نائب وزير الصحة للسكان: نحتاج إلى تشريع يلزم الأُسر بعدم إنجاب أكثر من طفلين مع تقديم حوافز للملتزمين
- طارق توفيق أكد أن الزيادة السكانية تلتهم موارد الدولة
- عدد المواطنين يزيد سنويًا بمقدار 1.7 مليون نسمة وبهذا المعدل سنصل إلى 124 مليونًا فى 2030
- نستهدف تقليص المواليد من 3.5 طفل إلى 2.4 بعد 8 سنوات
- نتعاون مع وزارة الأوقاف إيمانًا بأهمية مشاركة رجال الدينفى التوعية
- ننتظر توصيات مهمة من الحوار الوطنى تجعل المواطن يدرك دوره فى حل الأزمة
تُولى القيادة السياسية اهتمامًا كبيرًا بالقضية السكانية خلال الفترة الحالية، وتضعها على رأس أولويات الحكومة، وذلك لتحقيق التوازن فى معدلات النمو السكانى بما يتناسب مع موارد الدولة، ما ينعكس إيجابًا على عجلة التنمية.
«الدستور» حاورت الدكتور طارق توفيق، نائب وزير الصحة والسكان للسكان، لمعرفة تفاصيل الخطة المتبعة للحد من الزيادة السكانية فى ظل توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بوضع حلول لها، بالتزامن مع اقتراب انطلاق الحوار الوطنى، الذى أكد القائمون عليه أن القضية السكانية من أبرز القضايا التى سيجرى تناولها خلاله.
■ بداية.. حذر الرئيس من خطورة الزيادة السكانية ووصفها بأنها أخطر من الإرهاب.. ما مستجدات القضية؟
- بالطبع الزيادة السكانية من أخطر القضايا التى تهدد الدولة، وذلك لأنها تلتهم الموارد التى توفرها القيادة السياسية للمواطنين، فهناك زيادة سنوية فى معدل السكان بلغت ١.٧ مليون نسمة، وذلك بعدما بلغ عدد المواليد مليونين و١٥٠ ألف مواطن، وعدد الوفيات ٧٠٠ ألف مواطن خلال ٢٠٢١، وهذا رقم مخيف، وإذا استمر الأمر بنفس الوتيرة فلن تكون هناك موارد كافية لتوفير احتياجات المواطنين مستقبلًا، خاصة فى ظل الأزمات التى يواجهها العالم، مثل أزمة تغير المناخ.
■ كم عدد المواطنين فى مصر حاليًا؟
- عدد المواطنين فى مصر ١٠٤ ملايين مواطن، منهم ٥٢ مليونًا و٥٢٥ ألفًا و١١٧ ذكرًا، و٤٩ مليونًا و٥٣٥ ألفًا و٥٧١ أنثى، وإذا استمرت الزيادة بنفس المعدل سنصل إلى ١٢٤ مليون مواطن عام ٢٠٣٠، وهو ما لا نتمنى حدوثه، لأن معدلات الإنجاب لدينا هى ٣.٥ طفل لكل أسرة، ونستهدف الوصول إلى ٢.٤ طفل لكل أسرة.
■ ما الحل الأنسب للأزمة السكانية؟
- الحل هو القانون، لا بد من صياغة تشريع يمنع المواطنين من إنجاب أكثر من طفلين، عبر تقديم حوافز لمن يلتزم بذلك، وحرمان المخالفين من تلك الحوافز.
دولة سنغافورة مثلًا، استطاعت ضبط معدل السكان خلال ١٠ سنوات فقط، وحققت نجاحًا كبيرًا فى هذا الملف. ومن الضرورى أيضًا الاستمرار فى تطوير الخدمات الصحية فى القرى، وتوفير المشورة للمواطنين هناك.
■ هل الزواج فى سن صغيرة أحد أسباب زيادة عدد السكان؟
- نعم، فالزواج فى سن صغيرة يتعارض مع تحقيق مصلحة الطفل، إذ لا يراعى حقوقه فى البقاء والحماية والنماء والمشاركة، ويترتب عليه التسرب من التعليم وجعل طفل لم يبلغ السن القانونية يتحمل مسئولية أسرة، وهو لم يكتمل نفسيًا أصلًا.
