«بنك السينما».. حلم المخرج أحمد بدرخان
ظل دائما غير راض عن حال السينما، وكان المخرج ونقيب السينمائيين أحمد بدرخان يرى أن السينما في أي بلد من بلاد العالم لا تنهض ولا ترتقي ولا تصل لمستوى رفيع إلا عن طريق دعامتين أساسيتين، أولهما هو المال والثاني هو العلم.
وكان بدرخان قد فكر كثيرا ثم اهتدى لحل يجعل السينما المصرية رائدة، وهو بنك السينما، طالب به بدرخان في عدة تقارير رسمية مكتوبة قدمها للمسئولين طوال عشرين عاما، وظل يطالب بها ويذكرها في كل حوار يجرى معه لصالح إحدى المجلات، وكان يتمنى أن يرى حلمه متجسدا، وكان بدرخان قد عايش تجارب أخرى لسينمات خارجية مثل السينما الإيطالية التي قامت على أكتاف "بنك السينما"، وأوصلها لمكانة رفيعة المستوى.
أما عن تفاصيل بنك السينما كما اراده بدرخان فهو يناقش فكرة المجازفة بضخ رأس المال لصالح الأعمال السينمائية بقوة، لان المنتجين كانوا يعتبرون تدخلهم في هذا المجال مجازفة، وبالتالي يأتي هذا على حساب العمل الفني، وذكر أن المنتجين لن يحجموا بأموالهم في حال إنشاء هذا البنك، حينها سوف يدفعون بنقودهم بقلب مطمئن، وبدون أي خوف من مستقبل الفيلم.
ظل هذا الحلم يراود مخيلة بدرخان كثيرا، أن يكون هناك بنك داعم ومختص للاعمال السينمائية، أن يشعر المنتجون أن هناك يدا تؤازرهم وتقف خلفهم، ويطمئن معه الفنانون ويدفع عجلة السينما من كبوتها لتكبر وتناطح اقوى سينمات العالم.
ورحل بدرخان بدون أن يتحقق حلمه او ان يفكر أحد في تكملة مشوار طلبه، وباتت السينما تعاني ولا زالت.
أما عن أحمد بدرخان فهو هو أحمد علي شاكر بدر خان، ولد في 18 أكتوبر عام 1909 في حي القلعة أحد أحياء القاهرة الشعبية، تحديدًا في منزل الأسرة الكبير رقم 18 شارع قره غول. وكان جده خورشيد طاهر باشا أحد القيادات العسكرية الأرناؤوطية الألبانية للجيش العثماني في مصر، وذلك إبّان حكم أبيه طاهر باشا الذي تولّى حكم مصر، واليًا عليها في بداية القرن التاسع عشر.
حصل أحمد بدرخان، على الشهادتين الابتدائية والثانوية من «مدرسة الفرير»، وبدأ تعلقه بالسينما وهو في الثانية عشرة من عمره، حيث كان يتردد كثيراً على دار سينما «الكوزمو» بشارع عماد الدين. وكان أحد أفلام شارلي شابلن الصامتة أول ما شاهده بدرخان من أفلام، فأعجب به كثيراً وأحب التمثيل من خلاله وبالتالي صمم على أن يظهر على الشاشة. وكانت صداقته بزميل الدراسة «جمال مذكور» والذي يشاركه نفس الهواية سبيلاً لإشباع هواية التمثيل لديه فكانا يترددان على «مسرح رمسيس» باستمرار لمشاهدة المسرحيات وحضور بروفاتها. وفي العام 1930م التحق أحمد بدرخان بمعهد التمثيل الذي أنشأه زكي طليمات إلاّ أنه لم يستمر بالدراسة فيه نظراً لإغلاقه.
وبعد حصوله على شهادة الكفاءة الفرنسية التحق بدرخان بالجامعة الأمريكية وشارك في نشاط فريق التمثيل والذي كان الفنان الكبير جورج أبيض تولى تدريبه. كما أن بدرخان نفسه قد كوّن فريقاً للتمثيل أطلق عليه اسم فريق الطليعة وقام بتمثيل دور البطولة في مسرحية الأديب التي قدمها على مسرح رمسيس.
بعدها التحق بدرخان بكلية الحقوق لدراسة القانون تلبية لرغبة والده وفي نفس الفترة بدأ في مراسلة معهد السينما في باريس حيث كانت تصله محاضرات ودراسات في السينما استطاع أن ينشر معظمها في مجلة الصباح والتي أسندت إليه فيما بعد تحرير قسم السينما الأسبوعي فيها وأوفد في أول بعثة سينمائية في باريس في العام 1931م وحصل على دبلوم في فن الإخراج.