ومحبة حقيقية بكل ما يهبني الرب من نعم ضرورية لهذه الرسالة الجليلة.

لله اسم واحد لا غير، يدعى المحبة اللامتناهية، المحبة التي لا بداية لها ولا نهاية، المحبة الأصيلة والحقيقية، التي لها وجه إلهي متجسد، يدعى الرب يسوع المسيح، عمانوئيل، الله معنا، وإذا كان الله معنا فمن علينا، وعندما نختبر ونعيش هذا الوجه، الذي هو وجه كل إنسان، وبخاصة المتألم والمعذّب منه، الذي يعكس هذا الوجه الحي، فلا شيء يفصلنا عنه، لا الاضطهاد ولا الضيق ولا الجوع ولا السيف ولا الحرب ولا حتى الموت. 

وجه الحب هذا لديه أداة واحدة ألا وهي الصليب المقدس، صليب المجد، صليب الخلاص الذي به نكتشف ونختبر ونعيش معاني ومضمون الحب الإلهي. فهو قبل كل شيء علامة الانفتاح والتلاقي والاحترام، علامة التضحية والبذل وعطاء الذات، علامة المسؤولية والالتزام والأمانة، علامة الحق والعدل والمساواة، علامة التواضع لئلا نتكبر ونتباهى بأنفسنا، فنتعالى على الآخرين، فتتحوّل العلاقة من صديق إلى صديق إلى سيّد وعبد، سبب كل استعباد وذل وقهر وعذاب وخراب وثورات، فالصليب هو علامة التعزية والشفاء والخلاص. ألَم يَقُل معلمنا الإلهي إنني لم آت لأدعو الأصحاء بل المرضى؟، وحده الله صالح هو وكلنا خطأة، أي مرضى متألمين، مجروحين. نعم بالصليب أراد الله أن يدين الخطيئة لا الخاطئ، أن يدين الظلم لا الظالم، أن يحكم على المرض ويخلص المريض. 

نعم أحبائي هذا هو إيماننا ورجاؤنا، وهذه هي محبتنا التي لا تقبل أية مساومة أو أي تحيزُّ. هذا هو الإنجيل المقدس، البشرى السارة لخلاص وفرح الجميع، الذي من نبعه أستقي دوما حياتي واليوم مهامي الأسقفية في التعليم والتدبير والتقديس، والعناية بإخوتنا وأخواتنا، دون تمييز، وخاصة بالفقراء والمرضى والأرامل واليتامى والمعذبين والمقهورين وذوي الحاجات الخاصة، لأنني، كما يقول الرب يسوع في الإنجيل، لن أدخل اليوم هذه الحظيرة، هذه الأبرشية المباركة كلص وسارق، أو كأجير، وإنّما كالراعي الصالح الذي يدخل من الباب الرئيسي على مرئ من الجميع، لا للتباهي والتفاخر، لأنني أرسلت للجميع، فأعرف خرافي وخرافي تعرفني، وأبذل نفسي من أجلها، وليس فقط لأجلها وحدها، وإنما من هم خارجها، لم يتعرفوا عليها بعد، فنبلغ إلى غاية حياتنا ومسيرتنا أن نكون رعية واحدة في تدبير ورعاية الراعي الواحد. 

وتابع: كانت جماعتنا السريانية، والتي زادت أعدادها خاصة بعد المجازر الشنيعة والظلم الذي نزل بهم دون رحمة من الأيادي الغادرة، المجرمة، ليؤمّنوا لهم الخدمة الروحية والراعوية مشجعين إياهم على الثبات في إيمانهم القويم والتمسك بهويتهم وبتراثهم السرياني العريق، تراث آبائنا القديسين. يقول الرب يسوع "اسألوا تعطوا اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم"، بهذا يُظهر المعلم الإلهي الدعوة السامية لكل إنسان منذ نعومة أظافره في البحث عن الحقيقة والأنسنة والعلم والمعرفة واكتشاف الجمال والإبداع واكتناز الفضائل والقيم، وهذا لا يتم إلاّ عبر المؤسسات التربوية.

وأريد هنا أن أحيي من صميم القلب وأعبر عن شكري العميق للجسم الإداري والتربوي والتعليمي والطلابي في مدرستنا الفاضلة، مار ميخائيل. أدامكم الرب جميعا في هذه الرسالة السامية وبارك بشفاعة الملاك ميخائيل، رئيس الملائكة، كل جهودكم واتعابكم لتنشئة الطلبة، رجال ونساء الغد، لمجتمع حضاريّ أفضل، بمزيد من الحب، ومن العدل، ومن الإنسانيّة، حيث الأمن والسلام والإستقرار والإزدهار وغبطة الحياة.