الخبير.. هل يصبح كولر «المدرب المشروع» الحقيقى؟
«هو شخص هادئ، قادر على إقناع الجميع بأفكاره، ويمتلك العقلية الانتصارية منذ كان لاعبًا».. هكذا تحدث رامون فيجا، نجم منتخب سويسرا، عن زميله السابق مارسيل كولر، المدير الفنى الجديد لفريق الكرة بنادى الأهلى.
ورغم المخاوف العديدة التى تحيط بالرهان الجديد لإدارة الأهلى، تبدو مؤشرات عديدة تتفق مع «فيجا»، وتجعل محمود الخطيب ومن معه متفائلين بما هو قادم.
أصوات عدة قللت من مسيرة المدرب السويسرى، وأخرى كانت أكثر تشاؤمًا وقالت عنه «سواريش جديد»، لكن علامات كثيرة تبرز خلاف وجهة النظر الثانية.
بداية فإن رحلة ٢٣ عامًا فى التدريب تنفى تمامًا عن «كولر» تهمة «سواريش جديد»، وهذا ليس تقليلًا من الأخير، لكنه تعبير دقيق عن ضدين، أحدهما يخطو سنواته الأولى كمدير فنى فى الدورى الممتاز، وآخر مسيرته اقتربت من ربع قرن فى تجارب قوية للغاية.
حملت رحلة «كولر» العديد من المحطات والمطبات الصعبة، فخلال تجربته الأبرز مع النمسا واجه أعتى وأشرس منتخبات أوروبا التى تضم نجوم اللعبة وأسماءها العملاقة، ورغم ذلك، مع منتخب صُنف قبل وصوله بـ«المتواضع»، قدم نتائج حملت هذا المنتخب إلى المركز العاشر عالميًا.
الرجل الذى اصطدم بإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وألمانيا وهولندا، تعرض لمواقف من المؤكد أنها أصعب مئات المرات من المواقف التى ستجمعه بالمحلة والاتحاد ووفاق سطيف والقطن.
نحن هنا لا نقلل من أحد، ولا نبالغ فى الوصف، لكن بالوقائع والحقائق، فإن مواصفات مثل هذه لا يمكن مقارنتها أبدًا برحلة مبتدئ مثل «سواريش».
لذا من غير المنطقى أن تكون هناك نفس التخوفات التى صاحبت الأول، فهذه المسيرة تشهد على أننا أمام خبير من طراز رفيع، له تجارب عدة تجعله قادرًا على مواجهة الضغوط والتغلب عليها، وصناعة الكثير مع الأهلى.
فى بداية رحلته نجح «كولر» فى التتويج بالدورى السويسرى مع نادى جراسهوبر، ثم كررها مع نادى سانت جالن الذى غاب عن اللقب ٩٦ عامًا.
حينما صعد بنادى بوخوم فى ألمانيا من الدرجة الثانية للممتاز، كان حلم الجميع هناك البقاء فى «البوندسليجا»، فماذا حدث؟
بوخوم أنهى فى المركز الثامن، ثالث أفضل مركز يحققه عبر تاريخه.
نحن هنا لا نستعرض سيرة ذاتية، بقدر ما أننا نبرهن على كون هذا الرجل خبيرًا لا يصح التشكيك فى مسيرته التى تلقى إجماعًا فى بلاده، ويشهد لها كل المدربين متابعى اللعبة فى سويسرا.
يقول «كولر» عن فلسفته، إن «الصدق هو سلاحه الأول فى النجاح، فلا مانع لديه من أن يصارح لاعبيه بسوئهم»، ويرى أن «السيطرة على غرفة اللاعبين أول الثوابت للنجاح».
تلك المواصفات تؤكد أنك أمام شخصية قوية، قادرة على التأثير فيمن حولها، وإقناع الجميع «لاعبين ومعاونين وإدارة» بالأفكار التى يطبقها والاستراتيجيات التى يتبعها، وبالتالى أنت أمام «المشروع الحقيقى»، الذى لم يحضر مع شخصية «سواريش» المهزوزة، وربما فى مراحل تشكلها، حتى لا نكون جناة على مدرب يشهد له الجميع فى بلاده بالوعى الخططى، لكن تعيبه قلة الخبرة والتجارب، وكذلك عدم القدرة على مواجهة الضغوط التى حذر منها برتغاليون كبار منذ وصوله.
السمات الشخصية لـ«كولر» تخبرك بأنك أمام تكوين مختلف، شخص قوى يستطيع المواجهة ويتحمل الضغوط، ويعرف الكيفية التى يمكن التعامل من خلالها، وهذا أكثر ما يحتاج إليه الأهلى: شخص يروض الظروف، يمتص الغضب، ويكسب ود الجماهير فى أصعب الظروف.
إن حماسة رامون فيجا، الذى طالب الأهلاوية بعدم المقارنة بين «كولر»، و«فايلر» الذى نعته بـ«المغرور»، تعكس مدى إيمانه والسويسريين بهذا الرجل وقدراته الكبيرة، وتعطى مجلس إدارة الأهلى ضمانات مهمة حول مدى ملاءمة هذا الرجل للفريق.
«كولر» سيتمتع أيضًا بعامل الوقت، الذى لم يحصل عليه «سواريش»، فلديه فرصة الإعداد الكامل للموسم، وسيكون برفقته لاعبون حصلوا على راحة كبيرة لم يجدها سابقه، وسينال تدعيمات جديدة للفريق تعالج كثيرًا من جوانب القصور، وسيبدأ الموسم من خطواته الأولى، فلن يتحمل خطايا من سبقه، وسيتولى مهمة البناء بنفسه.
الجميل أن الأهلى الذى يعول دائمًا على طريقة صانع اللعب مثل بقية الأندية المصرية، عثر على المدرب الذى يفضل طريقة «٤/٢/٣/١»، وهى الأكثر ملاءمة للأهلى فى سنواته الأخيرة، وربما المثلى للعناصر المتاحة حاليًا، إن لم يحدث جديد ويضم صفقات يمكنها إحداث التغيير.
الشواهد التى تدعو للتفاؤل أكثر من تلك التى تحث على التشاؤم، والبديهى أن محمود الخطيب، الذى خسر الدورى مرتين، سيكون حريصًا كل الحرص على أن يكون رهانه الجديد أقرب للمثالية، وبعيدًا تمامًا عن المقامرة، فالتاريخ لن يرحم من يخسر دورى ٣ مرات متتالية، و«بيبو» واعٍ لذلك جيدًا.