مرحلة المراهقة، التى تبدأ فى سن ١٣ عامًا، وتستمر حتى ١٩ عامًا، هى مرحلة نمو سريعة، وعندما يحدث حمل تعانى الأم والطفل من نقص الغذاء، فيولد الطفل مبتسرًا، وتزيد نسب التشوهات والإجهاض، وتنهار الحياة الأسرية عادة فى مثل تلك الزيجات، ويكون الزواج غير موثق، فتفقد الزوجة حقوقها.
والزواج بسن صغيرة يجعل لدينا مشكلة كبيرة، وهى ولادة أطفال دون أوراق ثبوتية، وهو ما يتنافى مع المواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر لحماية الطفل، إضافة إلى أنه كلما كان الزواج فى سن صغيرة أصبحت فرص الإنجاب كبيرة، كما يتسبب فى زيادة معدلات الإنجاب دون شك، وفى التسرب من التعليم، وتقليل فرص حصول المرأة على عمل، لأنها تسربت من التعليم، فتصبح غير قادرة على تربية أبنائها التربية الصالحة، فضلًا عن زيادة معدلات الطلاق.
■ ما الخطوات الصحيحة للتصدى لظاهرة تزويج الأطفال؟
- هناك بعض الدول التى نجحت فى التغلب على هذه المشكلة، عبر رفع سن الزواج، حتى تكون سنوات الخصوبة قليلة، وذلك يحد من عدد المواليد.
وفى العموم، يحتاج الحد من الزيادة السكانية إلى أسلوب الترغيب، عبر تقديم مزايا للأسر التى تلتزم بإنجاب طفلين فقط.
■ كيف يسهم المجلس القومى للسكان فى التصدى للزيادة السكانية؟
- عبر إعداد الخطة الخمسية والخطط التنفيذية السنوية، والمشاركة فى وضع حلول مع الوزارات والجهات المعنية، ومراجعة ٢٧ خطة سكانية سنوية، أُعدت بمشاركة جميع الجهات التنفيذية المعنية بالعمل السكانى بالمحافظات، واعتماد الخطط من المحافظين بجميع محافظات مصر، وتبادل المعلومات والخبرات مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وتدريب فريق الجهاز على برنامج PBI بواسطة فريق من المجلس القومى للسكان، وتدريب فريق التخطيط على التحليل الإحصائى، والمتابعة الميدانية مع فروع المجلس بالمحافظات، وهى ١٩ مجلسًا إقليميًا للسكان و٣٢ لجنة تنسيقية، وإعداد تقارير سنوية وربع سنوية عن أهم التوصيات.
كما يجرى إعداد ونشر رسائل توعوية مصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعى عن الزيادة السكانية وتأثيرها على موارد الدولة.
■ ما أهداف الاستراتيجية القومية للسكان ٢٠٣٠؟
- الأهداف هى الارتقاء بنوعية حياة المواطن المصرى، من خلال خفض معدلات الزيادة السكانية، واستعادة ريادة مصر الإقليمية من خلال تحسين خصائص المواطن المصرى المعرفية والسلوكية، وإعادة رسم الخريطة السكانية فى مصر من خلال إعادة توزيع السكان، وتحقيق العدالة الاجتماعية فى المحافظات وتقليل التفاوت بين المناطق الجغرافية.
كما نستهدف استخدام وسائل تنظيم الأسرة بنسبة ٧١٪، مقارنة بالوضع الحالى، وطبقًا لآخر مسح فإن ما يقرب من ٦٠٪ من الأسر تستخدم وسائل تنظيم الأسرة، إضافة إلى الوصول بمعدل الإنجاب الكلى إلى ٢.٤، وذلك وفقًا لتقديرات السيناريوهات الثلاثة الواردة فى الاستراتيجية لسنة ٢٠٣٠.
■ ماذا عن التحديات التى تواجه المجلس القومى للسكان؟
- عدم إتاحة بيانات ومؤشرات محدثة لمعظم الأهداف، ما يعيق عملية التقييم الدورى لإنجازات الوزارات والجهات الشريكة فى الاستراتيجية القومية للسكان بشكل كبير.
ومن بين التحديات ضعف تمثيل منسقى الوزارات والجهات الشريكة الذين يحضرون الاجتماعات التنسيقية التى يعقدها المجلس القومى للسكان، وعدم إلمامهم بكل الأنشطة التى تنفذها القطاعات والإدارات المختلفة بالوزارات والجهات التى يمثلونها، مع عدم تمتعهم بالصلاحيات الكاملة التى تمكنهم من اتخاذ القرارات التصحيحية، أو تبنى وتفعيل التوصيات التى يجرى عرضها فى أثناء انعقاد هذه الاجتماعات، وإفادة بعض الجهات بعدم توافر التمويل اللازم لتنفيذ بعض الأنشطة المخططة.
