محمود دياب.. المسرحى القادم من منصة القضاء الذى أعاد مسرح السامر الشعبى
محمود دياب، الكاتب المسرحي القادم من منصة القضاء، والذي تحل اليوم ذكري ميلاده، حيث ولد في مثل هذا اليوم من العام 1932، ويعد واحدًا من أبرز كتاب المسرح المصري في ستينيات القرن المنصرم.
فقد كتب محمود دياب للمسرح المصري مجموعة من أروع العروض المسرحية، نذكر من بينها مسرحيات: الغرباء لا يشربون القهوة، اضبطوا الساعات، ليالي الحصاد، السفلة، الزائدون عن الحاجة، الرجال لهم رؤوس، رجل علي الحصان، قضية عم مسعود وغيرها.
لم تقتصر أعمال محمود دياب الإبداعية علي العمل المسرحي فقط، فقد قدم قدم للسينما أفلام " إبليس في المدينة (قصة وسيناريو وحوار)٬ سونيا والمجنون (سيناريو وحوار) وقدم فيه معالجة حديثة لرواية "الجريمة والعقاب"٬ الشياطين (سيناريو وحوار)٬ قصة فيلم الظلال فى الجانب الآخر٬ كما أنه خاض الإخراج التليفزيوني حيث أخرج المسلسل التليفزيوني "ليالي العفيفة" 1980.
و بالإضافة إلى الكتابة المسرحية والسينمائية٬ قدم أيضًا العديد من الدراما التليفزيونية٬ حيث كتب السهرة التليفزيونية "الغرباء لا يشربون القهوة"، بالإضافة إلى مسلسلات "إلا الدمعة الحزينة" 1979، وليالي الحصاد"1977، "انتقام العزباء" 1974، ومسلسل الزوبعة.
محمود دياب وكيف أعاد مسرح السامر الشعبي
في أطروحته لنيل درجة الماجستير، يذهب الباحث العراقي «فاروق أوهان»، إلى أن: «لأمسيّات السمر، وفن السامر الشعبي تأثير وجداني، جسدهما مسرحيًا الكاتب محمود دياب، في مسرحية "ليالي الحصاد"، ففـي تقـديم ووصـف تأريخي، حول قيمة الاحتفال، والسمر، وفرش لأرضية أحداث المسرحية".
ويوضح "أوهان" عن مسرح السامر كما قدمه محمود دياب: «ولدخول السامر إلى فن السامر الشعبي المستجلب للمسرح ، تقوم شـخصية حسن الغاوي بتهيئة الجمهور، للخروج من جوهم، جو المدينة إلـى جو القرية الريفي».
فالمجموعة التي تسمر في ليالي الحصاد الصيفية، قد جاءت هنا لتنقل سمرها وفن سامرها معها، هي كل تلك الأحداث المشخصة عن الآخر الغائب، ومن خلال سيرته، أو الأحداث التي تعرضت له، ولا يتوقف ذلك عنده فقط، وإنما ينتقل إلي غيره، وإلي حكاية غيرها.
ويضيف «أوهان»: «ومـن خلال التقليد البريء إلى اللعب الجاد، لكن مجموعة الألعاب، تتركب لدى محمود دياب هنا، بعناية فائقـة، تحتـاج لممثل، هضم خصوصية فن الأداء المشرقي، بالتنقل من التشخيص، إلى الرواية، فالسلوك الشخصي لممثـل الدور ، وقد حرص المؤلف ــ محمود دياب ــ عـلى العنايـة بالتفاصيل، وخصوصًا علاقات الشخصيات ببعضها، فنسجها في مستويات متراكبة، من الحدث التاريخي، إلى الحدث المتخيل، إلى الرؤية للحدث، ومن أطراف أخرى، هي وجهة نظر، الرواة السامرين».
ليالي الحصاد تجسيد لمسرح السامر الشعبي
ويلفت الباحث فاروق أوهان، إلى أن :«مسرحية ليالي الحصاد"، هـي ببسـاطة قصـة البكـري الـذي يربي السنيورة، التـي تبناهـا، وعندما تشـب، يرعاهـا ولا يسـتطيع دونهـا الحياة ، وعلى الرغم من احترام أهالي القرية له، وخوفهم من قساوته؛ لأنه المداوي لهم حتي بطريقة الكي، فـإن سـيرته، وحياتـه وحـده مع الابنة المتبناة "سنيورة" ترد عـلى ألسـنة السامرين، لتلـك الليلـة المسرحية التي تمثل واحدة من الليالي السامرة في ليل القرية الصيفي فيفرز أبطالها وجهات نظرهم ونواياهم اتجاه سنيورة رجالًا ونساء فينتقل الإعجاب، وعذاب العاشقين على طول السهرة، إلى رفـض، وكراهيـة، ونبذ، وذلك عندما يوافق "البكري" على تـزويج سنيـورة لطالبيها، واحدًا تلو الآخر، منذ أن يرفضها أولهم، وبهذا لا تنكشف وحدها قصـة سنيورة كحقيقة، وإنما تتعرى من خلال ذلك نوايا الشخصيات، في حمى الليلة السامرية، وتتكشف النوايا، والمواقف في درس تعليمي، يحدد الفواصل، بين الاندحار والرضوخ، وبين الرفض والانتصار».
ويشدد «أوهان» على أنه: «ورغم أن محمود ديـاب، قـد وجد فـي دعـوة يوسف إدريس، فـي مسرحية الفرافير، طريقًا مسدودًا، إلا أنه اعتبرها تجربة فريدة، لا يمكن تكرارها لأن المسرح المصري أهم وأشمل، ولا يمكن لتجربة واحدة مـن استيعابه، ونقل قضاياه كلها، فدعوة إدريس، قد أوجدت لدى محمود دياب، الاعتقاد بالبحث عن لغة للتخاطب مع الناس، أكثر قـدرة عـلى الوصـول.
لذلك ترك بحثه عن الشكل وحده، واتّجه معه إلى الموضوع كما فعل فـي مسرحية "الزوبعة"، التي عالجت أحداثًا حصلت في إحدى القرى الشرقية، اكتشف عند عرضها في قرية كفر الشيخ، وبحضور أكـثر مـن عشرين ألف متفرج من الفلاحين، الشكل المصري الذي كان يبحث عنه لمسرحه وهو سامر الفلاحين».