من ليالى الأنس لمبنى مهجور.. حكاية كازينو «صفية حلمى» بميدان الأوبرا
"فاكر نفسك في كازينو صفية حلمي".. مقولة شعبية يتداولها المصريون منذ سنوات عديدة، عندما يريدون ضرب مثل بأجواء مبهجة استعراضية، حاول "الدستور" في هذه الرحلة التعرف على صاحبة هذه المقولة الشهيرة، بسبب ارتباطها بهذه الجملة الرائجة بين عموم الشعب المصري منذ وقت بعيد.
صفية حلمي هي إحدى راقصات الزمن الجميل، والتي ذاع صيتها في فترة الأربعينيات من القرن الماضي، وهي إحدى تلميذات الراقصة الشهيرة بديعة مصابني، التي أنشأت كازينو في منطقة وسط البلد وتحديدًا ميدان الأوبرا، قبل أن تتركه وتهاجر خارج البلاد، لتقوم تلميذتها صفية بشرائه وتملكه، وهو عبارة عن مبنى مكون من 3 أدوار، الدور الأول مقهي، والدور الثاني مخصص لتقديم النرجيلة وهي التي تشبه الشيشة للنساء فقط، أما الدور الثالث فكان عبارة عن ملهى ليلي ومسرح تقديم الرقصات الاستعراضية، حيث كانت "حلمي" واحدة من نجوم التمثيل أيضًا وفن المونولوج، وقدمت عدة أفلام منها الحب المورستاني وشهرزاد.
قمنا بالتوجه إلى هذا المبني القديم لمعرفة ما آلت إليه أحواله حاليًا، وجدنا لافتة كبيرة ممزقة تعتلي واجهته، ومكتوبًا عليها مشروع تطوير، والمكان من الداخل شبه مهجور، ومحاط بعدد كبير من محلات بيع الإلكترونيات والنجف والأدوات الكهربائية، التي أصبحت مسيطرة تمامًا على سور الكازينو، تحدثنا مع أحد جيرانه للتعرف على مصيره خلال الفترة القادمة، وكانت البداية المهندس محمد صاحب محل إلكترونيات حيث قال: "في الحقيقة المنطقة هنا كلها أصبحت عبارة عن مكان تجاري متخصص في بيع مستلزمات الكهرباء، ومحدش عنده فكرة مين هي صفية حلمي أو إيه قصة المبني ده، وبتمنى أن يتم إيجاره للمحلات المجاورة، أو تطويره بالشكل المناسب حتى يعلم الجميع قصة هذا المكان المغلق منذ سنوات طويلة".
ويقول محمود خالد، رجل ستيني ويعمل موظفًا بجراج العتبة، "أنا عاصرت هنا كازينو صفية حلمي وهو في عز أمجاده، حيث إن الكاتب الكبير صاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ كان أحد رواد المكان، وأيضًا عدد كبير من مشاهير المجتمع وخاصة الفنانين، حيث تم تصوير فيلم إحنا التلامذة بطولة الفنان الراحل شكري سرحان في الكازينو، وأيضًا تحدث عنه الكاتب الشهير جمال الغيطاني في إحدى كتاباته، وكانت تملك الفنانة صفية حلمي كازينو آخر في الهرم على حد معلوماتي، كانت أيامًا جميلة وكلها خير وفن عظيم".