وكذلك تأخر الحصول على الموافقات اللازمة من وزارتى المالية والتخطيط لبدء تنفيذ الأنشطة، وهذا ما يمثل عقبة كبرى فى تحقيق الأهداف المرجوة من تنفيذ الخطة الاستراتيجية القومية للسكان، إضافة إلى غياب التنسيق بين الوزارات والجهات المعنية بالعمل السكانى، وعدم تفعيل دور المجلس القومى للسكان فى عملية التنسيق بين كل الشركاء، مع عدم وجود رؤية موحدة بين كل الأطراف، ما أدى إلى تفتت العمل السكانى.
وتشمل التحديات عدم تفعيل آلية نظام المتابعة والتقييم بما يتيح الفرصة لمتابعة مستويات التقدم فى تنفيذ الخطة، إذ لا يوجد ما يلزم الوزارات أو الجهات التى شاركت فى وضع الاستراتيجية القومية للسكان بتنفيذ بنود الاستراتيجية أو حتى إرسال تقارير إنجازاتها، ويرجع ذلك أيضًا لعدم وجود صلاحيات واضحة ومحددة للمجلس القومى للسكان لمتابعة وتقييم هذه التقارير.
وتتضمن التحديات عدم وجود نظام إلكترونى لربط المجلس القومى للسكان بالجهات المعنية لتبادل البيانات والمعلومات الصادرة عنها، والاكتفاء بتقارير إنجاز تتضمن مؤشرات كمية ترصد مدى إجراء أو عدم إجراء الأنشطة، إضافة إلى عدم التزام بعض الجهات بإرسال تقارير الإنجاز الدورية الخاصة بها فى المواعيد المتفق عليها، ما يؤخر عملية دراسة وإصدار التقرير المجمع لإنجازات الجهات الشريكة فى الاستراتيجية القومية للسكان، وكذلك عدم التزام بعض الجهات بإرسال تقارير الإنجاز الدورية الخاصة بها وفقًا للنموذج المتفق عليه مسبقًا، ما يعوق عملية إعداد التقرير المجمع لإنجازات الجهات الشريكة فى الاستراتيجية القومية للسكان.
■ ما تفاصيل خطة الحد من الزيادة السكانية؟
- زيادة العمل بمحور التحول الرقمى لكل الجهات، شركاء العمل فى القضية السكانية، وربط المعلومات الإلكترونية المتاحة لمعرفة الخصائص السكانية لمحافظات مصر المختلفة، إضافة إلى استكمال تنفيذ المرصد السكانى لتوفير قاعدة بيانات واحدة فى كل الجهات الشريكة.
وتتضمن الخطة التوسع فى المعروض من وسائل تنظيم الأسرة ليوافق كل الاحتياجات، مع مراعاة الاستمرار فى إدخال الوسائل الحديثة المتوفرة عالميًا، وتكثيف جهود القضاء على الأمية وتعليم الكبار خاصة الإناث، ودمج موضوعات الثقافة السكانية ضمن البرامج المنفذة على جميع المستويات، وإضافتها إلى المقررات الدراسية فى المراحل التعليمية المختلفة، بدءًا من مرحلة التعليم الأساسى، والاهتمام بالتعليم الفنى وخريجيه وإحياء مشروعات تشغيل المصانع وتجديدها لتواكب التطور، لأن التعليم الفنى فى أى من دول العالم هو المصدر الرئيسى لإمداد سوق العمل بالعمالة الفنية المدربة، التى تلعب دورًا مهمًا فى تنمية البلاد.
■ ما خطة الوزارة للقضاء على الأمية فى مصر؟
- لدينا ما يقرب من ١٥ مليون مواطن أمى فى مصر، من بينهم ٩ ملايين سيدة، ولدينا استراتيجية قومية للقضاء على الأمية خلال ثلاث سنوات، وتتضافر فيها كل الجهود فى الوزارات والهيئات القومية.
