سياحة لبنان تحقق 4.5 مليار دولار.. لماذا تصر الحكومة على الاقتراض؟
تتواصل الأزمة الاقتصادية التي تعصف باللبنانيين وسط أجواء إقليمية ودولية متوترة، واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، فيما يواصل لبنان مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض قيمته 3 مليارات دولار أعلنت الحكومة عن أن إيرادات السياحة في الموسم الصيفي زادت على 4 مليارات دولار، ما أثار التساؤلات عن أوجه إنفاق هذه الأموال، ولماذا لا يستعين بها لبنان لمواجهة الأزمة بدلًا من التوجه للاقتراض؟.
وقال نصار عقب اجتماع مع الرئيس اللبناني ميشال عون: تشرفت اليوم بزيارة رئيس الجمهورية ووضعته بشكل أساسي في صورة نتائج الموسم السياحي الصيفي، وفي أجواء أرقام أعداد الوافدين إلى لبنان الذين تجاوزوا المليون ونصف المليون".
وتابع أن العجلة الاقتصادية سجلت وفق إحصاءات وأرقام الاقتصاديين 4.5 مليار دولار، وفق بيان للرئاسة اللبنانية.
ويواجه لبنان منذ عام 2019 أزمة مالية واقتصادية حادة تجسدت في انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والتضخم ونقص الوقود والأدوية وحليب الأطفال، وصنفها البنك الدولي واحدة من أسوأ الأزمات في العالم منذ منتصف القرن الماضي.
لم تدخل الخزينة
أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية الدكتور طلال عتريسي، قال في تصريحات لـ"الدستور"، إن هذه الإيرادات على الأرجح ليست أموالًا تحت تصرف الحكومة رغم دخولها البلاد، لأنها ذهبت إلى مصارف مختلفة، استفاد منها الناس ومكاتب التأجير والفنادق والأهالي، لكنها لم تدخل إلى ميزانية الدولة، وربما هذا يفسر سبب إصرار الحكومة على قرض الصندوق.
وأضاف عتريسي، أن الذهاب للصندوق ليس ورقة سحرية، خصوصًا أن تجارب الدول الأخرى معه ليست مشجعة، فمن يذهبون إلى صندوق النقد الدولي نوعان؛ إما دولة مفلسة مثل لبنان، أو أدولة تحتاج الأموال لظرف محدد، ويكون اقتصادها مقبولًا عكس بلدنا.
وأوضح أن المشكلة في إدارة الاقتصاد اللبناني بغض النظر عن واردات السياحة وغيرها، فاقتصادنا غير منتج، وكان يعيش على جمع الأموال من الداخل والخارج ووضعها في البنوك لدعم الليرة وسلع أخرى، وتبين أنها طريقة غير مفيدة أدت إلى الانهيار الحالي.
وشدد على ضرورة إعادة تشكيل رؤية صحيحة وواقعية للاقتصاد، فلم يكن واقعيًا تثبيت سعر صرف الليرة بـ1500 مقابل الدولار، وقت أن كانت القيمة الفعلية له 4 آلاف ليرة، وأيضًا من الخطأ دعم المحروقات لكل الفئات الاقتصادية، وعلى كل حال قرض الصندوق لن يغير شيئًا في الواقع اللبناني.
وأشار عتريسي، إلى أن الأسباب الاقتصادية للأزمة لا تنفصل عن الأسباب السياسية؛ لأن دعم السياسيين لحماية الليرة، ودعم السلع، وموافقتهم على السياسيات الاقتصادية، كانت بهدف حماية شعبيتهم والحصول على تأييد الناس في الصراعات السياسية، كما أن هناك أسبابًا متداخلة بين ضغوط خارجية سياسية على لبنان، وتجاهل الغرب للوضع وعدم محاسبة الفاسدين.
أبعاد دولية
من جهته، قال المحلل السياسي اللبناني سركيس أبوزيد، إن لبنان يواجه أزمة اقتصادية متكاملة، سببها سياسي له بعد داخلي وبعد إقليمي ودولي، فضلًا عن الأسباب الداخلية المرتبطة ببنية الطبقة السياسية الحاكمة وأهدافها، ووجود ضغوط خارجية لمحاصرة لبنان، وفرض عقوبات لوضعه في أزمة صعبة كنوع من الضغط؛ حتى يسلم بمجموعة قرارات مطلوبة منه دوليًا.
وأضاف أبوزيد في تصريحات لـ"الدستور"، أن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل لضمان استخراج النفط وتأمينه لأوروبا والغرب بسبب الأزمة الأوكرانية، وتوطين الفلسطينيين، وسلاح المقاومة، والنازحين السوريين داخل البلاد، أوراق ضغط خانقة على لبنان.
وأشار إلى أنه حتى يستطيع لبنان التسليم بهذه القرارات، يتم خلق أزمة كبيرة، إضافة لأزماته الداخلية، وفساد الطبقة الحاكمة، وهذا ما يدلل على أن العقوبات والضغط الخارجي يأتي بنية إخضاع لبنان سياسيًا حتى يسلم بما هو مطلوب منه.
وتابع قائلًا: استغلال الأزمة وتعميقها عبر البنك الدولي والعقوبات الأمريكية وغيرها، يسهل للمنظومة الفاسدة التي لا تملك رؤية اقتصادية إصلاحية متكاملة مواصلة البقاء في المناصب والاستفادة منها، وهي عملية يضيع فيها المواطن البسيط غير القادر على مواجهة الصعوبات.