لأول مرة.. أحد أبطال أكتوبر يروي تفاصيل أسره على يد قوات الاحتلال
تحتفل مصر هذه الأيام بالذكرى الـ49 لحرب أكتوبر المجيدة، تلك الذكرى الخالدة التي عاشها وعاصرها جيل كامل من أبناء مصر العظماء؛ رحل مَن رحل وبقى من بقى؛ ليشرح لنا تلك اللحظات الخالدة التي سجلت انتصارا عسكريًا حين حطَّمت القوات المصرية خط برليف المنيع، وعبرت سيناء لتحررها من قبضة العدو.
«الدستور» حاورت واحدًا من أبطال حرب أكتوبر لتُعيد معه ذكريات الحرب من جديد ويروي لحظة انتصار الجيش المصري على العدوّ الصهيوني وتحرير سيناء من قبضتهم.
يروي عزت محمد قدادة 65 عامًا، من محافظة كفر الشيخ، التي تم أَسْره على يد العدو الإسرائيلي تفاصيل تحكى لأول مرة عن حرب 73، حيثُ أخبرتهم القيادة قبل الحرب بأيام أنّهم سيقومون بمشروع تدريب تكتيكي لتغير الأماكن، موضحًا أنّهم كانوا كثيرًا ما يقومون بهذا المشروع لمدة عدة أيام قبلها، دون إفصاح من القيادة الحربية بأنّهم سيُحاربون، وأيضا لم يكن هناك أي شواهد للحرب إطلاقا، حسب قدادة: «أخبرتنا القيادة الحربية أنَّه سيكون هناك طلعة جوية للمقاتلات المصرية لدك الأماكن والمنشآت العسكرية والحيوية للعدو بعد «رُبع ساعة فقط»، وبالفعل قامت القيادة الحربية بإطلاق أول سرب طائرات بأعداد كثيفة وعلي مستوي منخفض من الأرض يتجه إلى مواقع العدو»، مشيرًا إلى أنَّ القيادة أخبرتهم بعد عودة الطائرات أنَّ الضربة الجوية نجحت بنسبة 100% وأصابت حركة العدوّ بالشلل التام.
أضاف قدادة أنَّ الجميع هلّل بـ«الله أكبر الله أكبر»، بعدما دمّرت الطائرات المصرية أماكن ومنشآت عسكرية إسرائيلية، مؤكدًا أنَّ الحرب بدأت بعد هذه الضربة مباشرةً، وأخذت القوات تتقدم وتعبر قناة السويس وتحطم خط برليف التي كان يلقبه العدو بالمنيع.
وأشار البطل إلى أنّه بعد يومين من الاشتباك أخذ المقاتلين أوامر عسكرية بضرورة تدخل سلاح المدرعات لتطوير الهجوم، على الفور عبر سلاح المدرعات قناة السويس وتوغلّ الجيش المصري في عمق سيناء نحو من 7 كم من بين مساحات كان يسيطر عليها العدو؛ حتّى جاءت قوات الصغرة وفجاءة جاءت الأوامر العسكرية بضرورة التراجع لمواجهة قوات الصغرة في الخلف.
وأكد قدادة أنَّ قوات الصغرة التابعة للعدو الإسرائيلي، ارتدت زي القوات المسلحة واستخدمت سيارات مشابهه لسيارات الجيش المصري، ووضعوا العلامات والإشارات التي سهلت لهم الاختراق ودخلوا من المسافة الفارغة بين الجيش الثاني والثالث الميداني وتمركزوا في الضفة الغربية المصرية: «على الفور تم سحب قوات تطوير الهجوم وهو سلاح المدرعات وعدنا وتمركزنا في قرية تسمّى «جنيفة» على خط قناة السويس، وكان العدو أمامنا في الضفة الغربية، وتم الاشتباك لمدة ساعات وأثناء الاشتباك تم إصابة الدبابة التي كنت أقودها واشتعلت النيران بها.
وتابع المصريّ أنّه ترك الدبابة ونزل إلى الأرض مباشرةً، وفوجئ بالكثير من الجُثث ملقاه على الأرض وغارقة في دمائها، ودخل القرية هو وزملاؤه ومكثوا فيه يومين كاملين، وفي اليوم الثالث خرجوا جميعًا عسكريين ومعهم مدنيين من أهل القرية، لسلمون أنفسهم لأقرب نقطة تمركز للقوات المصرية.
وأوضح قدادة أنّه أثناء طريقهم لأقرب نقطة تمركز مصرية، قابلهم دورية إسرائيلية مكونة من مجنزرتين وبهما عدد من جنود العدو، حيث قاموا بتفتيشهم، واصطحابهم جميعًا إلي نقطة تمركز القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية ومنها إلي غزة، مضيفًا أنّه في اليوم الأول من تواجدهم في سجن غزة نزع «قدادة» بدلته العسكرية المصرية وارتدى ملابس مدنية كانت برفقة أحد المدنيين المعتقلين معه من أهل القرية «سجنونا المخابرات الإسرائيلية لمدة 8 أيام في سجون غزة وتعاملوا معي علي أنني مدني فقاموا بترحيل زملائي الذي كانوا يرتدون زي عسكري مصري إلي إسرائيل، وأخذوني مع المدنيين وطلقوا سراحنا قبل تمركز القوات المصرية بكيلو فقط».
وأكدّ قدادة عند وصوله ومعه المدنيين إلى نقطة تمركز الجيش المصري استجوبوه عن الذي رآه في سجون إسرائيل، وأسماء زملائه الذين علي قيد الحياة، وأيضا المصابين منهم والشهداء، والأسري الذين كانوا معه.
في نهاية الاستجواب أعطوه جوابا وأرسلوه بدون أيّ حراسة أو مندوب إلي مدرسة المدرعات، وبعد عودته للمدرسة أعطوه مهمات أخري، وجواب إلى منطقة «الماظا»، حيث أنَّ هذه المنطقة كان يتجمع بها الجنود الشاردين مثله الذين يأتون فرادى، وبعدها يأتي من كل سلاح مندوب يأخذ جنود سلاحه، قائلاً: "جاء مندوبي وأخذني وعُدتُ مرة أخري إلى وحدتي في جبل «عتاقة» وبمجرد وصولي إلي الوحدة جمعونا في أرض الطابور بالملابس المدنية وأخذنا أمر مباشرة من القيادة بفتح طريق مصر السويس بالقوة بعد إغلاقه من قبل قوات العدو.
واختتم بطل أكتوبر حديثه قائلاً:"تمكّنوا من فتح الطريق، وتبادلوا إطلاق النيران، مشيرًا إلى أنّه بعدها جاءت إليهم الأوامر من القيادة الحربية بوقف إطلاق النار لأن الزعيم الراحل أنور السادات كان يجري حينها مفاوضات مع العدو بالانسحاب قبل تدمير كيانهم، وبالفعل تم سحب القوات الإسرائيلية من باقي الأراضي المصرية وعادت مصر حرة مستقلة من جديد بفضل الله أولا ثم الجيش المصري البطل.