وهناك ٣ مؤشرات لخريطة الأمية، الأول الأمية فوق سن ١٠ سنوات، والثانى الأمية فوق ١٥ سنة، والثالث الأمية فى الفئة العمرية من ١٥ إلى ٢٨ سنة، وهذه المؤشرات مرفوعة ديموجرافيًا من خلال الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
■ ماذا عن المبادرات التى أطلقها المجلس للحد من الزيادة السكانية؟
- جرى إطلاق مبادرتين، هما: «سفراء الأوقاف ومسابقات الشباب»، و«سفراء الأوقاف» جاءت نظرًا لأهمية دور رجال الدين فى التوعية المجتمعية.
درب المجلس- بالتعاون مع وزارة الأوقاف- رجال الدين ليكونوا بمثابة نقطة اتصال لتنشيط المناقشات حول تحسين مفاهيم صحة الأم والطفل، وذلك لتعزيز فهم أفضل للقضايا السكانية وخلق حوار مجتمعى لتشجيع كل أطرف العمل على المشاركة وبذل المزيد من الجهد لتحقيق نتائج أفضل، ولدينا ٤٥٢ رجل دين فى ١١ محافظة.
■ ما التوصيات التى تنتظر خروجها من المحور الاجتماعى فى الحوار الوطنى؟
- الحوار الوطنى يجب أن تكون له توصيات مهمة لحل الأزمة السكانية، وذلك لأن القضية السكانية أزمة مشتركة بين الحكومة والمواطن، ويجب أن يعرف المواطن دوره فى هذه القضية، للمشاركة فى حلها، لذلك يجب أن يحدد الحوار الوطنى الآليات التى يجب اتباعها، مثل التوصية بإصدار تشريعات وإطلاق حملات توعوية للحد من الزيادة السكانية.
■ ما أبرز التوصيات التى خرجت بعد الاجتماع مع وزير الصحة؟
- شدد الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، على ضرورة تنفيذ الاستراتيجية القومية للسكان وتوطين أهداف التنمية المستدامة، وإيجاد إطار عام للمتابعة والتقويم ملزم لكل الوزارات والجهات الشريكة لمتابعة وتقييم معدلات تنفيذ الاستراتيجية القومية للسكان، فضلًا عن توسيع نطاق مشاركة منظمات المجتمع المدنى فى تقديم خدمات تنظيم الأسرة.
كما أكد الوزير ضرورة الانعقاد الدورى للمجلس لمتابعة تنفيذ الخطط الاستراتيجية، والتنسيق بين شركاء العمل السكانى على مختلف المستويات، وتعزيز دور المجلس وأمانته الفنية للقيام بالبحوث السكانية اللازمة لاتخاذ إجراءات تصحيحية مناسبة، وإعادة ترتيب الأولويات بناءً على نتائج البحوث والدراسات، وتوجيه المديريات التابعة لكل وزارة بتنفيذ الأنشطة السكانية الملتزمة بها كل وزارة، ضمن الاستراتيجية القومية للسكان وخططها السنوية والمطلوب تنفيذها على مستوى المحليات.
■ ما خطة الوزارة للحد من عدم توثيق عقود الزواج فى المناطق النائية؟
- هناك مشروع يجرى إعداده لمناقشته فى مجلس النواب، للحد من قضية الزواج المبكر، التى هى أساس عدم وجود توثيق لعقود الزواج فى المناطق النائية، وذلك لأن القانون الحالى يمنع توثيق الزواج وليس الزواج نفسه، ما يترتب عليه أن الزيجات تتم سرًا ويولد الأطفال دون شهادات ميلاد أو يجرى توثيقها على العم أو الجد، ما يسبب خللًا فى المواريث وفى الأنساب.
وعندما تتم الطفلة المتزوجة ١٨ عامًا يجرى توثيق الزواج، وإذا كان الأطفال لم يتم توثيقهم على العم أو الجد، يجرى استخراج شهادات ميلاد بتاريخ سابق، فى حين أن الزواج تم بتاريخ حديث، وهذا يُحدث أزمة فيما بعد.
والقانون الموجود حاليًا لم يسد هذه الثغرة، لذلك تقدم المجلس القومى للسكان بمشروع قانون للسيطرة على الزواج المبكر، يتضمن مكافحة التسرب من التعليم الذى يعد الركيزة الأولى للزواج المبكر، وذلك من خلال أن تكون مهمة تنفيذ عقوبة التسرب من التعليم فى يد المحافظ أو مدير مديرية التربية والتعليم وليس وزير التربية والتعليم، وذلك لأنه الأقرب للحدث وتتم مكافحة الزواج المبكر بطريقة غير مباشرة.